نستضىء بالسيرة الذاتية للزعيم جمال عبدالناصر والتى أعدتها د. هدى جمال عبدالناصر، والتى تقول تفاصيلها أنه ولد فى 15 يناير 1918، فى 18 شارع قنوات فى حى باكوس الشعبى بالإسكندرية. التحق جمال عبدالناصر بروضة الأطفال بمحرم بك بالإسكندرية، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية فى الخطاطبة، وظل فيها خلال عامى 1923، 1924 وفى عام 1925 التحق بمدرسة النحاسين الابتدائية فى الجمالية بالقاهرة، وأقام عند عمه خليل حسين فى حى شعبى لمدة 3 سنوات، كان جمال يسافر لزيارة أسرته فى الخطاطبة خلال العطلات المدرسية، وحين وصل فى الإجازة الصيفية 1926 علم أن والدته توفيت قبل ذلك بأسابيع، ولم يجد أحد الشجاعة لإبلاغه بموتها، ولكنه اكتشف ذلك بنفسه بطريقة هزت كيانه، أتم جمال السنة الثالثة فى مدرسة النحاسين بالقاهرة، ثم أرسله والده فى صيف 1928 عند جده لوالدته فقضى السنة الرابعة الابتدائية فى مدرسة العطارين فى الإسكندرية، ثم التحق فى 1929 بالقسم الداخلى فى مدرسة حلوان الثانوية وقضى بها عاماً واحداً، ثم نقل فى العام التالى إلى مدرسة رأس التين الثانوية بالإسكندرية، بعد أن انتقل والده إلى العمل بمصلحة البريد، وفى عام 1930 استصدرت وزارة إسماعيل صدقى مرسوماً ملكياً بإلغاء دستور 1923، فثارت مظاهرات الطلبة تهتف بسقوط الاستعمار وعودة الدستور، وشارك عبدالناصر فى المظاهرة وتعرض للضرب بالهراوات واقتيد للقسم وخرج منه مشحوناً بطاقة من الغضب، وضاق المسؤولون فى المدرسة بنشاطه ونبهوا والده فأرسله إلى القاهرة، وألحقه فى عام 1933 بمدرسة النهضة الثانوية بحى الظاهر بالقاهرة، واستمر فى نشاطه السياسى، وفى 1935 فى حفل بالمدرسة لعب الطالب جمال عبدالناصر دور «يوليوس قيصر» بطل تحرير الجماهير فى مسرحية «شكسبير»، وقد شهد ذلك العام نشاطاً كبيراً للحركة الوطنية المصرية التى لعب فيها الطلبة الدور الأساسى وطالبوا بعودة الدستور، وفور صدور تصريح «صمويل هور» – وزير الخارجية البريطانية – فى 9 نوفمبر 1935 وإعلانه رفض بريطانيا عودة الحياة الدستورية فى مصر، اندلعت مظاهرات الطلبة والعمال فى البلاد، وقاد جمال عبدالناصر فى 13 نوفمبر مظاهرة من تلاميذ المدارس الثانوية واجهتها قوة من البوليس الإنجليزى فأصيب بجرح فى جبينه سببته رصاصة مزقت الجلد، ولكنها لم تنفذ إلى الرأس، وأسرع به زملاؤه إلى دار جريدة الجهاد التى يمتلكها ويرأس تحريرها توفيق دياب، وتصادف وقوع الحادث بجوارها ونشر اسمه فى العدد الذى صدر صباح اليوم التالى بين أسماء الجرحى (مجلة الجهاد 1935)، وكان نتيجة النشاط السياسى المكثف ل«عبدالناصر» فى هذه الفترة أن رصدته تقارير البوليس وقررت مدرسة النهضة فصله بتهمة تحريض الطلبة على الثورة، إلا أن زملاءه ثاروا وأعلنوا الإضراب العام وهددوا بحرق المدرسة فتراجع ناظر المدرسة عن قراره. وتنقل عبدالناصر بين التيارات السياسية الموجودة فى هذا الوقت، فانضم إلى «مصر الفتاة» لمدة عامين وانصرف عنها، كما كانت له اتصالات متعددة ب«الإخوان المسلمين» إلا أنه عزف عن الانضمام لأى من الجماعات أو الأحزاب القائمة لأنه لم يقتنع بجدوى أى منها فلما أتم دراسته الثانوية وحصل على البكالوريا فى القسم الأدبى، قرر الالتحاق بالجيش، وأيقن بعد التجربة التى مر بها فى العمل السياسى واتصالاته برجال السياسة والأحزاب التى أثارت اشمئزازه منهم أن تحرير مصر لن يتم بالخطب بل يجب أن تقابل القوة بالقوة والاحتلال العسكرى بجيش وطنى، وتقدم عبدالناصر إلى الكلية الحربية، ونجح فى الكشف الطبى ولكنه سقط فى كشف الهيئة، لأنه حفيد فلاح من بنى مر، وابن موظف بسيط لا يملك شيئاً، ولا يملك واسطة، ولما رفضت الكلية الحربية قبوله، تقدم فى أكتوبر 1936 إلى كلية الحقوق جامعة القاهرة، ومكث فيها ستة أشهر إلى أن عقدت معاهدة 1936 واتجهت النية إلى