بعد السير فى شوارع العجوزة الراقية بعماراتها الفاخرة، تصدمك فجأة منطقة «الحيتية» الفقيرة بعشوائيتها الشديدة ومساكنها المتهالكة. هناك، تجلس «أم عايدة» عند مدخل الحيتية خلف مستشفى الشرطة، تبيع الخضار للسكان بالأسعار «العادية» بعيداً عن الغلاء الذى يسيطر على العجوزة، تغطى بضاعتها بالصوف المبلل للحفاظ على نضارتها من ناحية، وإبعادها عن «عيون» البلدية من ناحية أخرى. «أم عايدة» تقول: «منذ سنوات أبيع الخضار فى المنطقة.. ومنذ سنوات تقوم البلدية بالاستيلاء عليها». وتبرر إصرارها على متابعة البيع فى المنطقة بأن أسعار الخضار والفاكهة فى العجوزة مرتفعة، وهناك ناس كثيرون يأتون ليشتروا منها، خاصة أهالى الحيتية «اللى على قد حالهم». وما إن تدخل إلى الحيتية تواجهك نقطة شرطة، ويبدو على المكان التجديد بعد أن تمت إزالة العشش من المكان، وطلاء الحوائط. ومن زار الحيتية قبل ذلك بالتأكيد لن يصدق التغيير الذى حدث فيها بسبب «زيارة واحدة» لجمال مبارك لمركز شباب «الحيتية» الذى أسس خصيصاً لاستقبال أمين السياسات، وهى الزيارة التى استغرقت أقل من ساعة. وتقول «أم أشرف»: «المكان هنا مهمل مش زى بقية العجوزة، فإذا ضربت بلاعة ولا حاجة إحنا اللى نتصل ببتاع المجارى، وكل شقة تدفع 2 جنيه ولاّ حاجة.. ونصلحها، ولو اشتكينا للحى ماحدش هايعبرنا، لأننا تقريباً مش محسوبين عليهم. وفجأة جاءت إحدى السيدات صارخة: «يا جماعة خدوا بالكم، البلدية جاية فى الطريق.. دول لموا بضاعة أم عايدة».. هكذا يعيش أهالى الحيتية، بين الحين والآخر ينبهون بعضهم البعض إلى البلدية. وكما يقول الحاج أمين: «إحنا عايشين صحيح فى العجوزة، بس دى عجوزة تانية خالص، قعدوا يجددوا ويدهنوا الحيطان وينظفوا الشوارع لما جمال مبارك جه يزورنا غير كده ماحدش بيبصلنا.