الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث تطيب به الأوقات، وتطهر به النفوس، وتثمر به المعانى، وتتآلف عليه القلوب، وترقى به النفوس، وتتهذب به الطباع، لأن لنا فى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة، قال الله عز وجل «لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً» (الأحزاب 21). والمعهود عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان أجود الناس وكان أكرم الناس، وكان أجود ما يكون وأكرم ما يكون فى رمضان، كان أسبق بالخير من الريح المرسلة، وذلك حين ينزل عليه جبريل عليه السلام يدارسه القرآن، ومعنى ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كريم طول العام بنسبة مائة فى المائة فإذا جاء رمضان زادت هذه النسبة. وما كان ذلك إلا شكراً لله عز وجل أن بلغه الشهر الكريم، وحبا منه لمدارسة القرآن الكريم، التى تعنى تلاوته على تدبر، وما أشد حاجتنا إلى هذا المعنى وتلك المدارسة، أما المعنى فهو معنى زيادة الكرم التى لا تعنى بالضرورة ذلك الكرم المادى وحده، وإنما تعنى الكرم العام، الذى يشمل كرم الخلق إلى جانب كرم العطاء، وأما المدارسة التى من شأنها أن نتدبر كلام الله على نحو عملى بأن نعرض واقع حياتنا عليه، فما وافقه منه حمدنا الله عليه وسألناه أن يثبتنا عليه، وما تعارض منه معه راجعنا فيه أنفسنا، ومن أمثلة ذلك أننا نقرأ قول الله تعالى فى سورة النساء الآية (1): «...واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام...» فمن كان واصلاً رحمه فليحمد الله، ومن كان قاطعاً إياه فليرجع إلى كلام الله، وليصل رحمه حتى يكون وقافاً عند كتاب الله، كما كان الناس زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ثم فازوا، فرضى الله عنهم، ورضوا عنه، لكننا مع الأسف نتدارس القرآن ونفسره ونعربه، ونذكر فى ضوء الآية الواحدة عشرات القصص من صحيح وإسرائيلى وضعيف، ولا نفعل شيئاً، وقد قيل لأحد السلف: حدثنا فقال: أتطلبون منى أن أتعجل مقت الله، بأن أقول ما لا أفعل، والله يقول: «كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون».