أسامة ربيع: قناة السويس نجحت في استعادة 10 رحلات لخطوط ملاحية عملاقة    «تنظيم الاتصالات» يبشر «خشبة»: توصيل التليفون الأرضي والإنترنت خلال عام (فيديو)    كيف عاش الأمير النائم 20 عاما بلا طعام أو شراب؟    أحمد موسى: محاولات الوقيعة بين مصر والسعودية مصيرها الفشل    عندما يصبح القائد واحدًا من الجائعين.. ما دلالات التغير في جسد أبوعبيدة بين الظهور الأول والأخير؟    قائمة منتخب مصر لكرة السلة ببطولة بيروت الدولية الودية    الأهلي يوافق على انتقال أحمد عبد القادر إلى الحزم السعودي.. تعرف على قيمة الصفقة    سيدات "مسار" يخضن 3 وديات في المغرب استعدادًا لتصفيات شمال إفريقيا    وفاة عم رجل الأعمال محمد أبو العينين وكيل مجلس النواب    تشييع شقيقتين غرقا في النيل والبحث مستمر عن جثمان الثالثة    بالفيديو.. مي سليم ونسرين أمين ترقصان مع تامر حسني على أغاني ألبوم "لينا معاد"    ضوابط الإنفاق على الدعاية الانتخابية للنظام الفردي والقوائم بانتخابات الشيوخ    تنويه عاجل بشأن امتحان المتقدمين لشغل وظائف بالهيئة القومية للبريد    ذهبية وفضية لألعاب القوى فى البطولة الأفريقية بنيجيريا    تنظيم الاتصالات: التعويض الإضافي عن حريق سنترال رمسيس موجه للمتضررين فقط    سفير أمريكا لدى إسرائيل: الهجوم على كنيسة فلسطينية بالضفة عمل إرهابي    هدير عبد الرازق في قبضة الأمن بعد فيديو اعتداء طليقها عليها بالضرب    كشف غموض واقعة "رضيع المقابر" بعد إدعاء العثور عليه بقنا    استعدادًا لتشغيل شبكة القطار الكهربائي السريع.. استمرار تركيب القضبان في الخط الأول    عمرو أديب: لست موقوفا وأقضي أجازتي الصيفية    من مهرجان العلمين الجديدة.. ساحة U-Arena تفتح أبوابها للعالم    محمد رمضان يطرح أحدث كليباته من ضهر راجل    فستان جريء بفتحة ساق.. إليسا تستعيد تألقها في حفل زفاف نجل إيلي صعب    سلمى أبو ضيف بفستان ساحر.. ما سر ارتدائها اللون الأسود؟    أمين الفتوى: الرضاعة تجعل الشخص أخًا لأبناء المرضعة وليس خالًا لهم    بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يوضح أسباب الهجرة النبوية    رئيس جامعة الأزهر: الحج ورد في آيتين من سورة آل عمران لخصوصية التوحيد فيها    حسام حسن ل فيتو: أتمنى تطبيق تجربة مستشفى العجمي بجميع المراكز العلاجية في الجمهورية (فيديو)    متحدث «الصحة»: 2.8 مليون عملية جراحية مجانية ضمن مبادرة القضاء على قوائم الانتظار    توزيع 600 كرتونة غذائية و7 أطنان من السلع الأساسية للأسر الأولى بالرعاية بسنهور المدينة في كفر الشيخ    خل التفاح مفيد لصحة الكبد- إليك السبب    ألسن عين شمس تعلن فتح باب القبول ببرامج الدراسات العليا    مرتبات شهر يوليو 2025.. موعد وأماكن الصرف وجدول الحد الأدنى للأجور بعد الزيادة الجديدة    انتشال سيارة ميكروباص سقطت في رشاح شبرا هارس بالقليوبية    «المعلمين»: مشروع علاج لأعضاء النقابة بخصومات تصل 60%.. تفاصيل    أسامة نبيه يدفع بتشكيل جديد لمنتخب الشباب فى الودية الثانية أمام