ارتفاع أسعار الذهب في مصر بقيمة 15 جنيهاً خلال تعاملات اليوم    أبو الغيط يدين مجزرة ود النورة بولاية الجزيرة السودانية    المشدد 15 سنة لمتهم بالشروع في إنهاء حياة قريبته بالقاهرة    المشدد من 7 إلى 10 سنوات للمتهمين بتزوير توكيل لقنصلية مصر بفرنسا    تركي آل شيخ يطالب بدور رئيسي لكريم عبد العزيز في الجزء الرابع من ولاد رزق    " ثقافة سوهاج" يناقش تعزيز الهوية في الجمهورية الجديدة    نمو الناتج الصناعي الإسباني بواقع 0.8% في أبريل    ختام امتحانات الفصل الدراسي الثاني بكلية دار العلوم جامعة أسوان    المستشار الألمانى يتعهد بترحيل مهاجرين عقب حادث طعن شرطى    الكشف عن موعد إعلان الفائز بالكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم    مدرب تونس: حققنا الأهم أمام غينيا الاستوائية.. ونعاني من الغيابات    عبد الرحمن مجدي: ظُلمت في مشكلة الأولمبياد.. والأهلي سيتوج بالدوري وأنتقل للنادي الأكثر بطولات    حسام البدري يكشف كواليس رحيله عن بيراميدز ورفض عرض الزمالك    لوكاكو: الأندية الأوروبية تعلم أن السعودية قادمة.. المزيد يرغبون في اللعب هناك    الفريق أول محمد زكي القائد العام للقوات المسلحة يلتقى منسق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمجلس الأمن القومي الأمريكي    وظيفة فورية ومضمونة.. تنسيق مدارس التمريض بعد الإعدادية (الشروط وتوقعات الحد الأدنى للقبول)    رسميًا اليوم.. المحكمة العليا تستطلع هلال شهر ذي الحجة 1445 في السعودية    للراغبين في الشراء.. تراجع أسعار المولدات الكهربائية في مصر 2024    هيئة الدواء تستقبل رئيس هيئة تنظيم المستحضرات الدوائية بالكونغو الديموقراطية    الأقوى والأكثر جاذبية.. 3 أبراج تستطيع الاستحواذ على اهتمام الآخرين    جميلة عوض تحتفل بحنتها قبل ساعات من حفل زفافها الليلة    انطلاق أول حلقتين من الفيلم الوثائقي "أم الدنيا" حصريًا على WATCH IT    صيام العشرة الأوائل من ذي الحجة.. لماذا استحب الصيام بها؟    تكبيرات عيد الأضحى 2024.. وطقوس ليلة العيد    تزامنًا مع عيد الأضحى 2024.. «الإفتاء» تكشف أفضل وقت لذبح الأضحية    دراسة تحذر من مخاطر مشروبات الطاقة على مرضى القلب    هيئة الدواء تستعرض تجربتها الرائدة في مجال النشرات الإلكترونية    محافظ أسوان يكرم أبطال نادي ذوي الاحتياجات الخاصة لحصدهم العديد من الميداليات الذهبية    التحالف الوطنى للعمل الأهلى ينظم احتفالية لتكريم ذوى الهمم بالأقصر    البنك المركزى: 113.6 تريليون جنيه قيمة التسويات اللحظية بالبنوك خلال 5 أشهر    طلب إحاطة بشأن رفع بعض المدارس الخاصة للمصروفات بنسبة 100%    التحقيق مع عاطل هتك عرض طفل في الهرم    فحص 889 حالة خلال قافلة طبية بقرية الفرجاني بمركز بني مزار في المنيا    إسبانيا تبدي رغبتها في الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام «العدل الدولية»    حسام البدري: تعرضت للظلم في المنتخب.. ولاعبو الأهلي في حاجة إلى التأهيل    أبوالغيط يتسلم أوراق اعتماد مندوب الصومال الجديد لدى جامعة الدول العربية    ليلة في حب سيدة المسرح العربي.. تفاصيل تكريم سميحة أيوب بدار الأوبرا    تركي آل الشيخ: أتمنى جزء رابع من "ولاد رزق" ومستعدين لدعمه بشكل أكبر    عضو بالبرلمان.. من هو وزير الزراعة في تشكيل الحكومة الجديد؟    