زيادة عدد ضباط الجيش المصرى بصرف النظر عن طبقتهم الاجتماعية أو ثروتهم، فقبلت الكلية الحربية دفعة فى خريف 1936، وأعلنت وزارة الحربية عن حاجتها لدفعة ثانية، فتقدم جمال مرة ثانية للكلية الحربية ولكنه توصل إلى مقابلة وكيل وزارة الحربية اللواء إبراهيم خيرى، الذى أعجب بصراحته ووطنيته وإصراره على أن يصبح ضابطاً فوافق على دخوله فى الدورة التالية أى فى مارس 1937 وتخرج فى يوليو 1938، والتحق عبدالناصر فور تخرجه بسلاح المشاة ونقل إلى منقباد فى الصعيد، والتقى فى منقباد بكل من زكريا محيى الدين وأنور السادات، وفى 1939 طلب نقله إلى السودان، فخدم فى الخرطوم وفى جبل الأولياء، وهناك قابل زكريا محيى الدين وعبدالحكيم عامر. وفى نهاية عام 1941 نقل إلى كتيبة بريطانية تعسكر خلف خطوط القتال بالقرب من العلمين، ورقى عبدالناصر إلى رتبة اليوزباشى (نقيب) فى 9 سبتمبر 1942. فى 7 فبراير 1943 عين مدرساً بالكلية الحربية، وخلال هذه الفترة كان يعد العدة للالتحاق بمدرسة أركان حرب. وفى 29 يونيو 1944 تزوج من تحية محمد كاظم، ابنة تاجر من رعايا إيران، كان قد تعرف على عائلتها عن طريق عمه خليل حسين، وأنجب ابنتيه هدى ومنى و3 أبناء هم خالد وعبدالحميد وعبدالحكيم، فلما كان عام 1945 ركز ناصر على تأليف نواة من الناس الذين بلغ استياؤهم من مجرى الأمور فى مصر وعقب صدور قرار تقسيم فلسطين فى سبتمبر 1947 عقد الضباط الأحرار اجتماعاً واعتبروا أن اللحظة جاءت للدفاع عن حقوق العرب، واستقر رأيهم على مساعدة المقاومة فى فلسطين وأمرت الحكومة المصرية الجيش بالاشتراك فى الحرب، فسافر إلى فلسطين فى 16 مايو 1948، بعد أن رقى إلى رتبة صاغ (رائد) فى أوائل عام 1948، صدرت الأوامر إليه أن يقود قوة من كتيبة المشاة السادسة إلى عراق سويدان التى كان الإسرائيليون يهاجمونها، ثم كان حصار الفالوجا. وبعد عودته إلى القاهرة أصبح عبدالناصر واثقاً من أن المعركة الحقيقية فى مصر. وبدأ من جديد نشاط الضباط الأحرار وتألفت لجنة تنفيذية بقيادة عبدالناصر، ووقع حريق القاهرة فى 26 يناير 1952 وفى ذلك الوقت كان يجرى صراع سافر بين الضباط الأحرار والملك فاروق فيما عرف بأزمة انتخابات نادى ضباط الجيش، ورشح الملك فاروق اللواء حسين سرى عامر، المكروه من ضباط الجيش، ليرأس اللجنة التنفيذية للنادى، وقرر الضباط الأحرار أن يقدموا قائمة مرشحيهم وعلى رأسهم اللواء محمد نجيب للرئاسة، وقد تم انتخابه بأغلبية كبرى، ورغم إلغاء الانتخاب بتعليمات من الملك، إلا أنه ثبت للضباط الأحرار أن الجيش معهم يؤيدهم ضد الملك، فقرر عبدالناصر، رئيس الهيئة التأسيسية للضباط الأحرار، تقديم موعد الثورة التى كان محدداً لها قبل ذلك عام 1955، وتحرك الجيش ليلة 23 يوليو 1952 وتم احتلال مبنى قيادة الجيش بكوبرى القبة، وإلقاء القبض على قادتة الذين كانوا مجتمعين لبحث مواجهة حركة الضباط الأحرار بعد أن تسرب خبرهم، وفى 18 يونيو 1953 صدر قرار من مجلس قيادة الثورة بإلغاء الملكية وإعلان الجمهورية، وبإسناد رئاسة الجمهورية إلى محمد نجيب 1952، أما عبدالناصر فقد تولى أول منصب عام كنائب رئيس الوزراء ووزير للداخلية فى هذه الوزارة التى تشكلت بعد إعلان الجمهورية. وفى الشهر التالى ترك عبدالناصر منصب وزير الداخلية، الذى تولاه زكريا محيى الدين، واحتفظ بمنصب نائب رئيس الوزراء، ثم تم تعيينه رئيساً لمجلس قيادة الثورة، وفى فبراير 1954 استقال محمد نجيب بعد أن اتسعت الخلافات بينه وبين أعضاء مجلس قيادة الثورة، وعين عبد الناصر رئيساً لمجلس قيادة الثورة ورئيساً لمجلس الوزراء إلى أن قرر المجلس فى 14 نوفمبر 1954 إعفاء محمد نجيب من جميع مناصبه. وفى 24 يونيو 1956 تم اختيار عبدالناصر رئيساً للجمهورية بالاستفتاء الشعبى. وظل جمال عبدالناصر رئيساً للجمهورية العربية المتحدة حتى رحل فى 28 سبتمبر 1970.