الصين تدعو لاتخاذ إجراءات ملموسة لدفع حل الدولتين ووقف إطلاق النار بغزة    من هم «بنو معروف» المؤمنون بعودة «الحاكم بأمر الله»؟!    أول رواية كتبها نجيب محفوظ وعمره 16 سنة!    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    انتخابات مجلس الشيوخ.. الآليات والضوابط المنظمة لتصويت المصريين فى الخارج    "الزراعة" تنفيذ 286 ندوة إرشادية والتعامل مع 5300 شكوى للمزارعين    وزارة التموين تنتهى من صرف مقررات شهر يوليو 2025 للبقالين    ميناء سفاجا ركيزة أساسية في الممر التجاري الإقليمي الجديد    عبدالغفار التحول الرقمي ركيزة أساسية لتطوير المنظومة الصحية    وزير الإسكان يُصدر قرارًا بإزالة 89 حالة تعد ومخالفة بناء بمدينة الشروق    قبول دفعة جديدة من الأطباء البشريين الحاصلين على الماجستير والدكتوراه للعمل كضباط مكلفين بالقوات المسلحة    تنسيق الجامعات.. تفاصيل الدراسة ببرنامج الهندسة الإنشائية ب"هندسة حلوان"    إدارة الطوارئ في ولاية هاواي الأمريكية: إغلاق جميع المواني التجارية بسبب تسونامي    محمد السادس: مستعدون لحوار صريح ومسؤول مع الجزائر    تحليل جديد: رسوم ترامب الجمركية سترفع نفقات المصانع الأمريكية بنسبة 4.5%    الخارجية الأمريكية: قمنا بتقييم عواقب العقوبات الجديدة ضد روسيا علينا    33 لاعبا فى معسكر منتخب 20 سنة استعدادا لكأس العالم    لم نؤلف اللائحة.. ثروت سويلم يرد على انتقاد عضو الزمالك    إصابة طفل نتيجة هجوم كلب في مدينة الشيخ زايد    انخفاض تدريجي في الحرارة.. والأرصاد تحذر من شبورة ورياح نشطة    جدول امتحانات الشهادة الإعداية 2025 الدور الثاني في محافظة البحيرة    البترول: السيطرة على حريق سفينة حاويات قرب «جنوب شرق الحمد»    التصريح بدفن جثة طفل لقى مصرعه غرقا بإحدى الترع بمركز سوهاج    حفل جماهيري حاشد بالشرقية لدعم مرشح حزب الجبهة بالشرقية    ليلى علوي تعيد ذكريات «حب البنات» بصور نادرة من الكواليس    فقد الوعي بشكل جزئي، آخر تطورات الحالة الصحية للفنان لطفي لبيب    عزاء شقيق المخرج خالد جلال في الحامدية الشاذلية اليوم    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    قافلة طبية توقع الكشف على 1586 مواطنا في "المستعمرة الشرقية" بالدقهلية (صور)    محافظ الدقهلية:1586 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية بقرية المستعمرة الشرقية بلقاس    فتح باب التقدم لاختبارات الدبلومات والمعاهد الفنية للقبول بكلية الهندسة    حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو وتوقعات الأبراج    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    "البترول" تتلقى إخطارًا باندلاع حريق في غرفة ماكينات مركب الحاويات PUMBA    البنك العربى الإفريقى يقود إصدار سندات توريق ب 4.7 مليار جنيه ل«تساهيل»    جدول مباريات بيراميدز في الدوري المصري الممتاز الموسم الجديد 2025-2026    وزير الثقافة: جوائز الدولة هذا العام ضمت نخبة عظيمة.. ونقدم برنامجا متكاملا بمهرجان العلمين    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    الدقيقة بتفرق في إنقاذ حياة .. أعراض السكتة الدماغية    يسمح ب«تقسيط المصروفات».. حكاية معهد السياحة والفنادق