لا توجد فى العالم علاقة مزرية بين السينما والدولة كما هو الحال فى مصر اليوم. وزارة الاستثمار تحصل من وزارة الثقافة على كل مؤسسات البنية التحتية لصناعة السينما التى كانت قطاعاً عاماً، وتؤجرها لشركات خاصة، وكأن إيجارها من الأمور التى تعجز عنها وزارة الثقافة، والتى تملك وتدير وتؤجر مؤسسات الفنون الأخرى وهى المسرح والموسيقى والفنون التشكيلية! ولم تكتف وزارة الاستثمار بذلك، ورغم فشلها فى إدارة تلك المؤسسات، حتى إن تحميض وطبع الأفلام المصرية فى أوروبا أصبح من الأمور العادية كما كان الأمر فى الثلاثينيات من القرن الميلادى الماضى، وإنما اشترت من وزارة الثقافة الأفلام التى أنتجتها، وبمبلغ ضئيل باعتبارها «عهدة دفترية» أى عهدة تستهلك مع مرور الزمن! واشترت من وزارة الثقافة سينما معهد السينما لتهدم وتحول إلى مول! واشترت من وزارة الثقافة أرض حديقة المعهد لإنشاء مول آخر، وفى الدور الأرضى منه يقام أرشيف الفيلم القومى ليصبح أعجوبة أراشيف الدنيا، وقد ترجم مجمع اللغة العربية كلمة سينماتيك «دار السينما» على غرار «دار الكتب» لأنه لا يوجد فرق بين حفظ وترميم الأفلام وحفظ وترميم الكتب فى كل دول العالم، ولا علاقة بين الاستثمار ودار الكتب أو دار السينما! واكتمل الهزل بإعلان وزارة الاستثمار عن «مناقصة» لإنتاج أفلام تسجيلية عن كبار رجال ونساء الاقتصاد المصرى قبل التأميم والحراسات ونزع الملكيات، منهم الفنان الراحل محمد فوزى مؤسس ستوديو «صوت القاهرة» للتسجيلات الصوتية، والهزل ليس فقط فى إنتاج أفلام عن طريق «مناقصة»، بعد شراء الأفلام باعتبارها «عهدة دفترية»، وإنما فى أن الحكومة هنا، حرفياً، تقتل القتيل وتمشى فى جنازته، فقد مات محمد فوزى كمداً بعد تأميم الاستوديو الذى وضع فيه كل ما يملك، ولاتزال الحكومة تديره، ولكنها من ناحية أخرى تريد أن تنتج فيلماً لتخليد ذكراه! وإذا كانت هذه العلاقة المزرية بين الدولة والسينما فى مصر توجد وعلى رأس وزارة الثقافة «فنان» مثل فاروق حسنى، وعلى رأس وزارة الاستثمار «مثقف» مثل الدكتور محمود محيى الدين، الذى أقرأ له تحليلات عميقة فى دوريات رصينة، فكيف تكون العلاقة بين الدولة والسينما عندما يتولى وزارة الثقافة ووزارة الاستثمار من يكفرون السينما ويرونها من عمل الشيطان! [email protected]