ياسر أيوب يكتب : رعاية تائهة وحقوق ضائعة

هذا خبر عابر لن تنقله لكم الصحافة الرياضية فى مصر عن الصحافة الرياضية الألمانية أو وكالات الأنباء، لأنه فى رأى القائمين على شؤون وشجون إعلام مصر الرياضى المقروء والمسموع والمرئى خبر غير مهم على الإطلاق.. فقد قررت شركة طيران لوفتهانزا التوقف عن سداد باقى مستحقات نادى بايرن ميونيخ، الذى ترعاه الشركة، لأن النادى الألمانى الكبير والعريق أخل ببنود الاتفاق بينهما، ولأن الشركة اكتشفت أن إدارة النادى تكاسلت أو أهملت أو عجزت عن عقد صفقات حقيقية ينضم بها نجوم كبار يحتاجهم بايرن ميونيخ، وأوضحت إدارة الشركة أنها حين قررت التعاقد مع النادى الكبير لرعايته مقابل خمسين مليون يورو.. فإنها فى الحقيقة تعاقدت وقبلت أن تدفع هذا المبلغ الكبير لناد كبير يريد ويطمح ويصر على أن يبقى كبيرا..
 وطالما أن إدارة النادى لم تلتزم بذلك، فإن الشركة فى هذه الحالة ليست مطالبة بأن تدفع باقى قيمة الرعاية.. وكان المدير الفنى للنادى «لويس فان جال» قد أكد قبل بداية هذا الموسم أنه ليس فى حاجة لأى لاعب يضمه إلى قائمة لاعبيه الذين فازوا بدورى ألمانيا وكأسها ولعبوا المباراة النهائية لدورى الأبطال الأوروبى.. وأمام موقف شركة الطيران الألمانية الغاضب والمتشدد.. اضطر رئيس النادى للتأكيد على أن إدارته بصدد التعاقد مع بعض اللاعبين الجدد فى مقدمتهم ظهير أيسر.
وإلى هنا ينتهى الخبر العابر الذى لا أراه عابرا وإنما يستحق التوقف أمامه كثيرا وطويلا لنتعلم شيئا جديدا علينا داخل مؤسسات الكرة المصرية، خاصة أن الاتحاد المصرى يوشك على فتح باب المزايدة العلنية أمام الجميع لرعاية الكرة المصرية لأربع سنوات مقبلة، وإذا كان رائعا أن اتحاد الكرة انتبه إلى قيمة السلعة التى يبيعها لوكالات الإعلانات والشركات الكبرى سواء كان مجالها الاتصالات أو المياة الغازية، وقرر أن يضاعف القيمة التى يحصل عليها مقابل بيع هذه الحقوق مرتين أو ثلاث لأنه لن يبيعها بعد الآن بالمجاملات: الهدايا الشخصية والمصالح المتبادلة..
 فإن الاتحاد يجب أن يدرك أيضا أنه بات مطالبا بضمانات كثيرة مقابل كل هذه الملايين التى سيتقاضاها مقابل رعاية الكرة.. فلا تبقى هذه الفوضى الحاصلة فى سوق الرعاية والإعلانات الرياضية.. ولا يمكن للاتحاد أن يتقاضى كل هذه الملايين مقابل الرعاية ثم لا يملك فى الوقت نفسه لوائح محددة وواضحة تحمى حقوق من سيدفع وتمنع أى لاعب أو مدرب أو ناد من كسر حدود تلك الرعاية.. وكذلك الأندية التى تبيع حق رعاية فرقها لكرة القدم كالأهلى والزمالك والإسماعيلى والمصرى..
ثم إن الاتحاد مطالب بالحفاظ على مسيرة المنتخب الأولى وبحدود دنيا لمستويات ونتائج باقى منتخباته فى الأعمار السنية المختلفة.. والأندية مطالبة، لكى تبيع الدورى الممتاز بأعلى سعر، بأن تحافظ على انتظام المسابقة فلا تتوالى مطالب الأندية وضغوطها لتأجيل مباراة بعد أخرى.. ولكن تبقى المشكلة فى الرعاة أنفسهم الذين يمارسون مهمتهم على الطريقة المصرية غير الواضحة وغير المفهومة أيضا، فشركة لوفتهانزا رفضت سداد باقى تعاقدها مع بايرن ميونيخ لأنه لم يتعاقد مع لاعبين جدد.. فهل هناك راع واحد أو شركة واحدة فى مصر على استعداد للقيام بمثل هذه الخطوة؟!
وكل الرعاة الكبار للمنتخب الفرنسى اجتمعوا بعد انتهاء المونديال الأفريقى الماضى وقرروا تخفيض حجم المبالغ التى يدفعونها للاتحاد الفرنسى نتيجة الأزمات الأخلاقية التى لاحقت المنتخب.. ترى كم أزمة أخلاقية شهدها منتخب أو ناد مصرى ولكنها لم تؤثر على أى عقود لرعاية أو إعلانات، لأن المعادلة كلها فى مصر ليست واضحة ولا ظاهرة ولا تملك أى قواعد أو قانون.. وهو حال أتمنى بالفعل ألا يبقى وألا يدوم.
yayoub@gmail.com