الكويت    جهاز المحاسبة الألماني يحذر من عجز محتمل في صندوق المناخ والتحول التابع للحكومة    تنويه عاجل من «التنظيم والإدارة» بشأن مستندات المتقدمين لوظائف هيئة البريد    التفاصيل المالية لصفقة انتقال راشفورد إلى برشلونة    قوات العشائر تسيطر على بلدة شهبا بريف السويداء    غلق 47 منشأة طبية مخالفة بالبحيرة وإنذار 24 أخرى    براتب 900 يورو.. آخر فرصة للتقديم على فرص عمل في البوسنة ومقدونيا    ليالي المسرح الحر تختتم الدورة ال20 وتعلن نتائج المسابقات    باحث: موسكو لا تسعى لصراع مع واشنطن والمفاوضات في إسطنبول مؤشر إيجابي    دعاء أواخر شهر محرم.. اغتنم الفرصة وردده الآن    دون إبداء أسباب.. روسيا تعلن إرجاء منتدى الجيش 2025 إلى موعد لاحق    ضبط 20 سائقًا يتعاطون المخدرات في حملة مفاجئة بأسوان (صور)    رئيس جامعة قناة السويس يوجه بسرعة الانتهاء من إعلان نتائج الامتحانات    هل يجوز للمرأة أن تدفع زكاتها إلى زوجها الفقير؟.. محمد علي يوضح    وزير الصحة يوجه بتعزيز الخدمات الطبية بمستشفى جوستاف روسي    ليلى علوي نجم الدورة 41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    وزير الكهرباء والطاقة المتجددة يتابع مستجدات الموقف التنفيذي لأعمال توفير التغذية الكهربائية لمشروعات الدلتا الجديدة    "بائعة طيور تستغيث والداخلية تستجيب".. ماذا حدث في المعادي؟    توقيع اتفاقيات تعاون بين 12 جامعة مصرية ولويفيل الأمريكية    هل خصم فيفا 9 نقاط من الإسماعيلي؟.. النادي يرد ببيان رسمي    أسعار اللحوم اليوم السبت 19-7-2025 بأسواق محافظة مطروح    خالد جلال: معالي يشبه الغندور وحفني.. وسيصنع الفارق مع الزمالك    سوريا وإسرائيل تتفقان على إنهاء الصراع برعاية أمريكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليست عناية ولا مركزة

لا أقصد بهذا المقال انتقاد الأطباء أو خلق رأى عام ضدهم، فأنا طبيب أفخر بانتمائى إلى مجتمع الأطباء. وكم شاهدت فى المستشفى الجامعى من تضحيات خفية وبطولات منسية! الأطباء الشبان الذين يتبرعون بدمائهم عدة مرات كل عام، ويبتاعون من مالهم الشحيح أدوية للفقراء.. لا يوجد أسمى من دفع الألم، أو تكون مأوى للمنهكين، ظلا للمساكين، ملاذا للمتعبين. لا شك عندى أن مجتمع الأطباء - فى مجمله - بخير، فى حدود إيجابيات وسلبيات مصر وطننا الكبير.
لكن هذا لا ينفى وجود مشكلة فى الرعاية الطبية، ينبغى أن نواجهها ونحاول حلها، خصوصا حينما يتعلق الأمر بقدس الأقداس «العناية المركزة».. وأنت بين الحياة والموت، قلبك يخذلك، جسدك تخلى عنك، أعضاؤك تعمل ضدك، وحياتك معلقة بالضمير المهنى، والتراحم والثقة. وأنت فى أوهن حالاتك لا تقدر على كشف الإهمال أو دفع الضرر.
والحكاية أن طبيبا قاهريا طلب منى ترشيح مستشفى خاص بطنطا لعلاج عمه الذى يقيم فى الأرياف وساءت حالته كثيرا فى الأيام الماضية. واستقر رأيى – بعد تفكير سريع - على مستشفى خاص باهظ الأجر، يعمل به زميل تربطنى به علاقة طويلة تسمح لى بالدلال والإلحاح فى طلب الرعاية.
