لا أعرف سر تخصص الزعيم الليبى معمر القذافى فى «هداية» فتيات إيطاليا- تحديداً- للإسلام، هل يبنى قائد الثورة الليبية منهجه واستراتيجيته على أن إقناع الفتاة بالإسلام سيجر خلفها تلقائياً زوجها أو صديقها، وبالتالى لا داعى لبذل جهد مماثل مع فتيان إيطاليا ورجالها، أم أنه مقتنع بأن قدراته الدعوية والإقناعية نافذة مع الفتيات الحسناوات فقط، وبما أن المسألة باتت تخصصاً، فالأفضل أن يركز فيما يتخصص ويجيد، بدلاً من تشتيت جهده فيما لا طائل من ورائه. لا يمكن أن تقرأ ما تتداوله وكالات الأنباء حول خطبة الزعيم القائد أمام 500 فتاة إيطالية، وحصلت كل منهن على 80 يورو مقابل حضور الندوة، دون أن تربطه باحتفاء وسائل الإعلام الليبية ذاتها بأن هذا هو اللقاء الثانى للزعيم مع نساء إيطاليا، فى إطار محاولات أسلمة أوروبا، وهو ما يدفعنى للسؤال: لماذا لا يُقنع «بيرلسكونى»، مثلاً، بالإسلام، ويبدأ بالسلطان، فربما فتحت له بلاد الطليان كلها من باب واسع، بدلاً من الفخر باعتناق 3 فتيات الإسلام من أصل 500 خاطبهن الزعيم القائد؟! تعرف، كما أعرف تماماً، أن الصورة الذهنية لمن يدعو للإسلام تؤثر فيمن يُدعَى للإسلام. هى مسألة منتهية تثبتها وقائع التاريخ، كما تثبتها علوم التسويق والترويج الحديثة، وتعرف أن مجوسياً من بلاد الفرس زار المدينةالمنورة، فوجد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب نائماً مفترشاً الأرض تحت ظل شجرة، وهو الخليفة الذى ملك نصف ما كان معلوماً من الأرض فى ذلك الوقت، فأسلم دون أن يدعوه أحد لذلك، وعرف الإسلام الحقيقى دون أن يحاضره أحد ويشرح له فضائل الإسلام، وقال قولته الشهيرة: «عدلت فأمنت فنمت يا عمر». حاولْ أن تطبق هذه القواعد على كثير من حكام العرب، وخذ القذافى نموذجاً باعتباره عميد الملوك والرؤساء- كما يحب أن يسمى، ما هى إذن صورته الذهنية ليس لدى العرب فقط، وإنما لدى الإيطاليين خاصة والأوروبيين والغرب عموماً؟ هو «ديكتاتور» بالمفهوم العلمى والعملى للكلمة، يحتكر السلطة منذ 40 عاماً تقريباً، لم ينجح فى تقديم نموذج حقيقى، لا على مستوى الديمقراطية التى يرفضها، أو على مستوى التنمية والاستغلال الأمثل للثروات، يُشاَهد يُوزِّع أموال بلاده فى اتجاهات مختلفة ما بين هبات وهدايا، وتعويضات وأموال سرية، دون أن يحاسبه أو يراجعه أحد، يحكم كملوك أوروبا فى عصورهم الوسطى بتفويض يبدو «إلهياً»، يزرع حدائق الأوروبيين بخيامه التى تتكلف مئات الآلاف من اليوروهات، وبطقوسه التى تتكلف المزيد، فهل يعكس ذلك أى حقيقة أو جوهر للإسلام؟ ربما يفرح البعض بإسلام 3 فتيات، لكن هناك 497 فتاة من الخمسمائة ربما نفرن من الإسلام وإلى الأبد، ومعهن كل من يقرأون عن القذافى وشطحاته، وبدأوا ينظرون إليه، بما له من صورة ذهنية لديهم، وكأنه الإسلام. ليفعل القذافى ما يشاء بحكم سلطاته المطلقة، لكن لا يجب أن يتحدث باسم الإسلام، خاصة أمام شعوب تحاول أن تعرف حقيقة هذا الدين الذى يقلقها، وإذا كان مصرّاً على الدعوة، فليقدم نموذجاً رشيداً فى الحكم والإدارة يعكس جوهر الإسلام الحقيقى، وقتها سيغزو أوروبا برجالها قبل نسائها! [email protected]