قولوا يا رب نفوز غدا فى مباراة الجزائر من أجل أن يفرح هذا الشعب الذى تكالبت عليه الهموم مثل تكالب الأكلة على القصعة، وتآمرت عليه الحكومة من كل اتجاه حتى اتهمته بالنكد والكآبة. قولوا يا رب نفوز لكى نفرح ونبدد سحابات الكآبة والحزن ونزيل آثار عدوان مؤتمر «من أجلك أنت» وننسى- ولو مؤقتا - ما يفعله السفهاء فينا من تبديد وإهدار وفساد ذمم وانهيار أخلاق. قولوا يا رب من أجل وصية مصطفى، الطفل الطهور الذى اغتالوا براءته وبسمته، وراح ضحية الإهمال واللامبالاة ولفظ أنفاسه وهو يتمنى أن تصل مصر إلى كأس العالم المقبلة، ومن أجل ابتسامة أطفال غابت وانزوت حزنا وكمدا عليه. قولوا يا رب من أجل أن يستمر منتخب الساجدين.. صانع السعادة الحقيقى فى إكمال مشوار الفرحة والبهجة للمصريين بعد أن فقدوها سنين عددا، وفقدوا الأمل فى العثور عليها بداخلهم أو فيما يدور من حولهم بعد أن تقطعت بهم السبل مع الحكومات الوطنية الرشيدة، وتاهوا فى دروب تخبطها وفسادها وذهاب عقولها، فتشبثوا بأقدام لاعبى منتخب مصر وشربوا من نخب انتصاراته لعلهم يتناسون ولو قليلا واقع حياتهم المريرة. نعم ندعو أن يفوز منتخب مصر فى مباراة غد السبت من أجل فرحة وسعادة حتى لو كان مصدرها مجرد مباراة لكرة القدم، ولكنها ليست ككل المباريات وليختلف معنا من يختلف.. ولم لا؟ فنحن نفتح أعيننا كل يوم فلا نرى من حولنا سوى جبال الهموم وركام الألم والفاعل معلوم وجلى ولا أحد يحاسبه أو يلومه، فلم يتبق لنا سوى الكرة والأقدام حتى نفرح معها ونذيب فيها الهم ونمحو بها الشجن، حتى لو كان هذا الفرح نوعا من التغييب فأهلا به ومرحبا. نتمنى أن نفوز ولكن دون عصبية وجاهلية وعبث صبيان ومراهقة إعلامية هنا أو هناك، ودون أن نخسر أشقاء لنا أو يخسرونا.. نستقبلهم بكل ود وحب، ونتنافس معهم منافسة كروية شريفة ونفوز عليهم، ونتمنى لهم حظا أوفر إذا خسروا ونبارك لهم بروح رياضية إذا فازوا. نتمناها ليلة فرح مصرية عربية بعقول وأقدام أبناء المعلم حسن شحاتة، وبرجولة وأقدام وشجاعة زيدان وأبوتريكة وبركات وزكى ومتعب ومعوض وفتحى والحضرى والسقا وأحمد حسن وحمص وعبدربه. كلنا ثقة فى هؤلاء اللاعبين وقدرتهم على تحمل المسؤولية لإسعاد شعب بأكمله مثلما فعلوا من قبل فى أمم أفريقيا 2006 و2008 وفى كأس العرب وكأس القارات بعزيمة الرجال وصلابة الأبطال فى مواجهة المحن والشدائد. كلنا ثقة فى أن استاد ناصر- القاهرة حاليا - سيعيد مع الآلاف المحتشدة فيه سيرته الأولى عندما انفجرت فيه ينابيع الفرح فى نوفمبر 1989 بالفوز أيضا على فريق الجزائر وتحقق حلم الوصول للمرة الأولى – الحقيقية - إلى كأس العالم فى إيطاليا 90 بقيادة كتيبة الجنرال محمود الجوهرى. كل ما نتمناه أن يستعيد لاعبو مصر ذكريات صولاتهم وجولاتهم فى ذات المكان فى 2006، وفى غانا 2008، وأمام البرازيل وإيطاليا فى كأس القارات الأخيرة، وفى هذه الحالة أقول بكل ثقة سوف نفوز ونصل إلى الحلم الذى طال أمد تحقيقه 20 عاما للوصول إلى كأس العالم فى جنوب أفريقيا. نتمناه فوزا مصريا أبيض ونظيفا لا تشوبه أو تشوهه خروجات غير أخلاقية وهتافات غير حضارية ضد إخوة وأشقاء هبطوا آمنين فى أحضان الشقيقة الكبرى.. مصر.. قولوا يا رب.