إيقاف تأشيرة عمرة ال«B2C» للمصريين بعد أزمة حج 2024 (خاص)    قانون لحل مشاكل الممولين    إلى أين يهرب نتنياهو..؟ بين حرب جديدة أو فوضى شاملة    كوريا الجنوبية تدعو روسيا إلى وقف التعاون العسكري مع كوريا الشمالية.. وموسكو: نساهم فى تعزيز السلام    يورو 2024| التعادل الإيجابي يحسم الشوط الأول من مباراة النمسا وبولندا    الأولمبية تمهل مجلس النصر أسبوعاً للرد على الشكاوى    بعد القبض عليه من هو «البلوجر لوشا» وما معدل أرباحه علي التيك توك    بسبب استبدال العملة.. القبض على تشكيل عصابي احتجزوا شابين بالشيخ زايد    السفير اللبناني في المغرب يكرم كارول سماحة قبل حفلها في «موازين»    علماء الأزهر والأوقاف: ديننا الحنيف حث على العلم وفتح للعقل آفاق البحث والمعرفة    البنتاجون: يحق لأوكرانيا استخدام الصواريخ الأمريكية طويلة المدى لضرب أهداف داخل روسيا    ارتفاع حصيلة ضحايا موجة الحر الشديدة بالهند إلى 143 حالة وفاة وأكثر من 41 ألف مصاب    بيان عاجل للحكومة بشأن وفاة مئات المصريين في الحج    افتح الكاميرا وانتظر السجن.. عقوبة التقاط صور لأشخاص دون إذنهم    شروط التقدم للمدارس الثانوية الفنية لمياه الشرب والصرف الصحي لعام 2024 / 2025    التصريح بدفن جثة شخص لقي مصرعه أسفل عجلات القطار بقليوب    البطريرك مار أغناطيوس في منزل القديس جان ماري فيانّي بفرنسا    سعاد حسني.. حياة حافلة بالحضور الطاغي ورحيل غامض أثار التكهنات    أسعار الذهب في مصر اليوم الجمعة 21 يونيو 2024    المفتي يستعرض عددًا من أدلة عدم نجاسة الكلب.. شاهد التفاصيل    الأرز الأبيض.. هل يرفع احتمالات الإصابة بداء السكر؟    الزمالك يشارك في دوري الكرة النسائية الموسم المقبل    يورو 2024.. ليفاندوفسكى على مقاعد البدلاء فى مباراة بولندا ضد النمسا    الأمين العام للأمم المتحدة: شعوب المنطقة لن تسمح بتحول لبنان إلى غزة أخرى    مدير الحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب: لقاء الجمعة تربوي وتثقيفي    غدا، مكتبة مصر العامة تناقش كتاب «مسيرة تحرر.. مذكرات محمد فايق»    في حال التصالح، هل يعرض إمام عاشور على النيابة في واقعة المول بالشيخ زايد؟    القسام فتحت النار عليهم.. إعلام إسرائيلي يكشف تفاصيل كمين نتساريم في غزة    التضامن تطلق النسخة الثانية لمبادرة "الأب القدوة"    السمسمية تختتم احتفالات قصور الثقافة ببورسعيد بعيد الأضحى    22 لاعبًا في قائمة سموحة لمواجهة طلائع الجيش    محافظ الغربية يتابع الحملات المستمرة لإزالة التعديات على الأراضي الزراعية    مطاي تنفذ مبادرة خفض الأسعار للسلع الغذائية في منافذ متحركة وثابتة    الداخلية تحرر 169 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق خلال 24 ساعة    استشهاد فلسطينيين برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية    «قوة الأوطان» موضوع خطبة الجمعة المقبلة    هآرتس: الجيش الإسرائيلى يستعد لإنهاء القتال فى غزة    بعد إتهامه بالسرقة.. شقيق شيرين عبد الوهاب يقاضي حسام حبيب    ما مصير جثامين الحجاج المصريين «مجهولي الهوية»؟.. اتحاد المصريين بالسعودية يكشف (فيديو)    لتعويض كروس.. موندو ديبورتيفو: ريال مدريد يدرس التعاقد مع أدريان رابيو    وزير الأوقاف: تعزيز قوة الأوطان من صميم مقاصد الأديان    أول تعليق من الأب دوماديوس الراهب بعد قرار الكنيسة بإيقافه عن العمل    استقرار أسعار عملات دول البريكس في البنوك المصرية    وكيل صحة الشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى الصدر بالزقازيق    تركي آل الشيخ يرصد 60 مليون دولار لكأس العالم للرياضات الإلكترونية    بعد الإطاحة به من المنافسة.. خيبة أمل تصيب صناع الفن بعد تذيل أهل الكهف الإيرادات    مدير آثار الكرنك: عقيدة المصري القديم تشير إلى وجود 3 أشكال رئيسية للشمس    أحمد مات دفاعا عن ماله.. لص يقتل شابا رميًا بالرصاص في قنا    أزهري يوضح أضلاع السعادة في الإسلام    استشاري نفسي يقدم روشتة للتخلص من اكتئاب الإجازة    أمين الفتوى محذرا من ظلم المرأة في المواريث: إثم كبير    طريقة عمل ميني بيتزا، سهلة ومناسبة لإفطار خفيف    وزير الإسكان: جار إنشاء الطريق الإقليمى الشرقى حول مدينة أسوان وتوسعة وتطوير كورنيش النيل الجديد    الحرارة تصل ل47 درجة.. