إخفاق الأهلي وإنجاز الهلال.. حصاد العرب في كأس العالم للأندية 2025    "11 من 11".. جوارديولا يحلق في سماء كأس العالم للأندية    كاظم الساهر وميريام فارس يتألقان بحفل موازين بالمغرب (فيديو)    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الفرنسي التطورات الإقليمية وسرعة التوصل لوقف إطلاق النار فى غزة    ماكرون يحذر من تداعيات انسحاب إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي    ملخص وأهداف مباراة الوداد ضد العين فى كأس العالم للأندية    شروط التسجيل لاختبارات القدرات بالثانوية العامة 2025    تراجع أسعار الذهب اليوم الجمعة 27 يونيو في بداية التعاملات بالبورصة    الزمالك يبحث عن 8 صفقات جديدة لتدعيم صفوف الفريق    "لازم واحد يمشي".. رضا عبدالعال يوجّه طلب خاص لإدارة الأهلى بشأن زيزو وتريزيجيه    7 هزائم و23 هدفًا في الشباك.... حصاد مرير للكرة الإفريقية في كأس العالم للأندية 2025    القاهرة على صفيح ساخن، درجات الحرارة اليوم الجمعة فى مصر    محافظ الجيزة يعتمد تنسيق القبول بالثانوية العامة الأحد المقبل    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم 27 يونيو    سطو مسلح على منزل براد بيت بلوس أنجلوس أثناء تواجده بالخارج    الكشف المجاني على 872 مواطن بقافلة حي الصفا بالعريش    طريقة عمل كيكة البرتقال، خطوات بسيطة ونتيجة مبهرة    يكسر رقم أبو تريكة.. سالم الدوسري هداف العرب في تاريخ كأس العالم للأندية (فيديو)    حريق ضخم في منطقة استوديو أذربيجان فيلم السينمائي في باكو    سعر الدولار اليوم الجمعة 27-6-2025 ينخفض لأدنى مستوياته عالميًا منذ مارس 2022    بكام طن الشعير؟ أسعار الأرز اليوم الجمعة 27 يونيو 2025 في أسواق الشرقية    كم فوائد 100 ألف جنيه في البنك شهريًا 2025؟ أعلى عائد شهادات في البنوك اليوم    فلسطين.. اندلاع مواجهات عنيفة بين فلسطينيين ومستوطنين إسرائيليين في المنطقة الشرقية بنابلس    قمة الاتحاد الأوروبي تفشل في إقرار الحزمة ال18 من العقوبات ضد روسيا    مدحت شلبي يكشف قرارًا صادمًا من وسام أبو علي.. وتخوف الأهلي    حنان مطاوع تروي كواليس «Happy Birthday»: صورنا 8 ساعات في النيل وتناولنا أقراص بلهارسيا    دعاء أول جمعة فى العام الهجرى الجديد 1447 ه لحياة طيبة ورزق واسع    فضل شهر محرم وحكم الصيام به.. الأزهر يوضح    مصطفى بكري: 30 يونيو انتفاضة أمة وليس مجرد ثورة شعبية    «البنت حبيبة أبوها».. أحمد زاهر يوجه رسالة مؤثرة لابنته ملك في عيد ميلادها    ليوناردو وسافيتش يقودان الهلال ضد باتشوكا فى كأس العالم للأندية    بالصور.. نقيب المحامين يفتتح قاعة أفراح نادي المحامين بالفيوم    وزير قطاع الأعمال يعقد لقاءات مع مؤسسات تمويل وشركات أمريكية كبرى على هامش قمة الأعمال الأمريكية الأفريقية بأنجولا    الورداني: النبي لم يهاجر هروبًا بل خرج لحماية قومه وحفظ السلم المجتمعي    30 مليار دولار مقابل نووي بلا تخصيب.. تفاصيل خطة «ترامب» السرية لإعادة إيران لطاولة المفاوضات    