فى 21 نوفمبر من عام 2006، وبينما هو على فراش المرض، وبعدما شعر بدنو أجله أملى الجاسوس الروسى ليتفينينكو وصيته على صديقه «أليكس جولد فارب»، وجاء فى بعض منها: «أحسبنى أسمع بوضوح تام دقات أجنحة ملاك الموت، أظن الوقت قد حان.. لأقول شيئاً لهذا الذى يسأل عن وضعى الراهن.. لربما نجحت أن تسكتنى، لربما نجحت أن تخرسنى ولكن للسكوت ثمناً.. ثمناً يدفع وقد دفعتموه حين ارتديتم ثياب البربرية، ثم دفعتموه مجدداً حين دنا بكم للقاع، للمستوى الذى قبعتم فيه قساة متبلدى الإحساس وأثبتم معه صدق كل كلمة قالها أعداؤكم وناقدوكم، إنكم تفتقدون كل احترام للحياة والحرية، تماماً كما تعوزكم قيم الحضارة. ما قط استحققتم مناصبكم ولا مسؤولياتكم، ولا ثقة المتحضرين، لربما نجحتم أن تسكتوا رجلاً واحداً ولكن عواء الثوار والأحرار حول العالم سيدوى حتما سيدوى ويزلزل الأرض» هذا هو الجاسوس الروسى ألكسندر ليتفينينكو المولود فى الرابع من ديسمبر عام 1962 فى فورونيتش فى الاتحاد السوفيتى، وعمل لدى الاستخبارات الروسية فى مجال مكافحة «التنظيمات المسلحة» فلما توقف عن العمل لدى الاستخبارات الروسية تحول إلى مناهضتها، ليس هذا فحسب، وإنما قام بفضح ممارساتها غير القانونية بالتواطؤ مع الملياردير الروسى بوريس بيريزوفسكى. وكان ليتفينينكو قد تم اعتقاله عام 1999، ثم أطلق سراحة لاحقاً بعد أن وقع وثيقة تمنعه من مغادرة الأراضى الروسية، ثم هرب بعدها إلى بريطانيا، وفيها أطلق اثنين من أشهر كتبه التى فضحت ممارسات المخابرات الروسية، منهما كتابه «تفجير روسيا» الذى قال فيه إن المخابرات الروسية هى التى قامت بعمليات تفجير فى روسيا لتحريض الشعب على الشيشان، وحين أغتيل فى مثل هذا اليوم 23 نوفمبر عام 2006 عن طريق تسميمه بمادة البولونيوم 210 المشعة، بدأ التحقيق، وأشيع أن الفاعل هو الاستخبارات. وفى أواخر يناير عام 2007 كانت الشرطة البريطانية قد كشفت أن الجرعة القاتلة من المادة المشعة التى عثر عليها فى أمعاء الجاسوس الروسى السابق ألكسندر ليتفينينكو دست له فى الشاى الذى احتساه فى فندق «ملينيوم» بوسط العاصمة البريطانية «لندن»، وأن الشرطة وضعت الجاسوس الروسى السابق أنرى لوكوفوى على لائحة الاتهام، لكنها لم تمتلك الأدلة الكافية. وكان لوكوفوى التقى بليتفينينكو فى أول نوفمبر 2006، وهو اليوم الذى شعر فيه ليتفينينكو بإعياء نقل على أثره إلى المستشفى، ولما توفى أقيمت له صلاة الغائب فى الجامع الكبير بوسط لندن بعد أن أعلن والده أن ابنه ألكسندر كشف له أنه اعتنق الإسلام قبل يومين من وفاته، وأنه طلب أن يدفن وفق الشعائر الإسلامية.