بعد قضية تزوير رمضان صبحي    تنسيق الجامعات 2025 .. تفاصيل برامج كلية التجارة جامعة عين شمس (مصروفات)    منافسة غنائية مثيرة في استاد الإسكندرية بين ريهام عبد الحكيم ونجوم الموسيقى العربية.. صور    الخارجية الباكستانية تعلن عن مساعدات إنسانية طارئة لقطاع غزة    إنجاز غير مسبوق.. إجراء 52 عملية جراحية في يوم واحد بمستشفى نجع حمادي    الجنايني يتحدث عن مفاوضات عبد القادر.. وعرض نيوم "الكوبري" وصدمة الجفالي    مصرع عامل اختل توازنه وسقط من أعلى سطح المنزل في شبين القناطر    عاجل- ترمب: زوجتي ميلانيا شاهدت الصور المروعة من غزة والوضع هناك قاس ويجب إدخال المساعدات    نبيل الكوكي يقيم مأدبة عشاء للاعبى وأفراد بعثة المصرى بمعسكر تونس    عمرو الجناينى: تفاجأت باعتزال شيكابالا.. ولم أتفاوض مع أحمد عبد القادر    عيار 21 الآن يسجل رقمًا جديدًا.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 30 يوليو بعد الانخفاض بالصاغة    تنسيق المرحلة الثانية 2025.. موعد الانطلاق والمؤشرات الأولية المتوقعة للقبول    التفاصيل الكاملة لسيدة تدعي أنها "ابنة مبارك" واتهمت مشاهير بجرائم خطيرة    سبب غياب كريم فؤاد عن ودية الأهلي وإنبي وموعد عودته    الجنايني عن شروط عبدالله السعيد للتجديد مع الزمالك: "سيب اللي يفتي يفتي"    هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟.. واعظة تجيب    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    ما الذي يُفِيدُه حديث النبي: (أفضل الأعمال الصلاة على وقتها)؟.. الإفتاء توضح    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوارات رمضانية الشاعر الگبير عبدالرحمن الأبنودي :
أنا آخر جيل الحرافيش
نشر في الأخبار يوم 25 - 08 - 2010

في الحلقة الأخيرة من هذا الحوار سوف نترك الشاعر الكبير الأستاذ عبدالرحمن الأبنودي يقترب بنا من عالمه الخاص.. والذي يتمثل في أهل بيته، زوجته وأولاده، وكذلك ظروف مرضه ونجاحه في تحدي هذا المرض.. الذي لم يكن أبدا عائقا نحو قول الشعر والمشاركة في قضايانا العامة.. اضافة إلي ذلك سوف يحدثنا الابنودي كذلك عن اصدقائه وأحبابه ورفاق مشوار حياته من نعرفهم ومن لا نعرفهم.. ولقد رأينا من قبل تحقيق تلك الخطوة استكمال ما بدأه معنا من حديث عن السيرة الهلالية وهو ما توقفنا علي بعض ملامحه بالأمس في الحلقة الثالثة.. ولذلك كان لابد وان نسأله:
هل علاقتك بالسيرة الهلالية ورغبتك في جمعها منذ فترة زمنية طويلة ترتبط برحلتك مع الشعر؟!
- لازم تعرف إن علاقتي بالشعر الشعبي خاصة وبالمواويل قد بدأت منذ طفولتي المبكرة وأظن انني حكيت لك جانبا كبيرا من ذلك، ولما كنت باكبر في السن وتزيد حالات الاختلاط بالنسبة لي مع الكبار بالقرية، كنت اريد ان اعرف اكثر من هذه الاشعار، إلي ان استوقفتني السيرة الهلالية ورجالها الذين كانوا متشبعين بها، من حيث طريقة الالقاء.. وقبل ان تسألني هم مين دول.. اقول لك المرحوم جابر أبوحسين والضو الكبير وابنه ايضا ولعلك تتعجب حين تعرف ان حبي للسيرة الهلالية جعلني ارتبط بهؤلاء الفنانين الذين كانوا يرددونها دائما علي الربابة.. وعلي رأسهم كان بطبيعة الحال المرحوم جابر أبوحسين والذي له قصة عرفتها وتستحق أن نرويها.
وما هي تفاصيلها؟!
