شيخ الأزهر ورئيس سنغافورة يواصلان الضغط لوقف العدوان على غزة    تنمية المشروعات يشارك في معرض إفريقيا للامتياز التجاري    وهل يكفى الاعتراف بالدولة؟    رئيس سنغافورة وقرينته يزوران الجامع الأزهر    أحمد عبد القادر يعود لقائمة الأهلي لأول مرة هذا الموسم    أليو ديانج يوافق على تجديد عقده مع الأهلي.. جلسة بعد القمة لحسم التفاصيل    برشلونة يعلن إصابة فيرمين لوبيز ويحدد مدة غيابه    تفاصيل مخطط غسل 70 مليون جنيه حصيلة جرائم النصب    نيكول سابا تحصد جائزة أفضل ممثلة لبنانية في الدراما المصرية    من هم ال70 ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب؟ رمضان عبد المعز يوضح    في الخريف.. علامات تكشف إصابتك بحساسية الأنف    شرط جديد للحصول على رخصة قيادة أو تجديدها في مصر    أول رد من أرملة إبراهيم شيكا على رغبة وفاء عامر في استرداد شقتها    السفير سيف قنديل: النسخة الخامسة من منتدى أسوان ستضم دوائر رجال الأعمال والمؤسسات الإنسانية    بحضور وكيل الأزهر والمفتي ووزير الأوقاف.. نقابة الأشراف تُحيي ذكرى المولد النبوي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 22سبتمبر2025 في المنيا    حفل استقبال الطلاب الجدد بكلية العلوم جامعة الفيوم.. صور    البرلمان العربي: الهجوم الإرهابي على مسجد بالفاشر انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني    ضبط 13 مليون جنيه حصيلة الإتجار غير المشروع في النقد الأجنبي    المدينة التي يجتاحها جيش الاحتلال.. إطلاق صاروخ من غزة صوب مستوطنة ناحل عوز    عمرو سليمان: رؤية استراتيجية لسوق عقاري صلب ومتين    الرئيس السيسي يقرر العفو عن علاء عبد الفتاح و5 آخرين    وسط فرحة الطلاب.. محافظ المنوفية يفتتح مدرستين ببروى وبكفر القلشى للتعليم الأساسي    أحمد السيد: عماد النحاس الأنسب لقيادة الأهلي الفترة الحالية    ب256 مليون جنيه.. بدء التشغيل التجريبي لمحطة معالجة صرف صحي الكمايشة بالمنوفية    عبد الله السعيد: أتمنى تتويج منتخب مصر بكأس الأمم وجاهز للعودة إذا طُلب مني    طقس الإسكندرية اليوم.. أجواء معتدلة ودرجات الحرارة العظمى تسجل 30 درجة مئوية    20.9% تراجعا فى أعداد العاملين الأجانب بالقطاع الحكومي والقطاع العام- الأعمال العام خلال 2024    معهد بحوث الإلكترونيات يشارك في المؤتمر السابع للترابط العالمي للطاقة في بكين    عاجل- قراران جمهوريان بإنشاء منطقة جرجوب الاقتصادية وتخصيص أراضٍ للتنمية الصناعية    اللجنة المصرية لإغاثة أهالي غزة تتوصل لطفلي طريق الرشيد بغزة.. ووالدتهما: بشكر الرئيس السيسي    تأييد تغريم غادة والي 10 آلاف جنيه في سرقة رسومات فنان روسي    عميد معهد الفراعنة: اكتشفنا واقعة انتحال صفة رمضان صبحى بالامتحانات صدفة    استخدموا فيها أسلحة بيضاء.. «الداخلية»: ضبط أطراف «مشاجرة بورسعيد»    مصرع فتاة وإصابة 6 في تصادم ميكروباصين بطريق العوايد بالإسكندرية    ضبط 6 آلاف علبة جبنة فاسدة داخل مخزن خلال حملة تموينية في الأقصر    "البحوث الزراعية" ينظم المنتدى العلمي الأول حول تطبيقات الإدارة المتكاملة    إنجاز جديد لجامعة بنها بمؤشر نيتشر للأبحاث العلمية Nature Index    ب "التايجر".. ريم سامي تخطف الأنظار بإطلالة أنيقة    متحدث فتح للقاهرة الإخبارية: الاعتراف بالدولة الفلسطينية لحظة تاريخية فارقة    أمير كرارة: معايا صورة ل هنا الزاهد ممكن تدمرها لو نزلتها    بمشاركة نرمين الفقي وراجح داوود وإيهاب فهمي.. تعرف على لجان تحكيم مهرجان الغردقة الدورة الثالثة    هينسحبوا تمامًا.. 3 أبراج لا تقبل العلاقات السامة «التوكسيك»    بالصور - محافظ أسوان يتفقد 1540 مدرسة استعدادًا للعام الدراسي    رابط التقديم على وظائف بنك مصر 2025 لخدمة العملاء.. متاح الآن بدون خبرة    بيراميدز بالزي الأساسي أمام أهلي جدة في الإنتركونتيننتال    العوارى: ما يحدث للأبرياء من تدمير منازلهم لا يمت بصلة للأخلاق التي جاء بها الأنبياء جميعا    "طلاب من أجل مصر" ترحب بدفعة طب الجديدة بجامعة بورسعيد الأهلية (صور)    رئيس جامعة القاهرة يتلقى تقريرا عن مؤشرات الأداء بمستشفيات قصر العيني    وزارة الصحة: تقديم 17 ألف خدمة طبية في طب نفس المسنين    تحذير من أدوية البرد للأطفال دون وصفة طبية    تزامناً مع بدء العام الدراسي.. حملات لتطعيم الطلاب ضد الالتهاب السحائي في الشرقية    أكثر اللاعبين حصدا للكرة الذهبية عبر التاريخ    موعد أذان الظهر ليوم الإثنين ودعاء النبي عند ختم الصلاة    بعد الظهور الأول لهما.. ماذا قال ترامب عن لقائه ب ماسك؟    الدوري المصري بشكل حصري على "أبليكشن ON APP".. تعرف على طريقة تحميل التطبيق    خلال لقائه مع نظيره الكويتي .. وزير الخارجية يؤكد رفض مصر القاطع لأي محاولات للمساس بأمن واستقرار الخليج    أحمد العوضي: لو هتجوز مش هقول.. ومشغول بمسلسل «علي كلاي» لرمضان 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مزامير النبى داوود.. وأحزان الرئيس

انتابنى شعور عميق بالحُزن فى الأسبوع الماضى لدى سماع خبر وفاة الطفل محمد علاء حُسنى مُبارك. وصاحب هذا الحزن شعور إنسانى بالتوحد مع والديه وجدته وجده، والذين عرفتهم جميعاً، بدرجات مُختلفة. كما أن الطفل الفقيد كان زميلاً وصديقاً، هو وشقيقه عُمر لحفيدىّ لارا وسيف الله نبيل إبراهيم فى المدرسة الإنجليزية الحديثة إلى عام مضى. وكثيراً ما قابلت الطفلين ووالديهما فى حفلات تلك المدرسة.
وقد تزامن وصول خبر وفاة الطفل مع اجتماع لرؤساء المنظمات المصرية فى أمريكا الشمالية، للتخطيط لمُظاهرة احتجاجية، أمام البيت الأبيض فى واشنطن، عند زيارة الرئيس محمد حُسنى مُبارك للولايات المتحدة المُقرر له 26 مايو 2009. وكانت تلك المنظمات قد اجتمعت فى 28 فبراير، وصاغت خمسة مطالب، أرسلتها للرئيس مُبارك، لكى يبدأ فى تنفيذها مُنفردة أو مُجتمعة، وإلا فإنهم سيتظاهرون ضده. ولم تخرج تلك المطالب عن تلك التى تُجمع عليها الحركة الوطنية المصرية، منذ عدة سنوات.
وفى مُقدمتها إلغاء قوانين الطوارئ، وحُكم القانون واستعادة القضاء لاستقلاله، والإفراج عن المُعتقلين والسُجناء السياسيين، والكف عن مُطاردة المُعارضين من أصحاب الرأى والضمير، وإقرار مشروع القانون الموحد لبناء دور العبادة، والذى يُعامل المسيحيين والبهائيين والشيعة أسوة بإخوانهم من المُسلمين.
وحيث إن النظام لم يكن قد تحرّك لتلبية أى من هذه المطالب، رغم مرور ثلاثة شهور، فقد كان رؤساء المنظمات المصرية فى أمريكا، فى حالة قصوى من التعبئة والتحفز للمُظاهرة الاحتجاجية الموعودة.
وبدأ كل منهم يستعرض تفصيلات الحشود والتجمعات التى ستسهم من جانب مُنظمته فى تلك المُظاهرة، التى حصلوا على تصريح بها من شرطة العاصمة واشنطن، لعدة ساعات من يوم 26/5، والذى حدد مكان التظاهر ضوابطه، بحيث لا تعوق المُظاهرة سير الحياة الطبيعية لبقية المواطنين الأمريكيين فى المدينة.
ولكن لدى إعلان خبر الوفاة، أصيب المجتمعون بالوجوم. بعد لحظات اقترح أحدنا إرسال برقية عزاء ومواساة لأسرة الرئيس، ثم تأجيل الاستمرار فى مُناقشة المُظاهرة ليوم أو يومين، لمعرفة ما إذا كان الرئيس مُبارك سيأتى أم سيؤجل الزيارة لواشنطن، مُكتفياً بلقاء الرئيس أوباما فى القاهرة، يوم 4 يونيه 2009.