رئيس الوفد فى ذكرى دخول العائلة المقدسة: مصر مهبط الديانات    تباين أداء مؤشرات البورصة بعد مرور ساعة من بدء التداولات    "النيكروفيليا".. ما وراء معاشرة "سفاح التجمع" لجثث ضحاياه    تخريج 6 دفعات من معهد المحاماة ومشروع تدريبي لنقابة المحامين للعدالة الإلكترونية بالوادي الجديد    وزير الري: تراجع نصيب الفرد من المياه إلى 500 متر مكعب (تفاصيل)    كيفية تنظيف مكيف الهواء في المنزل لضمان أداء فعّال وصحة أفضل    أمين الفتوى: لابد من أداء هذه الصلاة مرة واحدة كل شهر    ننشر أسماء الفائزين بمسابقة "وقف الفنجري" جامعة القاهرة 2024    جواب نهائي مع أشطر.. مراجعة شاملة لمادة الجيولوجيا للثانوية العامة الجزء الثاني    قبل عيد الأضحى.. ضبط أطنان من الدواجن واللحوم والأسماك مجهولة المصدر بالقاهرة    بوريل يستدعي وزير خارجية إسرائيل بعد طلب دول أوروبية فرض عقوبات    وزيرة الثقافة تشهد الاحتفال باليوم العالمي للبيئة في قصر الأمير طاز    إصابات في قصف مسيرة إسرائيلية دراجة نارية بجنوب لبنان    رئيس شؤون التعليم يتفقد لجان امتحانات الثانوية الأزهرية بالأقصر    البرلمان العربي: مسيرات الأعلام واقتحام المسجد الأقصى اعتداء سافر على الوضع التاريخي لمدينة القدس    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المحافظ جاى 000!!؟    مصر تتعاون مع مدغشقر في مجال الصناعات الدوائية.. و«الصحة»: نسعى لتبادل الخبرات    وزير الخارجية القبرصي: هناك تنسيق كبير بين مصر وقبرص بشأن الأزمة في غزة    ملف رياضة مصراوي.. تصريحات صلاح.. مؤتمر حسام حسن.. تشكيل منتخب مصر المتوقع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نهضة التعليم مسؤولية اجتماعية للطبقة الوسطى

إذا كانت لدى الكل قناعة بأهمية التعليم فى التنمية البشرية، فإن ثمة قناعة أخرى بأن ما لدينا من تعليم لا يتوافق بحال مع الصورة المثالية للتعليم الذى نبغيه. فأين منا هذه المدرسة النظيفة الجاذبة لا الطاردة، وأين منا هذا المدرس النابه الملتزم، وأين منا هذه الجامعة التى ينمو فيها الإبداع والخلق فى كل لحظة، وأين منا روح العدالة والموضوعية والديمقراطية فى بنية التعليم؟!
لقد انشغل مفكرو مصر ورجال السياسة فيها بقضية التعليم منذ الولوج إلى الزمن الحديث منذ أكثر من مائتى سنة. ومن يطالع تجربة «محمد على» أو أفكار «رفاعة الطهطاوى» أو «طه حسين» يكتشف أن قضايا التعليم كانت الشغل الشاغل لأبناء مصر، ولاتزال هذه القضايا تشغل بال أبناء مصر هذه الأيام. وأكاد أجزم بأن لدينا من الفكر والاستراتيجيات حول التعليم وتطويره ما يمكن أن يصل بمصر إلى مصاف الدول المتقدمة فى مجال التنمية البشرية.