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة (تفاصيل)    تعليق مثير من ليونيل سكالوني بعد الفوز على كندا في كوبا أميركا    نماذج استرشادية لامتحان اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة 2024    عاجل - "قطار بسرعة الصاروخ".. مواعيد وأسعار قطارات تالجو اليوم    حلمي طولان يناشد الخطيب بطلب شخصي بخصوص مصطفى يونس.. تعرف على السبب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لعل عتبه محمود عواقبه

اتصل بى هاتفيا الأسبوع الماضى صديق قديم وأخ حبيب طالما تعفرت أقدامنا بالسير أثناء التنقل بين السجون المصرية نصرة لإخوة كرام عانوا ضيم الاعتقال، وأحيانا أيضا خفية من أعين الرقابة الأمنية التى تترصد خطانا، هو المحامى الدكتور هانى السباعى، وحاليا مدير مركز المقريزى للدراسات، واللاجئ السياسى بلندن.
مرت شهور، ربما تصل لعامين، لم أسمع خلالها صوت صديقى القديم، كنت أقدر ظروفه، فالرجل مطارد دائما تترصده أجهزة الاستخبارات الأمريكية، تضايقه. ضحكت كثيراً عندما قرأت أن الأمم المتحدة والإدارة الأمريكية نجحتا فى فرض عقوبة تأميم أرصدة وحسابات الرجل!! وأنا أعلم الناس به، فقيرا عاش فى مصر، فقيراً يدافع عن الفقراء، ثم عاش لاجئا فقيرا، وأدركت أن دس مثل هذه الأخبار هو تخطيط موجه من قوى الشر لتلقى فى روع الناس أن أجهزتهم تطارد كل الخارجين عليها، الرافضين وجود الأمريكان فى بلادنا العربية.
لم يَخفْ هانى السباعى ولم يَهنْ، ولم تَلنْ له قناة، رغم كل التهديدات واستمر يجهر بأرائه وانتقاداته للسياسات الأمريكية فى المنطقة، لم يستطيعوا إثبات أى اتهامات ضده بالإرهاب دعما أو مساندة على النحو الذى يلفقونه دائماً.
هانى السباعى نقل لى فى مكالمته الأخيرة عتابا حادا من جموع غاضبة هنا وهناك من الإسلاميين، ساءهم ظهورى فى برنامج «صناعة الموت»، و«إصرارى» على منابذة الدكتور أيمن الظواهرى العداء بإعلانى عزمى إعادة نشر كتابى «أيمن الظواهرى كما عرفته». كان السباعى قاسيا حاسما فى انتقاداته لشخصى لا يريد أن يسمع منى، صرخت ليسمعنى، ومن يدافع عنى أنا من...؟ لماذا سكتم حينما هاجمنى هو وعرّض بى واتهمنى فى شرفى وسمعتى؟ «يا عمنا إنت قمت باللازم».. قالها السباعى وهو يضحك ليضفى على الحديث مسحة من الهزل تخفف غلواء الحوار واستطرد: «ياعم إنت ماسكتش، إنت أصدرت كتاب مقابل كتاب، وكتابك يقتطف منه ويرجع إليه كل الذين يثيرون الغبار فى وجه الظواهرى»، بادرته: وكل الذين يسيئون لى يغترفون من كتاب الظواهرى «فرسان تحت راية النبى».
صديقى القديم يعرف مداخلى فقد خبرنى كثيرا وعايشنى على الحلوة والمُرة، قال: «ياراجل إنت حتى فقدت فى حوارك البئيس هذا أهم ما يميزك، أنك تحترم خصومك وتنزلهم منازلهم، لقد نزعت عن الرجل وصاحبه - يقصد بن لادن - ألقابهم ورحت تناديهم بأسمائهم».. قالها وهو يضحك يريد أن يسبر أغوارى، وفعلا هدأت قليلا وقلت له: تعرف يا هانى، والله كان كلام من قبيل الغضب، ليست لدىّ نوايا إعادة إصدار الكتاب مرة أخرى وإنما قلتها غاضبا كأنى تذكرت كل الإساءات»، فالتقطها صاحبى ليعزز وجهة نظره وفكرته: «هذا البرنامج معاد للفكرة الإسلامية ولكل الجماعات، استطاعت المحاورة أن تستدرجك حيث تريد». كسب هانى هذه الجولة من الحوار.