ملف يلا كورة.. جلسة الخطيب وريبييرو.. فوز مرموش وربيعة.. وتجديد عقد رونالدو    من مصر إلى فرانكفورت.. مستشفى الناس يقدّم للعالم مستقبل علاج العيوب القلبية للأطفال    عطلة الجمعة.. قيام 80 قطارًا من محطة بنها إلى محافظات قبلي وبحري اليوم    بحضور مي فاروق وزوجها.. مصطفى قمر يتألق في حفلة الهرم بأجمل أغنياته    السيطرة علي حريق مصنع زيوت بالقناطر    إصابة سيدتين ونفوق 15 رأس ماشية وأغنام في حريق بقنا    الشارع بقى ترعة، كسر مفاجئ بخط مياه الشرب يغرق منطقة البرج الجديد في المحلة (صور)    هل التهنئة بالعام الهجري الجديد بدعة؟.. الإفتاء توضح    الأوقاف تفتتح اليوم الجمعة 9 مساجد في 8 محافظات    "القومي للمرأة" يهنئ الدكتورة سلافة جويلى بتعيينها مديرًا تنفيذيًا للأكاديمية الوطنية للتدريب    لجان السيسي تدعي إهداء "الرياض" ل"القاهرة" جزيرة "فرسان" مدى الحياة وحق استغلالها عسكريًا!    موجودة في كل بيت.. أنواع توابل شهيرة تفعل العجائب في جسمك    ترامب: خفض الفائدة بنقطة واحدة سيوفر لنا 300 مليار دولار سنويا    مصرية من أوائل ثانوية الكويت ل«المصري اليوم»: توقعت هذه النتيجة وحلمي طب بشري    المفتي: التطرف ليس دينيا فقط.. من يُبدد ويُدلس في الدين باسم التنوير متطرف أيضا    مصرع سيدة وإصابة آخر في تصادم سيارة ملاكي مع نصف نقل بالجيزة    حجاج عبد العظيم وضياء عبد الخالق في عزاء والد تامر عبد المنعم.. صور    «30 يونيو».. نبض الشعب ومرآة الوعي المصري    حسام الغمري: الإخوان خططوا للتضحية ب50 ألف في رابعة للبقاء في السلطة    فيديو متداول لفتاة تُظهر حركات هستيرية.. أعراض وطرق الوقاية من «داء الكلب»    وزير السياحة والآثار الفلسطينى: نُعدّ لليوم التالي في غزة رغم استمرار القصف    مفتى الجمهورية: الشعب المصرى متدين فى أقواله وأفعاله وسلوكه    إصابة 12 شخصا إثر سقوط سيارة ميكروباص فى أحد المصارف بدمياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأملات فى الجماعة الحقيقية: حتمية التأسيس الثانى «2-3»
نشر في المصري اليوم يوم 09 - 09 - 2010

انتهى مسلسل «الجماعة» على جملة رددها الإمام حسن البنا: «لذا خلق الله الندم»، بعد أن انكشف أمر التنظيم الخاص، وحلت الجماعة بفعل عملياته الإرهابية، التى راح ضحيتها عشرات الأبرياء، ولم يكن كثير منها بقرار من حسن البنا بعد أن تغول التنظيم الخاص وخرج عن طوعه.
والحقيقة من الخطأ القول إن التنظيم الخاص لجماعة الإخوان المسلمين قد أسس لمواجهة الإنجليز أو للحرب فى فلسطين كما يصر بعض أعضاء الإخوان (ويعتبرونه مفخرة لمصر)، تماما مثل أنه من الخطأ اعتبار أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية تقوم على تكفير المجتمع والحاكم وتدعو لقلب نظام الحكم بالقوة كما يردد كثير من خصوم الإخوان، والصحيح أنها بالأساس جماعة دعوية سلمية تحمل أيديولوجية متعددة الأوجه وطريقة خاصة فى تربية كوادرها تجعل استخدام العنف واردا فى مرحلة التأسيس الأول من أجل تحقيق أهداف الدعوة وبناء الدولة الإسلامية.
