بقلم: رامي حسن شحاته أعتذر لك صديقي عن الحديث في هذا الموضوع الممل المكرر بالنسبة لك، ولكن ما جاءت به الأخبار دفعني دفعا لهذا التكرار حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا. تناقلت وسائل الإعلام خبرا مفاده أن الرئيس الألماني الجديد فشل في إيجاد مكان لابنه الصغير في الحضانة الحكومية في برلين العاصمة بعد انتقاله إليها ليتولى مقاليد حكم البلاد، واضطر لوضع اسم ابنه على قوائم الانتظار والتي تزدحم بآلاف الأسماء ! يا ترى كم من علامات التعجب يجب وضعها بعد الفقرة السابقة ؟ أعتقد أنه إذا كنت من مواطني ألمانيا أو أوروبا أو أمريكا فلن تحتاج لوضع أية علامات تعجب، أما إذا كنت مثلي من الشعوب التي تعيش في الماضي فلن يكفيك مليون علامة تعجب كل منها تمثل سهم ناري يخترق أبطال القصص والروايات والحكايات المشينة التي أغرق فيها كل يوم عن المحسوبية والواسطة والتمييز بسبب الجنس أو العقيدة أو المنصب أو الجاه أو المال أو الحسب والنسب وغيرها. فعندنا التمييز صار قانونا، ولا تعتبر الجملة السابقة من قبيل المبالغة أو المجاز بل هي حقيقة واقعة مسلم بها، هل تعرف أن كثيرا من المؤسسات الحكومية لا تقبل سوى أبناء العاملين لديها لكي يعينوا بها مثل آبائهم ؟! هل هناك تمييز أوضح ولا أفضح من هذا التخلف؟ على اعتبار أن أبناء العاملين هم المصريين وباقي الخريجين من دولة معادية، وإذا اعترضت فعليك أن تضرب رأسك في أضخم حائط عندك فلن يعيرك أحد إهتماما، فمن يسمح لك أن تقول أن ما تفعلونه هو الاستبداد بعينه، هو الظلم نفسه هو الشر المبين هو ضد الإسلام وضد القانون الإنساني وضد مواثيق العمل الدولية وضد حقوق الإنسان وضد وضد وضد ... حتى إان سمح لك أن تقول فلن يسمعك احد فالقوم في غيهم يعمهون، وعن تجربة حقيقية حدثت لي كنت في اختبار لأحد مؤسساتنا العريقة التي بنيت بعرق الشعب المصري، فحدث أن احد المراقبين علينا- وكان الاختبار جماعيا تحريريا – كلما مر من الوقت 15 دقيقة أعاد على أسماعنا التنبيه التالي (الذي لديه قريب في المؤسسة يكتب أعلى الورقة من أبناء العاملين) ومع كثرة ترديده لهذه العبارة وجدتني أكتب أعلى الورقة بالخط العريض ( لست من أبناء العاملين اعتراضا على التمييز) هل تعرفون ما حدث؟ أعتقد أنكم تعرفون .. نعم، لم أدخل هذه المؤسسة مرة أخرى. يا سادة أستطيع أن أقول أن كل من استفاد من تمييزه على غيره بالباطل هو على باطل وعمله باطل ومكسبه من عمله فيه نظر والله أعلم. وإن من أعان على هذا التمييز أو تستر عليه أو سمع به ولم يفضحه فليحترس من العاقبة حينما يعلم الظالمون أي منقلب سينقلبون. هذا المرض اللعين استشرى في بلاد العرب من المحيط إلى الخليج وعلى جميع المستويات من الغفير إلى الوزير من المرؤوس إلى العظيم، أصبح كالسم الزعاف يسري في عروق الناس ليوردهم مهلكهم بظلمهم لأنفسهم ولأن ربك ليس بظالم للعبيد. فيميز رب الأسرة بين الولد والبنت بغير حق ولا هدى ولا كتاب منير وعلى شاكلته يفعل صاحب العمل وصاحب السوق وصاحب المدن حتى صاحب الدين يميز بين مريديه على أساس أكثرهم إليه قربا هو أكثرهم له نفاقا وهكذا ندور في حلقة مفرغة. من الظلم والفساد والإفساد لأن كثيرا منا أحبوا أنفسهم وأهلهم أكثر من حبهم للعدل فضاع العدل وأضاع معه النفس والأهل والأمن والخير والسلام والتقدم والرقي، فصرنا في ذيل الأمم وأطلقوا علينا العالم الثالث لبعدنا الشاسع عنهم في الحضارة التي بنوها. فتركوا بيننا وبينهم عالم كامل يجب أن نمر به قبل أن نلحق بهم في العالم الأول حيث العدل والحق والحرية ! الرئيس الألماني لا يجد مكانا لأبنه في حضانة ........!! يا الله .. كلما سمعت أخبار هؤلاء القوم كلما زدت بك إيمانا ويقينا وبرسولك صلى الله عليه وسلم تصديقا، فأنا أرى تعاليم دينك-الإسلام- تطبق على أرض الواقع –ولو كان ذلك من غير المنتسبين لدينك- فأرى أثرها ينعكس على قوة القوم فيزدادوا قوة ونبتعد نحن عنها فنزداد ضعفا وتخلفا، فلقد قلت وقولك الحق : (إن الله يأمر بالعدل) النحل الآية(90) (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) النساء الآية(58) (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)الزمر الآية(9)، (قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور) الرعد الآية(16)، قال الله سبحانه: } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالقِسْطِ شُهَدَاءَ للهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيَّاً أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً{([4]). هم طبقوا تعاليمك فلم يخذلهم كونك القائم على قانون أسبابك وفرحوا بنتائج عملهم في الدنيا بعدلك وليس لهم في الآخرة من شيء، أما نحن فلم نطبق حرفا واحدا منها بل كررناها ملايين المرات بلا فكر ولا عبره ولا تدبر ولا نظرة فلم يزدنا ذلك الا نفورا فخسرنا الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين وحسبنا الله ونعم الوكيل . الرئيس الألماني لا يجد لأبنه مكانا في حضانة حكومية ..!!!!!!