- طول بالك.. دي قصة تدل بحق علي مدي حبه مثلي لهذا العمل العظيم.. تعرف هذا الفنان كان بيعمل في الأصل فران.. أي عامل في فرن عيش، ولما سمع السيرة لأول مرة، ترك عمله في الفرن وزحف ناحية احد المشايخ الذين كانوا يعرفون أسرار هذه السيرة، وسأله عن الطريق الذي يجب ان يسلكه للوقوف علي أسرارها.. ونظرا لحبه لهذه السيرة فقد نجح فيما أراده رغم الصعوبة في الوصول إلي منابعها سواء في الكتب أو علي أفواه الناس ومن يومها أخذ يرددها علي الربابة في كل مكان حتي توفاه الله، ثم الضو الكبير وابنه سيد الضو الصغير والموجود حاليا، وهو شاعر الهلالية وفرقته الموسيقية التي تعتمد علي الربابة، علي أية حال لقد اسفر حبي لهذه السيرة ولهذا العمل الشعبي العظيم عن اصدارها في 03 جزءا حتي اليوم، وكان من المفترض ان تصدر في 05 جزءا أو أكثر.. لأنها سيرة وعمل ملحمي رائع.
الهلالية خارج مصر
هذا عن سيرة بني هلال ودورك المتميز في احيائها فماذا عنها في تونس؟
- في أوائل عام 2791 تلقيت دعوة كريمة من الأستاذ طاهر قيقة الأديب والمؤرخ التونسي الكبير وكان وقتها يعمل وكيلا لوزارة الثقافة هناك، كانت الدعوة لزيارة تونس والعمل معه في جمع ملحمة بني هلال.. وكان الطاهر وهو ابن الاستاذ عبدالرحمن قيقة أول من جمع السيرة الهلالية من الجنوب التونسي، وقد رحل وترك النص لابنه الذي ترجمه من إلي العربية إلي الفرنسية.. ونظرا لما ساهمت فيه من أعمال جيدة ومهمة فقد منحتني تونس وسامها الأول وهو المعلق أمامك الآن علي الحائط طبعا إلي جانب العشرات من الأوسمة والجوائز التي نلتها في مصر وفي البلاد العربية.
علي إثر ذكرك التكريم والجوائز، فما هي أهمها؟!
- تقدر تقول وسام تونس الأول عربيا، اما هنا في مصر فقد حصلت علي جائزة الدولة التقديرية في الآداب ثم جائزة مبارك ايضا بخلاف ذلك لدي علي الأرفف وكما تشاهد العشرات من الأوسمة والنياشين.
ومن قبل ان نترك الحديث عن السيرة الهلالية نسألك من جديد عن الخطوة التالية والتي ننتظرها؟!
- لاشك ان انتهائي من تسجيلها وإعادة الاعتبار لها بالحديث عنها بالليل والنهار، لاشك جعل الناس تطمأن، وبدأوا من جديد يهتمون بها.. وان الابنودي قد رد الاعتبار ليس لهذه السيرة فقط، بل ولكل المنشدين والعازفين علي الربابة.. لذلك بدأنا نسمع ألفاظا كبيرة ومهمة مثل الشاعر الكبير أو شاعر الربابة الكبير وهكذا ولعلي اقول لك انني مدين للأستاذ عبداللطيف المناوي الذي وضعها في ارشيفنا القومي وهو التليفزيون.
دعني اسألك بصراحة.. ما مدي أهمية هذه السيرة بالنسبة لنا؟!
- عظيم انها سيرة تحكي تاريخ العرب، وملخصها انها تحكي قصة فارس عربي مفتقد في الأمة العربية ككل، انه أبوزيد الهلالي الذي يجب ألا ننظر إليه علي أنه فقط يمسك بسيفه ويلوح به هنا وهناك لأنه ليس كذلك بطبيعة الحال، خاصة ما نذكره هذه الصورة الكاريكاتورية، بالعكس إنه رجل نذر نفسه وعمره ومستقبله فداء لأهله من أجل ألا يموتوا جوعا.. وتراه في حين يحدثك عن غريمه الزناتي خليفة فإنه لا يهون من شأنه ولا يحط من قدره، والحق أقول لك انهم بدلا من ان يحتفلوا بي وبانجازي هذا العمل بمفردي تراهم يهاجمونني ويحاولون النيل مني، وانا أؤكد لهم انه يوجد في مصر رجل لا يمزق اسم عبدالرحمن الابنودي.
