فى الفترة التى توصف بالعصر الليبرالى «1922- 1952» قام رجال ونساء من عظماء مصر بإنشاء ستديوهات ومعامل ودور عرض للسينما مساهمة فى بناء مصر الحديثة، واستطاعوا من خلال هذه البنية التحتية أن يجعلوا صناعة السينما المصرية من أكبر عشر صناعات من نوعها فى العالم عبر أفلام «مدرسة» السينما المصرية «1933-1963». وفى عام 1958 قام مؤسس وزارة الثقافة ووزيرها العظيم ثروت عكاشة بتأسيس معهد السينما بجوار ستوديو نحاس، وعلى نفس الضفة من شارع الهرم حيث يوجد ستوديو مصر وستوديو الأهرام، وعهد بتصميم مبنى معهد السينما وملحقاته إلى المعمارى والموسيقار الراحل أبوبكر خيرت، وكانت ملحقات المعهد مدينة كبيرة بها بلاتوه ومعمل، وأمامه دار للعرض السينمائى «سينما الأهرام». بدأت الدراسة فى المعهد عام 1959، وفى عام 1961 استولت الحكومة على كل ستوديوهات السينما: مصر والأهرام ونحاس وكذلك ناصيبيان فى الظاهر وجلال فى حدائق القبة، وأغلب معامل ودور العرض، بأشكال مختلفة من القرارات والإجراءات، وجعلت منها قطاعاً عاماً يتبع وزارة الثقافة، وعندما تولى فاروق حسنى وزارة الثقافة عام 1978 كانت هذه المؤسسات قد تحولت إلى خرابات، وقامت الوزارة بإصلاح وتجديد العديد منها. تحولت منطقة معهد السينما إلى منطقة ثقافية عشوائية وسميت مدينة السينما، فقد أغلق بلاتوه المعهد، وتحول إلى مقر للمركز القومى للسينما والمركز القومى لثقافة الطفل وشركات وجهات حكومية أخرى، وأغلق معمل المعهد وتم إنشاء معمل جديد فى الحديقة، وتم إنشاء مركز للصوت فى الحديقة، وآخر للمونتاج فى الحديقة، ودار للعرض السينمائى «سينما رادوبيس» فى الحديقة، وأراد أحد الوزراء إنشاء قاعة يشاهد فيها الأفلام فأقامها فى الحديقة، ولا غرابة فى ذلك والمفهوم الذى أصبح سائداً للحدائق أنها أرض خالية! وفى التسعينيات تخلت وزارة الثقافة عن كل مؤسسات البنية التحتية للسينما سواء التى استولت عليها أو التى قامت بإنشائها إلى وزارة جديدة سميت قطاع الأعمال، وكانت مهمتها بيع القطاع العام، ولا أحد يدرى منذ ذلك الحين حتى الآن لماذا تخلت وزارة الثقافة عن مؤسسات السينما دون غيرها من مؤسسات الفنون «المسرح والموسيقى والفنون التشكيلية»، ولم يتم بيع مؤسسات السينما، وسميت الوزارة الاستثمار، وقامت بإيجار ممتلكات وزارة الثقافة لشركات خاصة، ومرة أخرى تحولت المؤسسات إلى خرابات! [email protected]