لا يسود تفاؤل كبير فى رام الله، مثلما يسود فى إسرائيل بأن مفاوضات السلام ستستأنف قريباً أو سينتظر الفلسطينيون نتائج زيارة وزير الخارجية المصرى أحمد أبوالغيط لواشنطن، قبل أن يقولوا كلمتهم بشأن العودة للمفاوضات. إسرائيل كانت تترقب باهتمام بالغ نتائج الاجتماع، الذى عقد فى القاهرة بين الرئيس حسنى مبارك والرئيس الفلسطينى محمود عباس «أبومازن» معولة على نجاح الزعيم المصرى فى إقناع ضيفه باستئناف المفاوضات مع إسرائيل، وأن يتم التمهيد لها بلقاء قمة يعقد فى مصر بمشاركتهما ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وربما وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون. وفى الوقت الذى أبدى فيه نتنياهو استعداده للتفاوض على كل قضايا التسوية الدائمة من دون شروط مسبقة، مع الأخذ فى الاعتبار أن مواقف رئيس الحكومة من قضايا الحل الدائم لم تتغير، وأن القدسالشرقية والغربية عاصمة أبدية لإسرائيل، وأنه يعارض بشدة قبول لاجئين فى حدود إسرائيل، غير أن الرئيس محمود عباس شدد مجدداً على تمسكه بالموقف المعروف منذ فترة طويلة، المتفق عليه مع مصر، فلا اعتراض على العودة إلى طاولة المفاوضات من حيث المبدأ، لكن ذلك مقرون بوقف الاستيطان والاعتراف بالمرجعية الدولية، كما أنه لابد أن تكون القدس مشمولة فى عملية المفاوضات، وهذه نقطة من نقاط خلافية جوهرية بين الطرفين. ولأن السلطة الفلسطينية تعرف الموقف الإسرائيلى غير المشجع بالنسبة لاستئناف المفاوضات، فإنها بانتظار الموقفين العربى والأمريكى، وهى فى حالة تشاور دائم مع الدول العربية والصديقة لمواجهة الظروف المقبلة وانعكاساتها فى المنطقة. وتأتى الجولة التى يقوم بها عباس فى المنطقة هدفاً لإطلاع قادة هذه الدول على آخر التطورات السياسية فى الأراضى الفلسطينية، خصوصاً فى ضوء التعنت الإسرائيلى برفض وقف الاستيطان فى عموم الأراضى الفلسطينية المحتلةوالقدس بشكل خاص التى تعتبر خطاً أحمر عربياً وفلسطينياً وإسلامياً. الولاياتالمتحدة وإسرائيل ترميان هذه الأيام بكل ثقلهما لحمل الرئيس المصرى على إقناع عباس بالعودة إلى طاولة المفاوضات لما لمصر من تأثير فى الفلسطينيين يفوق حتى تأثير الرئيس باراك أوباما، وإسرائيل من جهتها تعتبر التغيير الجدى فى مواقف نتنياهو الناجم أساساً عن قبوله خطة كلينتون، قد يقنع عباس باستئناف المفاوضات، والخطة تقضى بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على أساس حدود 1967 مع تبادل أراض متفق عليها أو الاعتراف بإسرائيل دولة قومية للشعب اليهودى، على أن تعكس الحدود اعترافاً بالواقع الناشئ فى إشارة إلى التكتل الاستيطانى وضمه إلى إسرائيل. وفى هذا السياق لم تنطل هذه التسهيلات التى يوحى بها نتنياهو على الفلسطينيين الذين وجدوا فيها تضليلاً كبيراً للرأى العام الدولى، وتأليبه ضد القيادة الفلسطينية من خلال قلب الحقائق، والسعى إلى إظهارها على أنها الطرف المعارض لاستئناف المفاوضات، ومن هنا قللت السلطة الفلسطينية من أهمية الحديث عن رسائل ضمانات أمريكية، فالسلام بالنسبة إليها لن يكون بأى ثمن، الفلسطينيون يريدون استئناف المفاوضات بقواعد واضحة وثابتة، الطرف الذى يتوجب الضغط عليه هو الطرف الذى يريد استئناف المفاوضات دون مرجعيات «أى إسرائيل». وبالطبع فى ظل مواصلة انتهاكات إسرائيل على الأرض، فإن الحكومة الإسرائيلية الحالية لم تفتح الصفحة الأولى من خطة خريطة الطريق، وتقرأ ما عليها من التزامات فى هذه الخريطة، وتأتى لتتحدث عن السلام واستئناف المفاوضات.