وأخيرا.. لقد رأيت ان اسألك عن أعمالك ودواوينك وكتبك الموجودة بيننا وذلك من قبل ان ننتقل إلي محور آخر في هذا الحوار.. فما هي تفاصيل هذه الأعمال!!
- أنا لي 51 ديوانا و5 أجزاء من السيرة الهلالية وكتاب عن الشاعر أحمد بن عروس والذي اتناول فيه اسطورة هذا الشاعر حيث ادعي بعض النقاد أنه صاحب السيرة الهلالية.. وعلي فكرة لقد اكتشفت انه لا وجود له أصلا، وكما قلت لك سابقا لي بعض الاعمال التي ترجمت إلي اللغة الفرنسية
حياتك الخاصة
دعنا بعد كل هذا الجهد أن نتوقف قليلا كي تحدثنا عن نفسك وحياتك الخاصة؟!
- طبعا.. لابد أحكي لك حكاية المرض أولا!!
اتفضل وبالتفاصيل.
- من المعروف انني رجل شديد الحيوية، ولم أكن أبدا أقبل بقضية المرض.. ولا ادعي المرض، ولم اكن ابدا في يوم من الايام متمارضا.. كذلك احب ان اؤكد لك انني رافض لهذا المرض الذي اصابني منذ فترة طويلة هو في حاله وأنا في حالي، وليس لي أية صلة به إلا الحقنة وكبسولة الدواء، وهذا معناه أنني بين الحين والحين انفي وبصوت عال اية صلة لي بهذا المرض وفي الوقت نفسه اقنع نفسي بأن عبدالرحمن الابنودي المريض غير الشاعر، بمعني انني احاول وقد نجحت في ألا يؤثر المرض علي انتاجي ومسيرتي في تأليف الاشعار والقصائد.
وكيف كان وقع تجربة المرض عليك شخصيا؟!
- هي تجربة صحيح لم اكرهها، عشتها كانت تدفعني إلي النهاية احيانا، ومع ذلك لم تؤثر فيّ، وتراني لم تفارقني الضحكة، ولم تغير رؤيتي للحياة، لكنها كانت بالنسبة لي فرصة طيبة ورائعة لمراجعة النفس والتفتيش في تفاصيلها. انك تبدأ في استبعاد الاشياء التي لا قيمة لها والتي كان يجب ان يكنسها الزمن أولا بأول، ودائما ما اسمي حالتي هذه بالعطل المفاجئ!! أيوه.. وبسببه ذهبت إلي فرنسا والمانيا وكان لدي مشاكل كبيرة في الرئة بسبب التدخين القديم وفي العمود الفقري، وكنت اعتقد فوق كل ذلك بوجود أزمة قلبية فاتضح ان القلب سليم، المهم ان هذا المرض حكم علي بالاقامة الجبرية هنا، بعيدا عن القاهرة، وانا اتذكر ان الطبيب الفرنسي الذي كان يعالجني قال.. إذا ذهبت إلي القاهرة لمدة ساعتين فقط سوف تدخل المستشفي بالفعل حدث ذلك.. فقررت ألا أذهب هناك مرة أخري لما حدث لي وقتها.
معني ذلك انك نجحت في تحدي المرض واستخدامه لصالحك وأشعارك؟
- كما قلت لك انني ارفض هذه الوظيفة الجديدة، وطبعا اعني بها وظيفة المرض. فأنا مازلت الابنودي الذي عليه أن يوصل الكلمات إلي اصحابها في أبعد القري والنجوع.. هذه الكلمات سوف أحملها علي كتفي دائما، وأذهب بها إلي أهلي هنا وهناك، بحيث لا يعوقني مرض ولا يجبرني جزء من جسدي علي تعطيل المهمة التي نذرت لها نفسي دائما، ان المرض هو اختبار من الله ويجب الا يتحول إلي عقاب للآخرين، وأن علي الحياة ان تدور بمن حولهم وبالتالي يجب ألا تتوقف.
دعنا ننتقل بالحوار إلي زاوية أخري من زوايا حياتك الخاصة.. وأعني بها الحديث عن زوجتك وأولادك.. فماذا تقول؟!