ولعل هذا ما جعل البنا يؤسس جماعة تعمل فى كل شىء، ولذا، لم يكن غريبا أن يكون تعريفه لها بهذا الشكل العام والفضفاض حين قال: الإخوان دعوة سلفية وطريقة سنية وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية وثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية، وأضاف فى موقع آخر: أيها الإخوان أنتم لستم جمعية خيرية ولا حزبا سياسيا ولا هيئة موضوعية لأغراض محدودة المقصد، ولكنكم روح جديدة تسرى فى قلب هذه الأمة فتحييه بالقرآن، ونور جديد يشرق فيبدد ظلام المادة بمعرفة الله، وصوت مدوٍ يعلو مرددا دعوة الرسول، ومن الحق الذى لا غلو فيه أن تشعروا أنكم تحملون هذا العبء بعد أن تخلى عنه الناس.
أما الحزبية، فرفضها البنا واعتبر أن الإسلام لا يقر التعددية الحزبية، حيث قال: أعتقد أيها السادة أن الإسلام وهو دين الوحدة فى كل شىء وهو دين سلامة الصدور ونقاء القلوب والإخاء الصحيح - والتعاون الصادق بين بنى الإنسان جميعا، فضلا عن الأمة الواحدة والشعب الواحد لا يقر نظام الحزبية ولا يرضاه ولا يوافق عليه، والقرآن الكريم يقول: «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا».
والحقيقة، أن فكرة الجماعة التى مهمتها القيام بأعمال دينية واجتماعية وسياسية ورياضية وصوفية لاتزال خيارها حتى الآن، ولايزال نجاح الإخوان فى المجال السياسى يرجع إلى فشل النظام السياسى، وهو نجاح خادع لا يعكس فى الحقيقة أى تطور عميق فى فكر الجماعة يجعل ممارستها العمل السياسى أمراً يخدم الديمقراطية والإصلاح السياسى فى مصر.
والحقيقة، أن هذه الصيغة الدعوية، التى تربى عليها الإخوان من الممكن أن تبقى فاعلة ومؤثرة خارج السلطة، وأنها لن تكون بالضرورة كذلك بعد تأسيس حزب سياسى يهدف إلى الوصول للسلطة، ويتحرك تحت أضواء الإعلام وبريقه، ويصبح قادته «نجوماً جدداً» فى الفضائيات، مثلهم مثل باقى القوى السياسية والحزبية الأخرى، ويفتح أبوابه للمواطنين مسلمين ومسيحيين ملتزمين دينيا وغير ملتزمين، وتصبح قضية الرقابة على «سلوكيات» أعضائه تخضع للقانون والقواعد الديمقراطية وليس فقط قيم الجماعة الدينية، التى لا بأس أن يتمسك بها البعض كاختيار شخصى وليس معياراً للتجنيد والفرز.
ويتواكب مع تحدى طبيعة العضوية تحد آخر يتعلق بالأيديولوجيا التى تتبناها الجماعة، التى لاتزال تستند إلى مفهوم العقيدة الإسلامية الشاملة والكلية، فى الوقت الذى انتقل فيه العالم منذ انهيار الاتحاد السوفيتى والكتلة الاشتراكية، من عصر الأيديولوجيات الكبرى والشاملة إلى عصر الأيديولوجيات الجزئية والناعمة، وبالتالى، هى تصلح لدغدغة مشاعر البسطاء بشعارات من نوع «الإسلام هو الحل»، ولكنها لا تبنى دولة مدنية حديثة قادرة على صناعة التقدم والديمقراطية.
ولايزال البعض يتصور بسذاجة مرتبطة بطبيعة اللحظة الحالية، التى غيب فيها العقل عن المجتمع المصرى أن عقيدة الإخوان الربانية كفيلة بنجاحها، مقارنة بالعقائد «المادية» الأخرى، وهو أيضا رأى فيه جهل بالدين والسياسة معا، لأن المنهج الربانى سيوجد فى حالة واحدة فقط إذا كان مَن سيطبقه ملائكة وليسوا بشراً، وبما أن مَن سيطبق هذا المنهج بشر لهم أهواؤهم وتحيزاتهم، فعليهم ألا يتوهموا للحظة أنهم أصحاب منهج ربانى فوق الآخرين، ولا يخضع لحسابات السياسة وأهوائها، ويستلزم بالحتم رقابة قانونية كما يوجد فى البلدان الديمقراطية.
