يسألنى كثير من الناس عن اللغة التى أكتب بها المقالات، فهى ليست عامية خالصة وليست عربية فصحى.. ومن منبرى هذا أجيب أننى أكتب بلغة قلبى.. وكيفما يخرج الكلام من قلبى أكتبه كداهو.. وقد تكون أقرب للعامية الفصحى.. ورغم عشقى للعربية الفصحى وشغفى بأشعار فاروق جويدة الذى أعتبره أحلى واجهة للغة العربية، ورغم ولعى باللهجة اللبنانية، وطربى مع اللهجة السورية وعدم فهمى المطلق للهجة الخليجية فإننى أرى أن لهجتنا المصرية فريدة وغنية، ليس فقط على مستوى اللهجات العربية الأخرى، ولكن على مستوى اللغات الأجنبية أيضا.. على سبيل المثال هناك كلمات فى عاميتنا تجدها مختصة بمعنى واحد دون غيره، بينما لو بحثت عن مرادف لها فى اللغات الأخرى ستجد المرادف عبارة عن كلمة تستخدم لمرادفات أخرى كثيرة، وربما تجد المرادف الأجنبى مكوناً من كلمتين مركبتين، وهذا فى رأيى يدل على عجز فى اللغة.. فمثلا تأمل معى عزيزى القارئ كلمة «إسفين».. هذه الكلمة بكل المقاييس تعتبر إعجازاً فى لغتنا العامية.. أولا، لخصوصية المعنى، ففى اللغة الإنجليزية مرادف تلك الكلمة هو كلمة trap والتى يمكن أن تعنى «مصيدة» أو «مزنق» أو مقلب أو مجرد موقف صعب حسب سياق الجملة، وبالتالى ليس هناك خصوصية للمعنى.. أما عندنا فكلمة «إسفين» لا تعنى إلا الإسفين مفيش غيره!.. ثم نأتى لثانى أسباب الإعجاز فى الكلمة وهو الحروف التى تشكل كلمة «إسفين».. فعندك حرف الألف يمثل سعادتك، وإنت ماشى مش واخذ خوانة، بدليل أن حرف الهمزة تحت مش فوق، ثم يأتى حرف السين والفاء من الحروف السريعة السلسة كناية عن سرعة الحدث وبراعة المؤسفن وسذاجة المتأسفن، ثم يأتى حرف الياء كناية عن عملية التكعور والزحلقة التى تحدث لك والتى ستسلمك سريعا إلى حرف النون الذى يمثل الحفرة التى ستقع فيها ما إن يكتمل الإسفين.. شفت العبقرية اللغوية؟.. وهناك أيضا كلمات تشتق من أفعال تغنيك عن الخوض فى شرح المعنى مثل كلمة «ضرائب» أو «ضريبة»، إذا دققت فيها ستجدها مشتقة من الفعل «ضرب».. وطبعا الغرض مفهوم وواضح، وإن كان هذا الاسم فى الاستخدام اليومى ينقصه بعض التفاصيل، فنحن إذا كنا اتفقنا على أن الضريبة من الضرب فلابد أن يكتمل المسمى، فمثلا نقول ضريبة القفا العقارية، فبهذا يتحدد أين يتم الضرب بالضبط كما يتحدد الهدف من الضريبة.. وهكذا.. وكذلك كلمة «رشح» إذا تأملت فيها ستجد حرف الراء أشبه بالكرسى، وطبعا مفهوم ما هو الكرسى الذى نتحدث عنه، ثم تجد حرف الشين بثلاث سنون كناية عن عدد الخطوات اللازمة للعملية الانتخابية: طلب رسمى من مرشح ثم حملات انتخابية ثم تصويت.. وتختتم الكلمة بحرف الحاء، وهذا الذيل الطويل لحرف الحاء فى آخر الكلمة كناية عن حبل غسيل مايكونش طويل سيعلق فيه المرشحون واللى ما يشترى يتفرج.. ويمكنك أيضا أن تضم الحرفين الأخيرين من الكلمة فيصير عندك كلمة «شى حا» وهى تمثل وجهة نظر الحكومة فى أى مرشح من خارج الحزب الوطنى. [email protected]