أول رد من التعليم على أزمة مدرسة التجمع الخامس وحجز الطلاب داخل الحمامات    محافظ دمياط يواصل اجتماعات الخطط الاستثمارية للقطاعات الخدمية    حماس: قدمنا رؤية إيجابية بشأن حكم غزة    ديشامب يوضح موقفه من الانتقال إلى الدوري السعودي    مباريات الزمالك في الكونفدرالية الإفريقية.. مواجهتان ناريتان في نوفمبر    برق ورعد، الأرصاد الجوية تحذر المواطنين من طقس الخميس والجمعة (فيديو)    أسماء جلال وعمرو دياب يتصدران تريند مواقع التواصل.. لهذا السبب    محمود مسلم ل كلمة أخيرة: حزب الجبهة ينافس على 38 مقعدا ورصدنا زخما بالصعيد    المخرج عمرو عابدين: الفنان محمد صبحي بخير.. والرئيس السيسي وجّه وزير الصحة لمتابعة حالته الصحية    «أبومازن» يبحث مع «ماكرون» سبل تعزيز التعاون الثنائي    الصين تحث الاتحاد الأوروبي على توفير بيئة أعمال نزيهة للشركات الصينية    برلمان 2025.. انتهاء التصويت في ثاني أيام انتخابات مجلس النواب بلجان أكتوبر    ضعي حدودًا واضحة ولا تتركيهما معًا لفترة طويلة.. 8 نصائح لحماية زوجك من «خطافة الرجالة»    هؤلاء يشاركون أحمد السقا فى فيلم هيروشيما والتصوير قريبا    الجامعات المصرية تشارك في البطولة العالمية العاشرة للجامعات ببرشلونة    رئيس المؤسسة العلاجية يتفقد مستشفى الإصلاح الإسلامي لمتابعة التطوير    الرئيس السيسي: مصر تؤكد رفضها القاطع للإضرار بمصالحها المائية    إبداعات مصرية تضىء روما    إقبال كثيف من الناخبين على لجان الانتخابات بمحافظة الجيزة في نصف اليوم الثاني    مصرع شخص سقط من الطابق ال 17 بعقار في الإسكندرية    الانتخابات.. وإرادة الشعب    انقطاع التيار الكهربائى عن 24 قرية وتوابعها فى 7 مراكز بكفر الشيخ غدا    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    تحديد موعد إقامة سوبر اليد بين الأهلي وسموحة في الإمارات    هذا ما وعد به ممداني كعمدة وهل سيتمكن من تحقيقه؟    تأجيل لقاء المصرى ودجلة بالدورى ومباراتي الأهلى والزمالك تحت الدراسة    سفير تركيا: فيدان يستقبل وزير خارجية مصر غدًا في أنقرة للتحضير لمجلس التعاون الاستراتيجي    الزمالك يشكو زيزو رسميًا للجنة الانضباط بسبب تصرفه في نهائي السوبر    نقل جثمان نجل مرشح مجلس النواب بدائرة حلايب وشلاتين ونجل شقيقته لمحافظة قنا    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    لحاملي بطاقات الصحافة.. المهرجان يتيح الحجز الإلكتروني المبكر لتذاكر عروض القاهرة السينمائي    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    المنظمة الدولية للهجرة تحذر من قرب انهيار عمليات الإغاثة في السودان    محافظ الإسكندرية: انتخابات النواب 2025 تسير بانضباط في يومها الثاني    الفريق ربيع عن استحداث بدائل لقناة السويس: «غير واقعية ومشروعات محكوم عليها بالفشل قبل أن تبدأ»    توافد الناخبين على لجنة الشهيد إيهاب مرسى بحدائق أكتوبر للإدلاء بأصواتهم    حادث مأساوي في البحر الأحمر يودي بحياة نجل المرشح علي نور وابن شقيقته    بعد أزمة صحية حادة.. محمد محمود عبد العزيز يدعم زوجته برسالة مؤثرة    ليفربول يبدأ مفاوضات تجديد عقد إبراهيما كوناتي    الحكومة المصرية تطلق خطة وطنية للقضاء على الالتهاب الكبدي الفيروسي 2025-2030    عمرو دياب يطعن على حكم تغريمه 200 جنيه فى واقعة صفع الشاب سعد أسامة    «هيستدرجوك لحد ما يعرفوا سرك».. 