«يوما بنينا قصور المجد شامخة.. والآن نسأل عن حلم يوارينا»، هكذا قال الشاعر فاروق جويدة فى قصيدة «مرثية حلم»، حزنا على غياب الحلم القومى الكبير وانكماش تطلعات الشعب المصرى من «حلم السد» إلى «حلم الستر» ومن أحلام التحرير وبناء النهضة إلى الحصول على رغيف فى طابور العيش و«شغلانة بمرتب حلو»، أو بالكتير جهاز البنت وجواز الولد، وفى الأحلام العامة صار أكبر أحلامنا حلم المونديال.. والذى بدأ بحلم تنظيمه الذى تحطم على «صخرة الصفر» وانتهى بلوثة الرغبة فى الفوز على الجزائر ومجرد الوصول لكأس العالم بعد 30 سنة من الغياب!! ماذا حدث لأحلامنا؟، وكيف تحول بناة الأهرامات إلى بناء عشش الصفيح والبكاء فى طوابير الحديد والأسمنت. يقول أحمد رجب- طالب بكلية الحقوق- لا أحلم بأكثر من التخرج والزواج، لأن الظروف لا تساعد على الحلم «بحاجات كبيرة وكويسة» ، فلكى أحلم بكل شىء وأنا مطمئن على تحقيقه يجب أولا أن أحلم بتغيير حال البلد لتصبح المنظومة أفضل وتقبل أحلام أبنائها وهذا هو المستحيل بعينه. تقتصر أحلام لمياء أحمد الطالبة بكلية الآثار على التخرج لتتفرغ للدخول لعش الزوجية مع خطيبها و«كده رضا قوى» بحسب قولها. حلم سلوى رياض- موظفة بجامعة عين شمس- هو الستر فى الدنيا والآخرة، وأن نوفر القرش الذى يكفى حاجتنا لأنه «مبقاش موجود». أما محمد يوسف- كيميائى بأحد المعامل- فيقول: أحلم بالسفر واستكمال الدراسة فى الخارج حيث إمكانيات البحث العلمى والحياة الأفضل. الحاج محمد عبد اللطيف: أحلم بأن أكمل رسالتى مع أبنائى الثلاثة فأعلمهم أحسن تعليم وأطمئن عليهم «قبل أن أموت». تقول دكتورة مديحة الصفتى، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية: هناك تغيير كلى حدث فى المجتمع بسبب الوضع الأقتصادى السيئ وطغيان المادة على حياة المصريين وقلقهم الدائم على «لقمة العيش» كل ذلك جعل الأولويات تتغير فأصبحت الأحلام القومية مختزلة ومقزمة، تتمحور حول كيفية توفير أساسيات المعيشة ولم يعد هناك مجال لأى أحلام كبرى وكل ذلك حدث بشكل تراكمى خلال العقدين الأخيرين، والحلم القومى كان دائما ساترا ودرعا يحمى المجتمع من الاندفاع للجرائم والتى أصبحت منتشرة لغياب الانتماء.. ترى هل ولى زمن الأحلام الكبيرة؟!