- نهال كمال ليست مجرد زوجة أو مجرد أم.. لا.. هي إنسانة تديرني، كما تدير أبناءها.. وانت تعرف ان لي ابنتين احداهما تخرجت هذا العام من الجامعة الأمريكية والثانية هذا العام في الثانوية العامة.. واعود واكرر لك ان زوجتي نهال تديرني وأنا في هذه القرية البعيدة بمرضي، وبحالي وتتابعني أولا بأول وتطمئن دائما علي حالتي.
وهل لها علاقة بالشعر؟!
- دعني أقول لك ان حبها لما اقوله من اشعار كان السبب الرئيسي وراء زواجي منها.. بالاضافة طبعا إلي رأي أمي، كما احب اقول لك ايضا انها ابنتي!! آه.. صحيح ابنتي.. وكانت عندما قابلتها لأول مرة لحم أخضر، هكذا اسميه.. أما بخصوص ما سألتني عنه وعلاقتها بالشعر، هي صحيح لم تكتب الشعر.. ولكنها هي التي أقرأ عليها أولا كل انتاجي الجديد.. يعني تقدر تقول هي الناقذة التي اعرف رأيها أولاً.
معني ذلك أنها هي أول من تقرأ أعمالك وأول من يقول رأيه في هذه الأعمال؟!
- طبعا هي أول قارئ وأول ناقد.. وتراها أحيانا تعارضني في بعض المواقف، كما تعترض احيانا علي بعض ما اكتبه.
زواج سعيد
تحدثت كثيرا عن زوجتك.. وكيف كان اعجابها بأعمالك الشعرية هو الطريق نحو الزواج.. نريد ان نعرف اكثر..؟! فماذا تقول؟!
- تقصد يعني.. ازاي اتجوزنا، أنا هقولك.
في البداية كانت دائما تترك لي رسائل موقعة باسم ابنتك نهال! ولذلك لم اتخيل ان اتزوجها، ولكن حدث ما لم اكن اتوقعه، إمي فاطمة جنديل كانت في مرة بتزورني في القاهرة ورأت نهال.. وهي اللي اختارتها لي، وصممت أن اتزوجها دون غيرها.. وتعرف انها من عيلة وبنت ناس.
وهل ساهم هذا الزواج في تغيير اشياء كثيرة في حياتك.. مما عاد علي الشعر بالفائدة؟!
- انا استفدت من زواجي من نهال بالنسبة لعملي كثيرا، فقد ساهمت في استقرار احوالي، واستعادة هدوئي واستقلاليتي، ولذلك رحت اكتب دواويني الكبيرة »الموت علي الأسفلت« و»الاستعمار العربي«، كما اكتشفت في الفترة ذاتها عالم النثر، فأصدرت 3 كتب عن أيامي الحلوة اضافة إلي الاخطاء المقصودة وآخر الليل، ثم 3 مجلدات كبيرة للسيرة الهلالية إلي جانب العديد من الأمسيات الشعرية والمؤتمرات في مصر وفي العالم العربي والأوروبي.. وتسافر معي أحيانا ونصطحب البنتين.. ويكفي ان اقول لك انها هيأت لي الجو والمكان المناسب للابداع.. وقد أثمر ذلك كله كما ذكرت لك وجاء لصالح الشعر والأدب.. ونسيت اقول لك كمان دورها العظيم في مرضي.. وكيف سافرت معي هنا وهناك ولم تتركني لحظة واحدة وزي ما انت سامع.. كل دقيقة تليفون من أجل ان تطمئن علي حالتي.. وهي تأتي إلي هنا في نهاية الاسبوع والعطلات.
وإذا ما تركنا الحديث عن السيدة نهال.. فعليك ان تحدثنا عن بناتك؟! فماذا تقول؟!
- كما ذكرت لك لي بنتين احداهما كبيرة وهي آية التي تخرجت هذا العام من الجامعة الأمريكية وقد درست الاعلام.. أما الثانية فهي نور وهي التي سوف تلتحق بالثانوية العامة هذا العام.
وهل تكتبان الشعر؟!
- لا.. بس الكبيرة لها اهتمامات بأعمالي وبقصائدي ولي معها تجربة اثبتت لي ذلك.