إن مَن يتصورون أن الأوطان تدار بالأدعية والنوايا الطيبة والشعارات الدينية، وأن العالم يخشى من دعوة الإخوان الربانية، لم يفهموا شيئا عن العالم، فمثلا حين شعر الأمريكان أن من مصلحتهم دفع «إخوان العراق» إلى المشاركة فى العملية السياسية فعلوا ذلك بكل سلاسة، وأفسحوا لهم مكانا من أجل المشاركة فى حكم العراق وبناء القائمة العراقية التى يقودها العلمانى إياد علاوى، دون أن يعبأوا بخطابهم الدعوى، ولا بأنهم جماعة ربانية كما يردد الإخوان وجمهورهم فى مصر بعد أن تخلفوا عن باقى الحركات الإسلامية الإخوانية وغير الإخوانية بعقود.
من الممكن بناء جماعة تتبنى الموقف ونقيضه، وتؤسس لوهم براق اسمه شمولية الدعوة، وتنجح لفترة من الزمن ولكن لا يمكن أن تنجح طوال الوقت، وهذا ما جرى مع الإخوان، الذين أسسوا جماعة تحدثت عن شمولية الدين والدعوة بشكل مخلص، ولكنها تاهت فى التفاصيل وتخبطت لأنها صممت لكى تبقى فى العموميات، فأخطأت فى كثير من حساباتها وتحالفاتها وطريقة عملها، وفى بناء تنظيم مسلح لحماية جماعة سلمية.
لقد استمدت دعوة الإخوان الشاملة قوتها من تعثر الجزئى، أى المشهد السياسى وأداء الأحزاب وممارساتها، فكانت دعوتها محاولة للعودة إلى اليقينى والثابت، متمثلا فى الإسلام، خروجا من أزمات الواقع المعاش وشروره.
ولم يكن نجاحها بعيدا عن نجاح ثورة يوليو (ومن هنا كان تقاربهما فى البداية)، التى تحدثت هى الأخرى عن الصوت الواحد والحزب الواحد والصرخة الواحدة كبديل عن التعددية الحزبية الفاشلة، وتفاصيل المشهد السياسى المأزوم.
وإذا عاد أى باحث منصف لأدبيات الإخوان، سواء كتابات حسن البنا أو الأجزاء الثلاثة من كتاب «الإخوان المسلمين.. رؤية من الداخل» لمحمود عبدالحليم، سيكتشف أن التأسيس الأول للجماعة كان يدور حول الثابت واليقينى فى المشروع الإسلامى (العقيدى والربانى والدعوى) وهو أمر مقبول إذا كان من يتبناه هو جماعة دعوية ودينية لا تمارس العمل السياسى، إنما تطرح مبادئها على المجتمع ككل، أما إذا ترجمت فى جماعة تمارس العمل السياسى وتخلط بين الدين والسياسة، فإن النتائج ستكون هى الانتقال من الفشل إلى مزيد من الفشل.
ويبقى السؤال المحورى: هل إخوان الألفية الثالثة قادرون على القيام بتأسيس ثان للجماعة يقوم على الفصل بين الدعوى والسياسى؟ وهل هناك قناعة لدى تيار ولو قليل بأهمية هذا الفصل، ويعى أن خروجها من دائرة الفشل السياسى لن يكون إلا بالجراحة المؤجلة، وهل يمكن إصلاح الجماعة التى تقول على نفسها جماعة إصلاحية ودمجها فى المعادلة السياسية، أم أن هذا أمر مستحيل؟ يبقى هذا هو حديثنا المقبل والأخير فى هذه السلسلة.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.