ومع إدراكنا لوجود مشكلات عديدة فى الإدارة والتنفيذ، فإن المشكلة الأكبر هى تمويل التعليم. إن التحديات الناتجة عن التزايد السكانى وما يترتب عليه من تزايد الطلب على التعليم، تؤدى إلى أن تظل الإدارة عاجزة عن الحركة القوية التى تؤدى إلى بث مشروع قومى للنهوض بالتعليم، والانتقال من مرحلة «التدبير» إلى مرحلة «التطوير»، فالسياسة القائمة الآن تعتمد على سد الفجوات أو سد العجز فى مناطق معينة، وهذا النظام يؤدى إلى ترك المنظومة كلها على حالها دون تغيير، الأمر الذى يدفع بالمنظومة إلى أن تتآكل باستمرار.
ولكى نحقق هذه النهضة، فإن علينا أن نتبنى حلولاً ثورية لمشكلة تمويل التعليم، حلولاً تتجاوز الأفكار التقليدية التى نرددها منذ أكثر من عشر سنوات دون جدوى.. ومن هذه الأفكار التى يجب أن نتجاوزها، القول بأن حل مشكلة تمويل التعليم تكمن فى مساهمات رجال الأعمال من ناحية والمجتمع المدنى من ناحية أخرى. إن هذا الرأى يحتاج إلى مراجعة، فيجب ألا نتوقع من عدد قليل من رجال الأعمال أن ينهض بدور هو دور الأمة برمتها، أو أن يتحمل مسؤولية قومية كبرى كالتعليم، كما أن المجتمع المدنى بالشكل الذى هو عليه غير قادر على المساهمة الفعالة فى ميدان تمويل التعليم، كما أن قضية التعليم ليست قضية مطروحة فى إطار العمل المدنى، الذى تغلب عليه مبادرات الإحسان والعمل الخيرى.
إن التشكيك فى قدرة رجال الأعمال أو المجتمع المدنى على تمويل التعليم ونهضته، لا يعنى أبداً رفضاً لدور كل منهما، أو لمفهوم الشراكة الذى تقوم عليه التنمية المعاصرة؛ ولكنه يرمى إلى تأكيد دور الدولة ومن ورائها الشعب فى مثل هذا المشروع القومى، فالشعب الذى حقق إنجازات وانتصارات عبر التاريخ قادر على أن يجعل من قضية تمويل التعليم قضية قومية، وأن يتحمل المسؤولية تجاهها، وأن تكون الطبقة الوسطى هى الطليعة الرائدة فى تحمل هذه المسؤولية.
فلقد ساهم التعليم فى بناء طبقة وسطى من المتعلمين أصحاب المهن المتخصصة: طبقة من الضباط، والمحامين، والمحاسبين، والمدرسين، وأساتذة الجامعات، والمهندسين.. إلخ. وهذه الطبقة هى التى تدير دفة الأمور فى مصر الآن، ففى يدها تقع مسؤولية حوكمة المجتمع رغم ما يتردد هنا وهناك – بغير وعى- عن ضمورها واضمحلالها. إن التعليم كان التربة التى نمت فيها هذه الطبقة.. وفى ضوء هذا فإننى أفترض أن مصير الطبقة الوسطى يرتبط بمصير التعليم.
ويترتب على ذلك منطقياً أن يؤدى تآكل منظومة التعليم وضعف قدرتها على إنتاج بشر على مستوى عال من الحذق والكفاءة والانتماء، إلى ضعف الطبقة الوسطى وتراجع نوعية الحياة، ونوعية المعرفة والقدرة التنافسية لأعضائها ؛ كما أنها لن تكون قادرة على إدارة المجتمع وقيادته، ولا على القيام بأى مهام تاريخية.