قرابة الساعة وصديقى القديم يهاتفنى من وقت أن نادى المؤذن لصلاة المغرب حتى كاد «العشاء» يغطى أجواءنا وشعرت براحته، وأنا أكرر له تأكيداتى بعدم إصدار الكتاب مجددا، لكنه انتقل لنقطة أخرى بلطف أعرفه فيه، قال السباعى: يا أخى لماذا تُصر على مجافاة الحقيقة؟ ألم أبين لك من قبل أن قصة الصبى التى أوردتها فى كتابك إياه ليست على النحو الذى ذكرت، وأن الصبى ليس بصبى ولكنه محتلم يكبر عن السادسة عشرة من عمره، كان يمارس العادة السرية.. هكذا قال هو فى التحقيقات التى أجرتها معه اللجنة الشرعية!!
أنت تُشارك فى تضليل الرأى العام بتكرار هذه الرواية». تمتمت فى صوت خفيض «لا أذكر هذا الأمر مش واخد بالى!!».. استعاد هانى حسمه وقد تلاحظ له تراجعى: «يا أخى الحكاية ليست كما تذكر، الإخوة كانوا قد أرسلوا التحقيقات التى أجروها مع هذا الولد إلى كل مسؤولى ورموز الحركات الإسلامية فى العالم»، «لكنها لم تصل لى».. هكذا علقت سريعاً، وعاد السباعى ليكمل فكرته: «أولا الولد كما قلت محتلم فهو مسؤول عن فعلته، ثانيا سئل فى التحقيقات التى أجرتها معه اللجنة الشرعية هل تعرف حجم جُرمك وعقوبته فى الشريعة؟ فأجاب بالإيجاب»،
أما الثالثة فهى التى نزلت علىّ كالصاعقة فعلا، قال السباعى: «لم تكن تلك الفعلة الشنيعة هى الأولى، فقد سبق ضبطه من قبل، وظن الإخوة أن الأمر يتعلق بضعفه وخضوعه للتهديد نتيجة السيطرة عليه من خلال تصويره فى وضع شائن، ولكنهم عفوا عنه وطالبوه بالتوبة وذهب به والده إلى المعتكفات للتفرغ للعبادة ومعاودة مراجعة القرآن الذى يحمله!!».. «مش معقول» هكذا هتفت، أكد السباعى روايته واستدرك: «لكن الولد وقع فى الرذيلة مرة أخرى، بل حاول أن يعمل على تجنيد بعض شباب أبناء الإخوة وضم إليه آخر وعاون جهاز استخبارات دولة عربية فى التعرف على الشخصيات الموجودة من خلال تسجيل والتقاط الصور لكل الذين يترددون على البيت، مقر الجماعة فى الخرطوم آنذاك من فيلا مستأجرة مقابلة للتى يتردد عليها قيادات الجهاد،
ومن سوء حظه أو حظ الذين جندوه أن أجهزة الأمن السودانى بقيت تراقب الولد فرصدت تسلمه شنطة مفرقعات من دولة أخرى، وألقت القبض عليه فور مغادرته المكان وحققت معه وعرفت تفاصيل المؤامرة ثم سلموه للظواهرى، وتم التحقيق معه بمعرفة اللجنة الشرعية مرة أخرى واعترف الولد والآخر الذى معه بكل شىء، فهل بعد هذا كله تُصر على ترديد الرواية ووصف الولد بالصبى؟». ظن صديقى أنه كسب جولته الثانية، غير ظنى أن التعادل كان أقرب لهذه الجولة.
بدأ السباعى جولته الثالثة يباغتنى: «لم أرك جريئا فى مواجهة إخوانك مثلما رأيتك فى هذا البرنامج المأفون، تهاجم الشباب، ولا تنس أن تهاجم أكثر الذين يقتلون أهلنا فى فلسطين والعراق وأفغانستان وفى كل مكان».
«ليست هذه كتلك، كلنا نلعن الأمريكان ليل نهار، لكن أن نقتل الناس المدنيين بالهوية فى داخل دورهم وبلدانهم فى القطارات فى لندن ومدريد وغيرهما أو نقتلهم فى الطائرات المدنية يتنقلون بين مدينة وأخرى فهذا ليس من الإسلام، وهذا ما أدين الله به، وأنت تعلم أن أحداً لا يستطيع أن يوجهنى، من حقى أن أدافع عن مشروعى، من حقى أن أروج لفكرى حسبما أراه صحيحا له أسانيده من الشرع الحنيف».. أظن أن الجولة الثالثة كانت لصالحى.
حديث طويل جرى بيننا، سعدت بمهاتفة صديق قديم، فما أحلى العلاقة الطيبة بريحها الطيب إذا خلُصت النوايا والطوايا، تعادلنا على أمل اللقاء على طريق الإيمان والحق والعدل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.