كان من أهم ما أسفر عنه لقاء الرئيس حسنى مبارك مع هذه النخبة الرائعة من الممثلين والممثلات فى مصر يوم الثلاثاء الماضى، وفى حضور وزيرى الثقافة والإعلام، استجابته لطلب الفنان الكبير محمود ياسين إعادة شركات السينما الحكومية من دور عرض واستديوهات ومعامل، وما تملكه وتوزعه من أفلام إلى وزارة الثقافة، وكذلك شركة الصوت والضوء التى تقدم عروضها فى الآثار الفرعونية. وكما جاء فى تقرير جريدة «الجمهورية» يوم الأربعاء عن اللقاء «قام الرئيس مبارك بتكليف وزير الثقافة بتنفيذ ذلك فوراً بالاتفاق مع الدكتور أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء، لقد أدرك الرئيس بحنكته السياسية أن محمود ياسين لا يعبر فى طلبه عن وجهة نظر شخصية أو يستهدف مصلحة شخصية، وإنما يعبر عن أغلبية الرأى العام السائد بين السينمائيين بل بين المثقفين فى مصر عموماً. وصحح الرئيس بذلك علاقة الدولة بالسينما، وأنهى وضعاً ليس له مثيل فى العالم، ولم يكن له مثيل من قبل فى التاريخ، وهو أن تكون شركات السينما الحكومية غير تابعة لوزارة الثقافة، وأن تكون شركة الصوت والضوء التى تقدم عروضها وسط الأهرامات «وأبو الهول» وفى المعابد القديمة غير تابعة لوزارة الثقافة، فالسينما فن مثل المسرح والموسيقى والفنون التشكيلية، والآثار الفرعونية تعبير عن الثقافة المصرية. لقد تم إنشاء شركات السينما الحكومية فى فترة القطاع العام فى ستينيات القرن الميلادى الماضى، وكانت بالمنطق الصحيح تابعة لوزارة الثقافة، وآلت إلى هذه الشركات مؤسسات البنية الاقتصادية للسينما من استوديوهات ومعامل ودور عرض كانت الشركات الخاصة قد أنشأتها منذ الثلاثينيات، ثم أممت أو نزعت ملكيتها أو وضعت تحت الحراسة وغير ذلك من الإجراءات التى اتبعت مع إنشاء القطاع العام فى كل الصناعات. وعندما توقف القطاع العام فى السينما عن الإنتاج عام 1971 ظلت شركاته بما تملك وتدير تابعة لوزارة الثقافة حتى تقرر بيعها إلى القطاع العام عام 1992 فانتقلت إلى الوزارة، التى سميت قطاع الأعمال ثم سميت وزارة الاستثمار، وانتقلت معها أيضاً شركة الصوت والضوء من دون أى مبررات موضوعية، فلن يتم بيع الأهرامات ولا المعابد! وبعد نحو عشرين سنة لم يتم بيع أى من مؤسسات البنية الاقتصادية للسينما، وإنما فقط أصبحت مصر هى الدولة الوحيدة فى العالم التى تملك شركات للسينما غير تابعة لوزارة الثقافة، ويديرها بالضرورة أشخاص لا علاقة لهم بالسينما أو الثقافة، وما ترتب على ذلك بالضرورة أيضاً، هو انهيار هذه الشركات مما أثر بالسلب على صناعة السينما فى مصر. وانظروا إلى حال استديوهاتها ومعاملها ودور عرضها وحال أفلام وزارة الثقافة التى آلت إليها، بل شرعت وزارة الاستثمار فى إنتاج الأفلام أيضاً، وهو الحق الأصيل لوزارة الثقافة وحدها من وزارات الحكومة لقد حول محمود ياسين بطلبه واستجابة الرئيس لهذا الطلب اللقاء بين الممثلين والرئيس إلى لقاء تاريخى حقاً. [email protected]