ما بين «القانون» و«الشارع» مسافة ملغمة بالعصابات المنظمة، و«زنى المحارم» المختبئ داخل العشش الصفيح!. مئات الكبارى: (فوقها: التسول يسابق السيارات الفارهة، وتحتها: أطفال احترفوا البغاء)!!. أنت فى قلب «القاهرة» بقسوته وتوحشه، بمؤسساته الرسمية والمدنية. بل أنت فى عاصمة بلا قلب، فرسانها يناضلون فى «الفضاء».. ثم يهربون إلى مساكن تنتهك الطفولة خلف جدرانها، فيما يتلهى الكبار بمضغ القانون، وبلعه بكوب من لعنات الفقر و«الفقراء» معاً!. هل سمعت عن تعديلات قانون الطفل؟ ربما. لكن المؤكد أنك رأيت آلاف الأطفال يحملون رضيعاً أو علبة مناديل ورقية (لا فرق)، ويقتحمون زجاج سيارتك (بغلاسة)، يطلبون «صدقة». ويقيناً، أحكمت إغلاق سيارتك، وتعجبت من شرطى المرور الذى لا يواجه المتسولين (على كوبرى 6 أكتوبر أو فى الأحياء الراقية). شاهدت، واستنكرت، فهل رق قلبك للشرطى، أم تحفزت لملامح الإجرام المنحوتة على وجه المتسول؟. (هناك عصابات تخطف الأطفال لتتاجر بأعضائهم، أو تبيعهم فى سوق البغاء)، مجرد موضوع لبرامج «التوك شو»، لأن الجريمة لم تقتحم منازلنا الحصينة بعد. لكن فى قرية «أبطوج»، بمحافظة المنيا، مظاهرات لأسر تحتج على تخاذل رجال الشرطة فى البحث عن الأطفال المخطوفين.
وفى عام 2008 هناك 200 قاصر هاجروا إلى إيطاليا دون ذويهم (هذا الكلام على مسؤولية «مشيرة خطاب» وزيرة الدولة للأسرة والسكان). أبشروا: لقد أصبحت مصر «فى مصاف الدول سيئة السمعة، واحتلت المركز الرابع فى الاتجار بالبشر بعد الصين والفلبين وبنجلاديش». إنها البيانات المتداولة فى الدورة التدريبية لضباط أمن الموانئ، التى نظمها المجلس القومى للطفولة والأمومة بالتعاون مع وزارة الداخلية. لكن إذا نظرت لظاهرة الاتجار بالبشر، بعيون وزارة الخارجية الأمريكية، التى أعدت تقريرها لعام 2009، ستكتشف أن مصر أصبحت بمثابة «دولة ترانزيت» للاتجار بالنساء!. نفس التقرير يشير لوجود حوالى مليون طفل شوارع من الجنسين يتم استغلالهم فى الدعارة والتسول القسرى، أو تجنيد بعضهم للعمل بالمنازل وبالزراعة (فى ظروف تماثل العبودية مثل عدم دفع أجورهم والتهديدات بالإيذاء الجسدى أو الجنسى)!!. فليحيا «القانون»، القانون القاصر عن مواجهة «السياحة الجنسية» و«سياحة تجارة الأعضاء»!. إذا كان حماة القانون (الأمن) يقفون إلى جوار المتسولين، دون أن يحركوا ساكناً، فهذا معناه أن القانون مجرد «ورقة معطرة»، تتداولها نساء الطبقة المخملية. وإذا كانت المظلة التشريعية لحماية الطفل لا تستند لإحصاء دقيق، وقاعدة بيانات حول «واقع الطفولة المشردة»، فلن يخرج عن كونه موضوعا للمناقشة، أو «طوبة» لإخراس المنظمات الدولية، التى تطالب مصر بتطبيق المواثيق الدولية التى وقعت عليها. كيف نتحدث عن رفع سن عمل الأطفال و«الفقر» يسعى كحية عمياء فى العشوائيات؟. لو كان المشرع، أو السفيرة «مشيرة خطاب» فى جولة داخل الأزقة والحوارى، لعرفوا أن هناك آلاف الأطفال فى ورش الحرف اليدوية.. كلهم: «بلية»!. الذى لا تتجاوز أحلامه «يومية» تشترى (العيش الحاف). «بلية» ضحية العشوائية الاقتصادية، والفساد ومافيا الاتجار بالبشر. «الأب الشرعى» لبلية، قد يكون باع «كليته» ليشترى (توك توك).. أو سافر «العراق» وعاد فى «نعش طائر».. أو سقط تحت أحجار «الدويقة» أو عجلات قطار التحرر الاقتصادى (!!). فى مجتمعات صُممت خصيصاً لحماية الأثرياء، لابد أن تنتشر أمراض الفقر، وأن تنضم شقيقة بلية لطابور البغاء (بإرادتها). فى هذا البلد ملايين الفقراء، يسددون فاتورة «حفنة مليارديرات» من أعراضهم وكرامتهم.. وأحياناً من «اللحم الحى». حتى أصبحت «الدعارة» هى الشكل الوحيد للتمرد على انعدام العدالة، فمقابل كل «بلية» ستجد «توتو» يبيع نفسه.. نكاية فى القانون.