وبصرف النظر عما سيُقرره رؤساء مُنظمات المصريين- الأمريكيين، بالتظاهر من عدمه، إلا أننى أكبرت المظهر الحضارى النبيل لهم تجاه رئيس وطنهم الأم وأسرته، رغم غضبهم من مُعظم سياساته ومُمارسات أجهزته. وقد استوقفنى ضابط الشرطة المصرى السابق عُمر عفيفى والمُحامى اللاحق، واللاجئ السياسى الحالى، وسألنى كيف تجاوزت أو نسيت ما فعله النظام معى فى تلك اللحظات؟
ولم أجد رداً لسؤاله غير استحضار أحد مزامير النبى داوود، التى يقول فيها:
نعم، هناك وقت لكل شىء.
هناك وقت للأحزان، وهناك وقت للأفراح.
هناك وقت للغضب، وهناك وقت للصفح.
هناك وقت للحرب، وهناك وقت للسلام.
هناك وقت للحب، وهناك وقت للبغض.
وهكذا فهناك الوقت لكل شىء، والأزمان دائماً تتغير!.
إن هذا المزمار الجميل من مزامير النبى داوود هو تعبير مُفصّل عن القول العربى المأثور «إن دوام الحال من المُحال». أو ما يُقال لمن يتمسكون بالسُلطة «لو دامت لغيرك، ما أتت لك»، فهى كما يقول الكتاب الحكيم «إنها دول نتداولها بين الناس».
ولا أظن أن تجاوزى شعورياً فى لحظة وفاة الطفل عما فعله النظام بى، من سجن ومُلاحقة وتشريد، كان شيئاً فردياً، بل إن التجاوب الآنى لرؤساء المُنظمات المصرية- الأمريكية بتأجيل مُناقشة المُظاهرة الاحتجاجية، يعنى أن هناك تقليداً عميقاً غرسه فينا أجدادنا المصريون، يجعل للموت هيبة وخشوعاً.
وفى ذلك لا فرق بين مُسلم وقبطى أو شيعى وبهائى. كذلك تختفى أو تتلاشى فى لحظات الموت أى مشاعر بالشماتة أو التشفى، وقد عمّق الدين فينا مشاعر الخشوع تلك، بتذكيرنا أن الموت علينا حق.
وإذا كان ذلك هو حال المصريين وثقافتهم الجنائزية منذ الفراعنة، وعمّقتها فيهم المسيحية، ثم الإسلام، نحو الموت عموماً، فإن الأمر يكتسب معنى أكبر وأعمق حينما يأتى هذا الموت قبل «الأوان». وربما نتساءل هل للموت «أوان»؟، ألم يذكر لنا كتابنا الحكيم أن الموت هو أحد أمور الغيب التى لا يعلم أوانها أو مكانها إلا رب العزة والإكرام؟.
نعم، ولكن درجنا جميعاً على توقع أن البشر يولدون، ويشبّون، أطفالاً، ثم صبية وبناتاً، ثم رجالاً ونساء، ويتزاوجون، ويُنجبون، ويكبرون، ثم فى نهاية هذه الدورة ينتقلون إلى جوار ربهم.
فإذا ما أصابت المنيّة إنساناً فى طفولته أو شبابه، أو حتى فى مُقتبل رجولته، أى قبل اكتمال دورة حياته، فإننا نقول إنه «توفى قبل الأوان». وتكون اللوعة عليه فى هذه الحالة أكبر، والحزن عليه أعمق، والتعاطف مع أهله وأقربائه وأصدقائه أشمل. وهذا هو الحال مع الصبى محمد علاء حُسنى مُبارك، الذى لم يكن قد تجاوز الثالثة عشرة من عُمره، وكان مُعافى وسيماً، مليئاً بالنشاط والحيوية وحُب الحياة.
لقد تذكرت أننى تحدثت عن حفيدىّ الرئيس «محمد» و«عُمر» علاء مُبارك فى مُناسبتين سابقتين فى مقالين لى فى هذه الصحيفة. كانت الأولى بعنوان "حديث الأحفاد على شواطئ البسفور" (11/8/2007)، والثانية فى مُقابلة مع الصحفية النابهة أميرة عبدالرحمن (6/5/2009)، سألتنى فيها عن الرسالة التى أرغب فى توجيهها للرئيس مُبارك فى عيد ميلاده الحادى والثمانين.
وكانت الرسالة هى «تمنياتى للرئيس مُبارك بطول البقاء، ولكن خارج السُلطة، حتى يستمتع بأحفاده». فليعوضه الله عن فقد أكبر هؤلاء الأحفاد والذى كان الأكثر ارتباطاً به، وليجد الرئيس فى الاستمتاع بحفيده عُمر تعويضاً ولو جزئياً عن رحيل شقيقه محمد علاء مُبارك قبل الأوان.
وأقول لحفيدىّ «لارا» و«سيف» عزاء من القلب لفقد صديقهما محمد، وليُدركا أن هناك «جنّة» يدّخرها الله عز وجل لمن ينتقلون إلى جواره وهم فى طفولتهم وصباهم، وهى «جنّة الأعراف». فليدخلها صديقهما محمد، آمناً، بنفس مُطمئنة، وليلهمهما الله عز وجل مع شقيقه عُمر، ووالديه وجديه، الصبر والسلوان.
آمين
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.