ما توصل إليه الباحث الزميل الصحفى مجدى العفيفى فى رسالته لنيل «الماجستير» عن أدب يوسف إدريس (1927- 1991) حسب ما جاء فى مجلة «آخر ساعة» الأسبوعية عدد 21 يوليو الجارى- يعنى الكثير عن مدى الشوط الذى قطعته مصر لإنهاء الدولة المدنية التى بدأت منذ قرنين. توصل الباحث إلى أن الطبعات الجديدة من أعمال الأديب المصرى الذى يعتبر من أعلام القرن العشرين فى الأدب العربى والأدب العالمى بها الكثير من «الحذف» على مستويين: حذف قصص قصيرة بالكامل من بعض مجموعات القصص القصيرة، وحذف عبارات ومقاطع من قصص أخرى، والأدهى أن هذه الطبعات من إصدارات دور نشر كبيرة مثل دار الشروق ودار نهضة مصر. على طريقة النازى عندما استغلوا الأزمة الاقتصادية العالمية عام 1930 ووصلوا إلى الحكم فى ألمانيا عام 1933 عن طريق تقديم الخدمات اليومية إلى بسطاء الناس، استطاع من يعملون على تدمير الدولة المدنية فى مصر وإقامة دولة دينية، ولا علاقة لأى دين بأى دولة قامت أو تقوم باسم اليهودية أو المسيحية أو الإسلام، أن يصلوا إلى بعض عمال المطابع الخاصة والحكومية، وهؤلاء العمال منذ نحو عقدين هم الذين يحذفون من الطبعات الجديدة من الكتب فى ظل خوف المسؤولين عن النشر منهم. كل الأزمات التى حدثت بسبب الكتب بما فى ذلك أزمة رواية الكاتب السورى حيدر حيدر التى أدت إلى قتلى وجرحى، وما عرف بأزمة «الروايات الثلاث»، وغيرها من أزمات الكتب، كانت بسبب عمال فى المطابع، والكل يعرف ذلك من وزير الثقافة إلى المسؤولين عن دور النشر الحكومية والخاصة معاً. ومعنى هذا ليس فقط أن الدولة المدنية المصرية على وشك أن تنتهى، وإنما أن من يملك الطبعة الأولى من أى كتاب أصبح يملك كنزاً يجب المحافظة عليه، وأن هناك احتمال وجود الطبعات الناقصة والمشوهة فى دار الكتب أو فى مكتبة الإسكندرية أو مكتبات الجامعات والمراكز الثقافية، بينما يجب على كل المكتبات الحكومية على الأقل من أكبرها إلى أصغرها ألا توجد بها سوى طبعات كاملة وغير مشوهة من أى كتب، دفاعاً عن مؤلفى الكتب، ودفاعاً عن الحقوق القانونية والأخلاقية للأجيال القادمة فى قراءة أى كتاب كما كتبه مؤلفه تماماً، أم أن علينا نقل الطبعات الأولى خارج مصر لحمايتها من أعداء الثقافة والحياة وأعداء الدين. [email protected]