وما تفصيلها؟
- آية ظهرت معي في اكثر من مكان وقرأت اشعاري وفي احدي المرات كانت تريد مني ان احضر لها شيئا ثمينا، فقلت لها انني لست تاجر خردة ولا لصا.. اقول لها ذلك وهي تمشي بجواري وتري حب الناس لي.. فتعرف ان هؤلاء هم ثروتي وحمايتي.. وكانت هذه الحفاوة تسبب لها بلاشك سعادة فأبوها مشهور ويعرفه الناس المهم قلت لها انك لا تعرفين ماذا يعمل أبوك؟! قالت: أعرف واحفظ اشعاره فقلت لها لو قرأت قصيدة كاملة بلا أخطاء سوف اشتري لك ما تريدين.. ومن شدة دهشتي انها اختارت قصيدة القدس وهي واحدة من اصعب قصائدي.. وإذا بها تسمعني هذه القصيدة كما اقولها.
حديث الأصدقاء
لو تركنا الحديث عن الأسرة جانبا.. كي تحدثنا عن اصدقائك.. والذين اثروا في حياتك.. فماذا تقول؟!
- أولا لم يؤثر في احد أدبيا او فكريا عارف ليه.. لانني ابن مدرسة الفلاح المصري الصعيدي، المهمل هناك، لذلك لم يؤثر في احد أدبيا ولافنيا إلا هذا الفلاح.. أبي وأمي والمربي الفاضل.. انهم محبرتي اللي عمر مدادها ما خانني! والذي لا ينتهي إذ حينما احتاج لأن اكون نفسي أمد قلمي في هذه المحبرة.
وماذا عن علاقتك المتميزة بالأديب الراحل نجيب محفوظ؟
- الاستاذ نجيب محفوظ كان له تأثير كبير عليّ وعلي كل جيل الستينيات من حيث الجدية والالتزام والصدق والتواضع الذي لم نر له مثيلا في جميع حياتنا الأدبية المليئة بالطواويس الذين لايستحقون ريشهم!
ومتي بدأت علاقتك بالأستاذ نجيب محفوظ؟
- حينما جئنا الي القاهرة في أوائل الستينيات.. كان عمنا الكبير يعقد ندواته في كازينو أوبرا.. والموجود أمام الأوبرا القديمة، كنا نذهب إلي هناك ايام اللص والكلاب والطريق والسراب، وكانت لا تربطني بهذا العملاق الا الخشية كنت صحيح مؤدب جدا في الوقت الذي كان فيه الآخرون يناقشونه في خفة واستخفاف، اما انا فكنت كثيرا ما ألتزم الصمت، ثم انتقلت هذه الندوات أو هذه الأمسية إلي مقهي ريش، ولم اكن اذهب إلي هناك.. حيث كنت افضل احد المقاهي الأخري التي كانت تقدم لنا الفول والطعمية وهي قهوة إزافتش في ميدان التحرير وكانت لرجل من يوغوسلافيا، في مقابل قهوة ريش الذي كان يمثل الرفاهية وبعد ذلك اقام نجيب محفوظ ندوته في مقهي علي بابا ثم انتقل إلي كازينو قصر النيل بجوار مبني مجلس قيادة الثورة.
كثيرا ما تذكر لفظ »كنا«.. فمن هم هؤلاء الذين تقصد بهذا اللفظ؟!
- أنا حتي هذه اللحظة لست فردا، ولكن الكثيرين قد تخلوا عن هذه الجماعية.. لأنه أحيانا حين تمشي معي اسبب لك خسارة.
بداية العلاقة
حين نعود للحديث عن علاقتك بالأستاذ نجيب محفوظ ونسأل متي بدأت العلاقة الحميمة بينك وبينه؟!
