وجدت نفسى... فى مكتب الدكتور نظيف، رئيس الوزراء تلبية لدعوته، وعندما بدأت رحلتى إلى القرية الذكية وأنا أقود سيارتى المسرعة أطلقت العنان لنفسى أفكر وأقول اللهم اجعله خيرا وعدت بذاكرتى عندما استقبلنى سيادته فى مكتبه بصحبة المهندس حسن صقر، حيث كنت رئيساً للاتحاد المصرى للإسكواش وذلك تقديراً للإنجاز الرائع غير المسبوق فى تاريخ الرياضة المصرية وأيضاً فى تاريخ رياضة الإسكواش بجميع دول العالم وهو فوز الفريق المصرى للإسكواش بالمركز الأول والمركز الثانى والمركز الثالث فى بطولة العالم الفردى، بالإضافة إلى فوز الفريق المصرى باللقب والمركز الأول فى بطولة العالم للفرق بعد انتصاره على الباكستان فى النهائى ورفع علم مصر فى نيوزيلندا أربع مرات متتالية وهو أمر أذهل العالم أمامى حيث كنت رئيساً للبعثة. وهو أمر يدخل بإعجاز فى موسوعة الأرقام القياسية (جينز ريكورد) وكان وقتها رقيق المشاعر أشعر برقة قلبه دون أن ألمسه شامخ القامة جعلنى دائماً أنظر إليه إلى أعلى، وشعرت بذلك من قوة قبضة يده الكبيرة فى السلام، إن الأمر جلل. وتذكرت هذا اللقاء المسجل بالصور التى أعتز بها فى تاريخى الرياضى وقلت أكيد اللقاء الثانى سيكون رقيقاً معى فقد تقدم بى العمر ولا أحتمل الآن غير الرقة والتقدير فقد حققت بأبطال مصر حلماً لا يمكن نسيانه على مر الأزمنة. وبادرنى: يا جلال أنا عايزك تعمل لنا دراسة «إزاى الشباب يحب الحكومة» لأن الشباب والفتيات هم عصب وقوة المجتمع وهم رجال ونساء «المستقبل»، ونحن لا نحتمل عدم رضاء الشباب علينا. وأحسست من نبرة صوته القوية أن الحكومة قاعدة شوية، واستطرد قائلاً: أنا عارف أن لك قبولا عند الشباب وسيصدقون كلامك ومفيش أحسن منك لأداء هذه المهمة. فتملكتنى النشوة والنخوة وقلت فى نفسى ماذا بعد أن يعطيك رئيس الوزراء هذه المكانة «البرستيج يعنى»، وقلت: الحقيقة لازم نعمل خطة قصيرة الأجل وأخرى طويلة الأجل لنصل بعد عشر سنوات قادمة إلى الهدف وهو أن كل الشباب يحب ويعشق الحكومة دى برئاسة سيادتك. ونقول للشباب كلمات رنانة نستلفها من الدكتور بطرس غالى، والجميع هيصدقه لأن نجاحاته نار مثل عجز الموازنة وقوة الميزان وسيولة المدفوعات وفائض العجز وعجز الفائض وفائض العمر من باقى العمر، ونعطيهم الأمل فى أن كل هذه الكلمات «الصعبة» سيتم فهمها وحلها تدريجياً لأنها الآن فوق مستوى تعليمهم. وكمان لابد أن نجد للشباب كثيرا من القدوة ونبعد عنه الرموز الكاذبة التى كلبشت دماغه ونبعد عنه تجار الدجل والخزعبلات على شاشات التليفزيون. معقول طالب كلية الطب يسمع عن أستاذه أنه يمارس الجنس فى عيادته مع مرضاه ومعقول طبيب المستقبل يرى أستاذه يأخذ مرتبه عن وظيفة تدريس بالجامعة ولا يذهب إليها لإنشغاله فى المستشفيات الخاصة تحت شعار «ابنى نفسك أولاً»، وهذا لا يحدث فى أى دولة فى العالم. وعندما وجدت الدكتور نظيف، لا يقاطعنى فاسترسلت وقلت: هل يعقل أن يرى الشباب الكادح الذى يحجز مسكنا متواضعا بالتقسيط مساحته 60 مترا فقط هو وأسرته بعض المكاتب للمسؤولين فى الإسكان بمساحة 900 متر مربع من باب «الفشخرة». يريد الشباب أن يرى وزيراً قدوة (ثابت على فقره) مستنير الفكر ليقترب من الشباب المطحون شكلاً وموضوعاً. وعندئذ وجدته يكتب شيئاً فى الأجندة فأطمأن قلبى وطلبت الإذن بالانصراف من هذا اللقاء التاريخى الممتع وخرجت لأجد الكاميرات والميكروفونات أمامى والشباب يهتف (يا جلال يا جلال خليك معانا كمان وكمان). وفى هذه اللحظة تلقيت «بوكس» أفاقنى من حلمى. بالمناسبة اسألوا الدكتور فتحى سرور، منبع التشريع فى مصر، هل الحلم معاقب عليه؟؟.. إحنا سألناه قبل كده وأكد لنا أن الحلم غير معاقب عليه.. «اطمئن بس مش أوى..».