قررت مؤخراً أن أشترى شيئاً جديداً كل يوم.. اعتقاداً منى فى نصيحة قرأتها فى كتاب لطيف عن السعادة.. وبما أننى من هواة جمع الأقلام والكرافتات والأحذية والنظارات فقد أنفقت مبالغ باهظة تصل إلى «مئات» الجنيهات وتحول الأمر إلى إدمان.. وأسأل نفسى بين حين وآخر هل أصبحت سعيداً؟.. يعنى شوية.. إلى أن جاءنى صديق فى يوم من الأيام وقال لى: تشترى كلب؟.. فى البداية استغربته جداً ولكنى رأيتها فكرة غير تقليدية.. تكسر الملل وتحررنى من عقدة الكلاب التى تطاردنى فى منامى وفى صحيانى، خاصة الكلاب السعرانة التى تعض وتعض وتعض، فإذا نجوت من الموت لم تنج من إحدى وعشرين حقنة مميتة.. ثم إن تجربتى مع كلاب الشوارع البائسة تعتبر غير سارة ففى حلقى منها عضة وفى قلبى صدى أغنية تتردد وتقول تخونوه وعمره ما خانكم.. وعمره ما حرض عليكم عساكر البلدية كى تطخكم بالنار، ومع ذلك أيتها الكلاب الضالة فقد سولت لك نفسك أن تشنى هجوماً كلابياً ضارياً ضدى ذات ليلة ليلاء وأنا أمارس رياضة الجرى الخفيف فى شوارع المقطم.. رأيت الغدر فى عيون الكلاب وهى تنجح فى تكوين أسرع تشكيل عصابى مسعور فى دقائق، وتطاردنى بعاصفة من الهوهوة وتكشير الأنياب وتزفنى زفة المطاهرين إلى بيتى وعندها وقف الخلق جميعاً ينظرون كيف أضربكم بالطوب وحدى.. ما علينا.. تشترى كلب.. يؤنس وحدتك ويهوهو على أعدائك.. مازال صديقى يلح حتى قبلت وتمت الصفقة.. كلب وولف معتبر وضخم فى حجم الجحش تقريباً ثم اتضح إنها كلبة واسمها سويتى وتهوى الألعاب البهلوانية والكر والفر والعضعضة.. كانت المشكلة الأكبر ساعة خروجى من البيت للصلاة فى المسجد المجاور وهى تصر إصراراً «رزيلاً» على التلاحيس والعضعضة فتفسد وضوئى فأدخل للمنزل ثانية وأبدل ثيابى وأعيد الوضوء.. إلى أن نجحت مؤخراً فى إقناعها بعقد اتفاقية هدنة خاصة فى أوقات الصلاة.. اشتريت الكلب.. فهل أصبحت سعيداً؟.. أبداً يعنى شوية.. ثم إنه ما حاجتك لكلب تقتنيه.. وتدفع فيه الشىء الفلانى.. والكلاب من حولك على كل نوع وصنف.. كلاب تهوى النبش والهبش.. وكلاب تعقرك بلا أى أسباب وجيهة.. وأين يذهب كلبك الصعلوك بين كلاب الملوك.. كلاب رود فايلر وجولدن ريتريفر وأنواع أخرى ذات سمعة عالمية ومؤصلة وتنحدر من سلالات نقية.. ويُحكى أن أثرياء العالم يوصون لها بأغلب الميراث.. ولقد وجدت فى ذلك نوعاً من التمييز العنصرى، إذ أن الكلاب البلدى عندنا لا تحظى بمثل هذه الحيوات المحترمة.. ولما كانت «سويتى» كلبة خوجاية تعيش فى زمن العولمة وتؤمن بمبادئها وتتفهم قيم التعايش الإنسانى فى كل زمان ومكان ظننت أنها سوف تفرح عندنا، أزوجها من كلب بلدى أصيل وبذلك تحصل أيضاً على الجنسية.. وكانت المفاجأة أننى صحوت ذات يوم فلم أجدها.. هربت واختفت.. ومازال الكلب البلدى ينظر إلىّ كلما رآنى متسائلاً أين العروسة؟! [email protected]