4 أبراج فضولية بطبعها    تأجيل محاكمة 8 متهمين بخلية مدينة نصر    طقس الخميس سيء جدًا.. أمطار وانخفاض الحرارة وصفر درجات ببعض المناطق    الكاف يعلن مواعيد أول مباراتين لبيراميدز في دور المجموعات بدوري أبطال أفريقيا    بعد قليل.. مؤتمر صحفى لرئيس الوزراء بمقر الحكومة فى العاصمة الإدارية    شباب بتحب مصر تُشارك في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP30    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. ندوة علمية حول "خطورة الرشوة" بجامعة أسيوط التكنولوجية    إدارة التعليم بمكة المكرمة تطلق مسابقة القرآن الكريم لعام 1447ه    بعد غياب سنوات طويلة.. توروب يُعيد القوة الفنية للجبهة اليُمنى في الأهلي    التغيرات المناخية أبرز التحديات التى تواجه القطاع الزراعى وتعيد رسم خريطة الزراعة.. ارتفاع الحرارة وتداخل الفصول يؤثر على الإنتاجية.. ومنسوب سطح البحر يهدد بملوحة الدلتا.. والمراكز البحثية خط الدفاع الأول    إقبال على اختبارات مسابقة الأزهر لحفظ القرآن فى كفر الشيخ    وزير الصحة يؤكد على أهمية نقل تكنولوجيا تصنيع هذه الأدوية إلى مصر    "البوابة نيوز" تهنئ الزميل محمد نبيل بمناسبة زفاف شقيقه.. صور    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    إيديتا للصناعات الغذائية تعلن نتائج الفترة المالية المنتهية فى 30 سبتمبر 2025    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى البدء كان الطعام والأرض

لم يكن كارل ماركس أول من اكتشف التحليل المادى الاقتصادى للتاريخ البشرى، سبقه الكثيرون من النساء والرجال المفكرين شرقا وغربا، لم تبدأ الفلسفة فى اليونان (أفلاطون وأرسطو وسقراط) -كما علمونا- فى مدارس المستعمرات والفكر الأوروبى الغازى، بدأت الفلسفة فى الحضارات الإنسانية القديمة حول أودية الأنهار فى مصر والعراق وفلسطين وسوريا والأردن والهند والصين وغيرها من البلاد، بسبب وفرة الماء والطعام وخصوبة الأرض وناتج الزراعة، واكتشاف أدواتها من محراث ومجداف، وآلات زراعية بدائية،
تفوقت النساء فى الحضارات الزراعية القديمة بسبب انشغالهن بإطعام أطفالهن، كانت الحاجة إلى الطعام هى الطريق إلى المعرفة والتقدم، لهذا سبقت المرأة الرجل إلى العلم والفلسفة والمعرفة والعدل، كانت إيزيس فى مصر القديمة آلهة المعرفة والحكمة، معات آلهة العدل، حواء آلهة المعرفة سبقت آدم إلى شجرة المعرفة.
كان الأطفال يعرفون أمهم لأنها تلدهم من جسمها، بدأت اللغة بالمرأة، بالأمهات ينادين على أطفالهن للطعام، بالنساء ينادين على الرجال للإخصاب، كان الرجل يغتصب أطفاله أو يأكلهم دون أن يعرف أنهم أطفاله، بدأت الأم قوانين التحريم، منعت الرجال من اغتصاب الأطفال وأكلهم، لم تكن الأبوة معروفة حينئذ، بسبب الجهل بكيفية تكوين الجنين فى الرحم، ولغياب الرجال الطويل فى أعمال الصيد وقتل الحيوانات والطيور من أجل الطعام أيضا، تصورت بعض هذه المجتمعات أن الجنين البشرى بذرة غامضة تهبط من السماء مع الهواء، يشبه تلقيح النخل عبر الرياح، كثير من الزعماء السياسيين والأنبياء فى التاريخ البشرى كانوا مجهولى الأب لهذا السبب.
بعد نشوء النظام الأبوى الطبقى انتزع الآباء من الأمهات السلطة والنسب والاقتصاد والثقافة والزراعة، والقدرة على إنتاج الأطفال أيضا أو الولادة، أصبح الطفل يولد من رأس رجل وليس رحم امرأة، مثل الاله زيوس، الشهير فى اليونان القديم، وحواء الشهيرة أمنا، لم تنجبها امرأة، بل ولدها رجل من ضلعه، ثم تطورت الفكرة تدريجيا مع التقدم العلمى، حتى تم اكتشاف الحيوان المنوى الذى يلتحم مع بويضة المرأة لينتج الجنين.
