لست من هواة التفسير التآمرى للحوادث والخطوات والأشياء والكلمات.. ولاأزال أتخيل كل الناس.. بداية من الرئيس مبارك وحتى أقل عامل فى أصغر مقهى.. تنتابهم جميعهم لحظات شجن يمارسون فيها الحب بصدق ويفتحون أبواب قلوبهم دون حسابات مسبقة أو قيود محكمة.. ولهذا لم أتخيل أن علاء مبارك حين خرج من دوائر صمته وعزلته ليتحدث على الشاشات عما جرى للمصريين فى الخرطوم بعد مباراة الجزائر.. كان سياسيا يقوم بتنفيذ مخطط مطلوب منه أو يقوم بدور محدد وفق منهج تليفزيونى لا يعترف بمشاعر مفاجئة خارج سياق السيناريو أو كلمات تأتى من خارج المسار والحوار.. ومثل كثيرين جدا غيرى.. رأيت علاء مبارك وقتها مجرد مواطن مصرى أغضبه ما أغضب المصريين وجرحهم وآذاهم.. ولكننى لم أمتلك نفس هذه المشاعر والانطباعات وأنا أتابع طيلة الأيام القليلة الماضية كل ما قيل عن جهود علاء مبارك وإشرافه الشخصى والمباشر على ما تمت تسميته ب«مهرجان حب مصر» الذى أقيمت على هامشه المباراة المهمة بين الإسماعيلى والأهلى، أمس، فى الإسماعيلية.. فقد كانت هناك فوارق كثيرة وهائلة بين علاء مبارك حين تحدث تليفونيا عبر شاشة تليفزيون كأى مواطن مصرى حزين وغاضب وثائر.. وبين علاء مبارك فى الإسماعيلية وقد أحاله المنافقون فى بلادنا إلى نصف إله.. يزعمون أنهم يسيرون ببركته وهداه.. خطواتهم وفق توجيهاته وإرادته.. اجتماعاتهم واتفاقاتهم حسب أهوائه ورؤاه.. وضعوا اسمه وأحيانا صورته على لافتات تغطت بها شوارع الإسماعيلية وميادينها.. وقد لا يكون علاء مبارك مسؤولاً عن كل ذلك أو لم يقصد ذلك ولم يسع إليه.. لكنه على الأقل سكت، بينما ملأ المنافقون سماء بلادنا بصخبهم وضجيجهم وأصواتهم الزاعقة عن علاء مبارك.. بدا أنه لم ينتبه لما يجرى حوله أو أنه استسلم لأنياب المنافقين ومخالبهم وخناجرهم القادرة على إفساد كل شىء وكل شخص وكل حلم.. ولهذا فقد علاء صورته التلقائية وربما كانت الحقيقية التى أحبه بها الناس عقب مباراة الجزائر فى السودان.. وبدت صورة أخرى.. قديمة ومتكررة وغير جذابة وغير مقنعة، لم يصنعها علاء ولم يحبها الناس، وهو ما يجعلنى أطالب علاء مبارك الآن بالعودة لصورته القديمة، فهى قطعا أجمل وأهم وأصدق وأبقى، ولا أكتفى بذلك، وإنما أطالبه أيضا باستكمال خوفه وحرصه على أمان المصريين وسلامتهم وكبريائهم.. فيبدأ فى الضغط على كل مسؤولى بلادنا سواء فى كرة القدم أو غيرها لبدء الاستعداد لنقل مشجعى الكرة المصريين إلى أنجولا الشهر المقبل لمرافقة المنتخب المصرى المشارك فى نهائيات كأس الأمم الأفريقية.. فكل الدول المشاركة فى تلك النهائيات بدأت التحرك لحجز فنادق واستكمال جميع الترتيبات اللازمة لراحة وأمان جماهيرها إلا مصر.. كل الدول المشاركة سواء كانت الجزائر أو غيرها بدا أنها استفادت من درس الخرطوم إلا مصر التى كانت الضحية الوحيدة لما جرى فى الخرطوم، فالنهائيات بعد أيام ولا أحد فى مصر قام بأى جهد أو قدم أى فكر من أجل مشجعى الكرة فى مصر.. وهى صورة كنت أتخيل أنها ستختفى تماما بعد أحداث الخرطوم، إلا أن شيئا لم يتغير، فلا أى رحلات جرى تنظيمها والإعداد لها، ولا أى مشاورات سياسية ودبلوماسية وأمنية لضمان سلامة المصريين فى أنجولا.. وأظن أن التدخل لوقف هذا العبث هو الدور الطبيعى والضرورى لمواطن مصرى اسمه علاء مبارك الذى أتمنى أن يرافق المصريين فى أنجولا بدلا من مرافقته فى استاد الإسماعيلية لحضور مباراة مصرية. [email protected]