كانت مهمة وزارة قطاع الأعمال التى أنشئت عام 1992، ثم أصبحت تسمى وزارة الاستثمار، هى بيع القطاع العام. وكانت المهمة، ولا تزال، غير سهلة، وتتعثر منذ عقدين لأكثر من سبب، ومن هذه الأسباب أن الأجيال المكلفة ببيع القطاع العام هى نفسها التى قامت بإنشائه وإدارته مع الثورة الاشتراكية عام 1961، أو ثورة عبدالناصر الثالثة بعد الثورة المصرية عام 1952، والثورة العربية عام 1958، فأغلبهم لا يعملون عن قناعة، وإنما من أجل الأجور الخاصة الكبيرة التى لم تعرف الحكومة مثيلاً لها طوال تاريخها، والاستثناء هو وزير الاستثمار ذاته، وبعض من معاونيه المقربين من أجيال الانفتاح، وليس أجيال الاشتراكية. ومن أسباب التعثر أيضاً أن الكثير من مؤسسات القطاع العام لم تنشأ فى عهد الثورة الاشتراكية، وإنما أممت، أو نزعت ملكيتها من أصحابها، وأصبحت فى أوضاع قانونية معقدة، خاصة فى مجال السينما حيث تطرح الحكومة للبيع مؤسسات ليس لديها ما يثبت ملكيتها لها، وتؤجرها لعدم وجود وثائق الملكية، فهى تؤجر ما لا تملك، وتطرح للبيع ما لم تكن تملك من الاستديوهات ودور العرض والأفلام، ولو اجتمع كل خبراء القانون فى العالم، وليس فى مصر فقط، لمجرد فهم ما يحدث فى مؤسسات السينما فى وزارة الاستثمار، لعجزوا! وقد وصلت التناقضات فى مجال السينما إلى درجة أن الوزارة التى كلفت ببيع القطاع العام، ثم اكتفت بتأجيره للقطاع الخاص، وبعض الجهات الحكومية وشبه الحكومية، تعمل الآن على عودة القطاع العام فى السينما إلى الإنتاج بعد أن توقف عن ذلك منذ عام 1971، وبهذه العودة ستصبح مصر خامس دولة فى العالم تنتج الأفلام إلى جانب سوريا وكوبا وإيران والصين فى الوقت الذى تكتفى فيه الدول الأخرى التى تربو على المائتين بالدعم، ولكن بينما يتم إنتاج الأفلام فى الدول الأربع المذكورة عن طريق وزارات الثقافة، سوف تنفرد مصر بإنتاج الأفلام عن طريق وزارة الاستثمار. وتكتمل التناقضات بأن تكون عودة القطاع العام إلى الإنتاج بسلسلة أفلام تسجيلية طويلة عن باشوات رأسمالية ما قبل الثورة فى كل المجالات مثل طلعت حرب وأحمد عبود وغيرهم، والذين تم تأميم ممتلكاتهم، أو نزع ملكيتها أو وضعها تحت الحراسة وغير ذلك من إجراءات الثورة الاشتراكية، وتصل التناقضات إلى ذروتها بوجود العديد من رموز يسار السينما المصرية وراء إنتاج هذه الأفلام من كتاب ومخرجين وأعضاء فى لجان القراءة والمناقصات! [email protected]