لكن أرسطو فيلسوف اليونان الشهير، بسبب إيمانه حينئذ بالنظام الأبوى العبودى، تصور أن الجنين يصنعه الذكر وحده، قال إن الحيوان المنوى كائن حى، أما بويضة المرأة فهى فى نظره شىء ميت ليس فيه حياة، ورث هذه الفكرة أغلب الفلاسفة والأطباء والعلماء فى عصرنا الحديث، وصفوا البويضة بالسكون أو «السلبية» أو الموت الكامل، كيف يحتوى جسد المرأة الحى على بويضة ميتة ؟ شىء يتناقض مع العقل المتطور، كان الرجال حينئذ يخشون قوة المرأة الغامضة، يصفونها باللغز، الضرورة أم الاختراع،
لهذا سبق التطور العلمى العسكرى فى أوروبا، بسبب الفقر فى الطعام والزراعة والمياه وخصوبة الأرض، غزت أوروبا بنظامها الطبقى الأبوى (الرأسمالى) أفريقيا وآسيا، إنه الاغتصاب العسكرى والسياسى والروحى، لتدعيم الغزو الاقتصادى المادى، سبقت الحملات التبشيرية الروحية والدينية الحملات العسكرية والاقتصادية إلى أفريقيا وآسيا، أوقفت عجلة التطور فى بلادنا، أوقفت الإبداع الفكرى والتعليمى والثقافى، أصبح المفكرون فى بلادنا ينقلون عن مفكرى أوروبا (ثم مفكرى أمريكا)، تدعيما لمصالحهم الاقتصادية المتخفية وراء حجاب الأديان،
نذكر هذه المرأة الأفريقية العرافة التى قالت قولتها الحكيمة: قبل أن يأتى الانجليز إلى بلدنا كنا نملك الأرض وكانوا يملكون الإنجيل، حين خرجوا من بلدنا أصبحوا يملكون الأرض ونحن نملك الإنجيل، هذه حكمة المرأة تلخص خطط الاستعمار القديم والجديد فى مقولة واحدة. هذه المرأة الأفريقية لم تقرأ الكتب، لتدرك دور الاقتصاد فى السياسة والحرب والدين، أن الاقتصاد يحرك التاريخ والأساطيل، لو اهتدينا بحكمة هذه المرأة الافريقية، لو استخدمنا مقولتها أداة لتحليل الوضع فى بلادنا، لخرجنا بحالة من المعرفة تضىء لنا الطريق.
ساءت أحوال مصر بعد الاستعمار البريطانى القديم، وساءت أكثر وأكثر بعد الاستعمار الأمريكى الجديد، قبل أن يأتى الاستعمار القديم كنا نملك طعامنا (رغم الفروق الطبقية العنصرية الموروثة فى العالم)، من يملك طعامه يملك استقلاله سواء كان دولة أو فردا، رجلا أو امرأة، بعد الاستعمار البريطانى عام 1882 اتسعت الهوة الطبقية والعنصرية، سيطر على الاقتصاد فى مصر طبقة عليا من كبار الملاك الإقطاعيين الزراعيين، ومعهم كبار الرأسماليين المصريين والإنجليز المديرين للقطاع الصناعى والتجارى،
أدى ذلك إلى الثالوث المزمن الشهير «الفقر المرض الجهل» فقط 2% من الشعب المصرى ومعهم الأجانب ملكوا الأراضى والأموال والسلطة والتعليم والثقافة والكنائس والجوامع، 98% من الشعب المصرى لم يملكوا إلا ما يسد الرمق، طعامهم من المش بالدود والخبز المقدد، ثم جاءت ثورة 1919 لكنها أجهضت بواسطة الاستعمار البريطانى والحكومات المصرية المتعاونة مع الاستعمار، وقف حزب الوفد مع المطالب الشعبية، وقف ضد الإنجليز وضد الملك،
ثم خضع لهما بحكم كبار الرأسماليين والإقطاعيين فى القيادة، السلطة تزوجت الثروة ضد الأغلبية من شباب الوفد، ثم جاءت حركة ضباط الجيش 1952 وسقوط الملك، ثم الإنجليز بعد ذلك، وتم بعض المحاولات الاقتصادية لسد الهوة الطبقية والعنصرية، تم إجهاض هذه الحركة، بسبب استبداد الحكم العسكرى تحت اسم الاشتراكية والوحدة والنظام، لم تحدث اشتراكية ولا وحدة ولا نظام، فشلت التأميمات، وتمت سرقة القطاع العام بالطبقة الحاكمة الجديدة، زواج السلطة بالثروة،
اشتدت الأزمة فى السبعينيات مع الانفتاح الاقتصادى الجديد، تم تمرير الاستعمار الأمريكى تحت دخان وأبخرة الصحوة الدينية الإسلامية والمسيحية، تم تمرير الاستغلال المادى والقهر للفقراء والنساء تحت اسم الروحانيات، عاد الثالوث الخطير الفقر والمرض والجهل، والبورصة، ومجتمع ال2% من أصحاب الثروة والسلطة ورجال الأعمال، وزراء رجال أعمال يكسبون البلايين، يتساقطون فى فضائح الفساد المتتالية، يتاجرون بالدين الإسلامى أو المسيحى، أو بالاشتراكية والديمقراطية الخاوية من المعنى، أو التى تؤدى إلى العكس، مزيد من الاستبداد ومزيد من الفقر وقهر المرأة مع مزيد من الشعارات الرنانة السياسية والدينية، أصبح لدينا يسار يمينى مستبد، ويمين يسارى يضارب فى البورصة، الكل يحتمى برئيس الدولة عند السقوط.
انتقل الحكم فى مصر من الاشتراكية الديكتاتورية إلى الرأسمالية الفاشية، من الاستعمار البريطانى الناعم الخبيث إلى الاستعمار الأمريكى الصهيونى، العارى من ورقة التوت، ويتذكر الناس مقولة المرأة الأفريقية الفقيرة: أعطونا كتاب الله وأخذوا أرضنا وأموالنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.