إن نهضة التعليم هى نهضة للمجتمع ككل، ولكنها أولاً وقبل كل شىء هى نهضة للطبقة الوسطى المصرية واتساع لقاعدتها وضمان لقوتها وقدرتها على الإدارة والحكم الصالح، وبذلك تتحول عملية النهوض بالتعليم إلى مسؤولية اجتماعية لأبناء هذه الطبقة. ونستطيع المبالغة فى هذا الأمر بالقول بأن نهضة المجتمع كله، بما فيه التعليم، هى مهمة تاريخية للطبقة الوسطى، خاصة شرائحها المتقدمة من أصحاب المهن المتخصصة الذين يتحملون بحكم تعليمهم ومهاراتهم ومعلوماتهم مسؤولية قيادة المجتمع ونهضته.
وما ينطبق على أبناء الطبقة الوسطى هنا ينطبق على رجال ألأعمال، فهم أبناء هذه الطبقة.. وأحسب أنهم لايزالون ينتمون إليها فكرياً وثقافياً، وإن تحركوا بعيداً عنها اقتصادياً.
وإذا كان التمويل هو مشكلة المشاكل فى التعليم فإننى أقترح أن يتحمل أبناء الطبقة الوسطى عبء تمويل التعليم فى إطار مشروع قومى لنهضة التعليم، تقوده الدولة بالشراكة مع أبناء هذه الطبقة. فهؤلاء يجب أن يقفوا يدا بيد مع الدولة، وأن يبذلوا كل طاقتهم للحفاظ على نوعيه ممتازة من التعليم، فى ضوء إدراك أن القضية برمتها ترتبط بمستقبل المجتمع وأمنه القومى والاجتماعى.
ونقترح هنا أن يدفع مَن علمتهم الدولة تكاليف تعليمهم أو ما يمكن أن نطلق عليه «واجب التعليم».. يدفعونه طواعية دون إجبار، ويقدمونه واجباً لمجتمعهم نظير كل الحقوق التى حصلوا عليها. ويدفع هذا «الواجب» كل من تعلم واستقر فى وظيفة أو مهنة تدر عليه دخلاً كبيراً، أى بعد أن يكون قد قطع شوطاً طويلاً فى حياته وأصبح يتمتع بقدر كبير من الاستقرار الاجتماعى والاقتصادى، وهذا الواجب يدفع دفعة واحدة أو على أقساط وفقاً للظروف.
ويجب أن نبدأ بقادة المجتمع من رجال الأحزاب ورجال السياسة والوزراء الحاليين والسابقين وأعضاء مجلسى الشعب والشورى السابقين والحاليين ورؤساء تحرير الصحف القومية والمستقلة، وأساتذة الجامعات الذين أعيروا إلى خارج الوطن عشر سنوات، والمستشارين الذين مر عليهم عشر سنوات فى وظيفة مستشار، ومديرى البنوك والشركات الاستثمارية، والأطباء الحاصلين على درجة الدكتوراه، والمهندسين من أصحاب المكاتب الاستشارية، ورؤساء وأعضاء مجالس إدارة الشركات فى القطاعين العام والخاص، وأصحاب المصانع والمشروعات الاستثمارية التى يعمل فيها أكثر من عشرين عاملاً، والمهاجرين إلى البلاد الأجنبية من خريجى الجامعات وكل من يرغب فى المساهمة. ثم يتاح بعد ذلك دفع واجب التعليم لمن يريد وفقا لقدراته.
ولم أقصد بهذا الاقتراح مجرد تجميع أموال لتمويل التعليم أو أننى أقترح دفع ضريبة جديدة. أشير إلى ذلك لأن بعضاً ممن قرأوا هذا الموضوع فهموه على هذا النحو، وإنما قصدت أن أدعو إلى إكمال المشروع القومى لنهضة التعليم – وهو المشروع الذى يلقى تأييد رئيس الجمهورية وكل قوى المجتمع – بالبحث عن مصادر بديلة لتمويل التعليم.
أستاذ علم الاجتماع – جامعة القاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.