ياسر أيوب يكتب : حياة فرج

قبل أى حديث عن قضية أو فضيحة بطلة مصر الأوليمبية فى المصارعة.. حياة فرج.. لابد أن اعتذر أولاً عن خطأ فاضح وفادح وقعت فيه حين كتبت أول أمس عن ثلاث مرات فاز فيها الرئيس مبارك ببطولة أمم أفريقيا.. بينما هى أربع مرات وليس ثلاث.. ولم يكن خطأ مطبعياً.. ولا كان خطأ أى أحد آخر إلا أنا.. فكان هذا الاعتذار فرضا واجبا وحقا لكل قارئ أتقدم به بكل حب واحترام حقيقى، وآمل فى القبول والسماح والعفو..
أما حياة فرج.. فهى بطلة مصر وأول مصارعة تتأهل لدورة أوليمبية فى التاريخ الرياضى المصرى.. تبين بعد تحقيقات أجراها اتحاد المصارعة فى 4 أيام وعبر 69 صفحة، وسؤال 19 شاهدا.. أنها حتى الآن لا تجيد القراءة والكتابة.. تخيلوا بطلة أوليمبية مصرية والمصارعة الأولى فى كل أفريقيا وأمل مصر فى دورة لندن المقبلة.. عاجزة حتى عن أن تكتب اسمها..
وكان من الممكن عدم اكتشاف ذلك أو إعلانه لولا الفضيحة التى تلخصت فى رغبة اللاعبة التقدم بشكوى لاتحاد المصارعة من قسوة وسوء معاملة عضو مجلس إدارة ومدرب المنتخب لها أثناء بطولة العالم الأخيرة فى الدانمارك..
فقام المدرب السابق للمنتخب باستغلال جهل اللاعبة وكتب هو الشكوى واتهم عضو مجلس الإدارة والمدرب الحالى بالتحرش الجنسى ببطلة مصر.. وكادت أن تصبح فضيحة كبرى لولا أن تبين أن اللاعبة لم تشر من قريب أو من بعيد لأى تحرش جنسى وأنها لم تكتب شيئا لأنها أصلا لا تستطيع.. بل وتبين أنه حتى المدرب السابق للمنتخب جاهل أيضا هو الآخر واستعان بصديق ليكتب له الشكوى.. وليست المشكلة فى مدرب منتخب مصر الجاهل بهذا الشكل المخزى والمخالف لكل اللوائح التى تشترط المؤهل لشغل هذه الوظيفة..
وإنما هى فى بطلة مصر التى بقيت حتى الآن لا تجيد القراءة والكتابة.. فابنة حى الوردان بالإسكندرية التى بدأت تمارس المصارعة عام 1999 فى أحد مراكز الشباب قبل أن تنتقل للمؤسسة الرياضية العسكرية ومن هناك تلمع وتتألق وتفوز فتنضم لمنتخب مصر ثم تصبح لاعبة أوليمبية.. لم تصادف طيلة هذه الرحلة من يهتم بتعليمها..
لا المؤسسة العسكرية بكل رعايتها وحفاوتها بأبطالها.. ولا اتحاد المصارعة بكل رهاناته على حياة فرج لتكرار انتصارات كرم جابر الرائعة.. ولا اللجنة الأوليمبية المصرية التى لم تر أبدا فى جهل مطلق لبطلة أوليمبية أى عيب أو فضيحة.. وكان ذلك كافيا لنتخيل نوع وحجم اهتمام مسؤولى الرياضة فى بلادنا على اختلاف مواقعهم بنجومنا وأبطالنا..
وعدم الإعلان حتى الآن عن أى برنامج لتعليم حياة فرج كيف تقرأ وتكتب.. معناه أن نفس السادة المسؤولين لا يعرفون أو لا يعترفون بأن هناك مشكلة.. ولست أطالب بأن تحمل حياة فرج مؤهلا جامعيا أو حتى أى شهادة دراسية.. ففى العالم كله لا يملك معظم الأبطال والنجوم هذه الشهادات..
وإنما أقصد أن تعرف حياة فرج كيف تقرأ على الأقل اسم مصر أو اسمها حين تشارك فى أى بطولة عالمية أو دورة أوليمبية.. أقصد أن نتعلم كلنا رعاية الأبطال وصناعتهم.. وإلا يبقى جهل حياة فرج فضيحة لنا كلنا.. مع احترامى لكل جهود محو الأمية ومشروعات القراءة للجميع وأى صخب وأضواء زائفة عن الاهتمام ببناتنا.
yayoub@gmail.com