فى العناية المركزة، أدهشنى أن الطبيب الشاب لم يسمع باسم صديقى قط، رغم أنه يعمل بهذا المستشفى منذ عشر سنوات كاملة، وسرعان مازال العجب حين عرفت أنها أول نوبتجية للطبيب الشاب فى العناية المركزة، بل فى المستشفى كله.
القنبلة الحقيقية كانت حينما اكتشفت أن هذا الطبيب الوحيد الموجود فى العناية المركزة، هو ببساطة طبيب امتياز فى فترة التدريب! اقشعر جلدى وكاد قلبى يتوقف عن الخفقان من هول المفاجأة، خصوصا أن مريضى كان فى لحظاته الأخيرة، عيناه تائهتان ترنوان إلى عوالم مجهولة، وعكارة النهايات تبدو بوضوح على ملامحه المتعبة، وتشنجات تغزو وجهه بالسرعة البطيئة، ثم تشخص عيناه ويتشنج جسده كله، بعدها يستعيد الوعى ناظرا إلينا فى توسل ووهن.
حاولت استدعاء صديقى، فقالوا إنها ليست نوبتجيته.. الساعة كانت تناهز الواحدة صباحا حينما سمعت طبيب الامتياز يتلو تفاصيل الحالة هاتفيا للاستشارى النوبتجى، ثم يكتب العلاج على ورقة صغيرة.
لم أصدق أن مريضا بهذه الخطورة فى العناية المركزة يمكن أن يتلقى علاجا دون أن يعاينه الطبيب المختص.. بسرعة اختطفت سماعة الهاتف وطلبت منه أن يحضر فورا، بصوت متعب رد بأنه سيراه فى الصباح التالى مباشرة، قلت له فى سخرية: «هذا لو ظل حيا حتى الصباح»!.
فى غضب متصاعد، اتصلت بمدير المستشفى وأخبرته أن هذا المريض حضر على مسؤوليتى، والذى سأفعله ببساطة هو أن أطلب من أهل المريض أن يسرعوا بنقل مريضهم لأن من يعالجه طبيب امتياز!
فى هلع، ناشدنى ألا أفعل ووعدنى بأن يحضر الاستشارى خلال عشر دقائق لا أكثر. فى الوقت المحدد بالضبط كان الرجل يدلف إلى العناية المركزة ناظرا إلىّ فى كراهية، عابس الوجه معتل المزاج، لكنه – للأمانة - حينما شاهد خطورة الحالة وتعقيدها جلس جوار المريض يحاول - فى صبر ودأب - فك شفراتها المعقدة.
حينما غادرت المستشفى آخر الليل.. رحت أتذكر تشنجات الرجل وهواء الليل البارد يحاول بلا جدوى أن يجفف دموعى المتساقطة.. أسئلة حائرة لم أدر جوابها: لماذا يخذلنا الوطن ونحن فى أوهن حالاتنا؟، ولماذا نقسو على بعضنا البعض إلى هذا الحد؟،
وما الشىء الغامض الذى يتحول معه الأطباء الرحماء إلى ماكينات جشعة لصنع النقود؟!
ولماذا يحاول مستشفى خاص، يربح الآلاف من العناية المركزة، أن يوفر النفقات باستخدام أطباء محدودى الخبرة على حساب أرواح بريئة، تصور أهلهم – حينما حملوهم إلى أغلى مستشفيات المدينة - أنهم قاموا بواجبهم خير قيام؟!
والسؤال الأهم: ما الذى يضمن لنا ألا نكون يوما فى موضع هذا المريض دون أن يفطن أقاربنا المنتظرون بالخارج.. وهل من المعقول أن ندقق فى تفاصيل يعتمد جوهرها على الثقة؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.