- اقول لك.. كان الأستاذ نجيب يقيم ندوته في احد المراكب الراسية علي نيل القاهرة »فرح بوت« في كل ثلاثاء من كل اسبوع، واحمد بهجت صاحب المركب اصدر تعليماته بأن مشروبات الندوة علي حساب المركب. وكان ذلك شيئا عظيما جدا، وللأسف لم يتوقف إلا عندما آلت ملكية هذا المركب إلي مالك آخر، هذا المالك الذي اشتراها وبدأ يغير من معالمها.. عندئذ مات نجيب محفوظ!! لقد مات الاستاذ في الاسبوع الذي امتنعوا فيه عن تقديم طلبات لنا كما كنا مثل ذلك من قبل وكنت قد سألتنا عمن كان يحضر هذه الندوة.. دلوقتي اقول لك.. جمال الغيطاني ويوسف القعيد وعماد العبودي ونعيم صبري وآخرون لقد كنا مجموعة كبيرة، لقد كنا أخلاطا من الناس ومن هنا وهناك، وتقدر تقول إننا كنا آخر جيل من أجيال حرافيش نجيب محفوظ من الذين رافقوا الاستاذ في يوم رحيله.
وماذا عن علاقتك الأدبية والفكرية به؟
- كان كثيرا ما يقرأ كل اشعاري.. بل وينتقدني احيانا، كما كنت اقرأ عليه ايضا اشعاري الجديدة وحتي روايتي التي فكرت في كتابتها قد عرضت عليه الفصل الاول فأشاد بها وأثني عليها.
دعنا نوسع دائرة الحديث عن الاصدقاء ونسألك عمن هم قريبون إليك وحتي الآن؟!
- طبعا جمال الغيطاني والدكتور يحيي الرخاوي ويوسف القعيد وآخرون.. ولعلي هنا اتذكر ان أستاذنا نجيب محفوظ كان متعلقا بنا مثلما كنا نتعلق به.. لذلك عندما تعذر عليه الالتقاء بنا رحل عن عالمنا!.. ويكفيه فخرا انه كان يرفض الانصياع للشيخوخة ومشاكلها بل وتحداها من أجل ان نلقاه ويلتقي بنا.
أما فيما يتعلق بجمال الغيطاني فأنا اعتبره أخي.. واصبحنا نتزاور أسريا في الفترة الأخيرة رغم انه كان ينقطع عني لسنوات طويلة.. ولكنه لا يلبث ان يعود ويسأل عني، وانت تعرف ان علاقتي به بدأت أوائل الستينيات واعرف مدي حبه لأبيه وأمه، كما عرفته داخل السجن ايضا وتابعت تألقه وازدهاره في عالم الرواية منذ ان كتب مجموعته القصصية الأولي »مذكرات رجل عاش من ألف عام« وقد تعرض لمشاكل كثيرة في بدايات حياته نظرا لمواقفه.. كذلك اعرف صلاح عيسي الذي لفت نظري الي التاريخ وضرورة قراءته.. ولعلي اتذكر ان جمال الغيطاني احيانا ما ينقلب عليّ انقلابا تاما ويغيب فيها عاما.. ثم لا يلبث ان يعود ليسأل عني.. نحن الآن اصدقاء قريبون جدا.. حتي تحول إلي أنه اصبح الصديق الاول لي حاليا في حياتي.
ومن هم اصدقاؤك الآخرون؟
- الطيب صالح.. الروائي السوداني المعروف والذي التقيت به كثيرا حين كنت اقيم في لندن والشاعر الراحل محمود درويش.
ولعلنا نختتم هذا الحوار بالحديث معك أو بالسؤال عن الناقد الذي اعجبك وتحترم رأيه بلا مجاملة؟!
- أقول لك.. الناقد ابراهيم فتحي وهو موجود حاليا في لندن، حيث ترك القاهرة إذ لم يستطع ان يعيش في ظل هذه الظروف.. انه الناقد المحترم الذي كان يري حوله.. ويقول كلمته بصدق وبلا مجاملة.. وهناك ايضا الدكتور جابر عصفور الذي ذهب معي في احدي المرات وشاهد كيف كان يتم استقبالي حيث كنا في مدينة تونس.. وقد كتب عني مقالات كثيرة وايضا لا انسي ان اشير في هذا السياق إلي ما كتبه عني الشاعر الكبير فاروق شوشة.. لقد شاهد الدكتور جابر عصفور ان جمهوري العربي اكثر من جمهوري في مصر الذي يعجب فقط بما اكتبه من اغنيات.. لكن هناك في البلاد العربية الوضع يختلف كثيرا ويبدو ذلك بوضوح في هذا الاقبال الجماهيري الكبير لحضور الأمسيات التي اقيمها هناك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.