وزير الري: تحديات المياه في مصر وأفريقيا تتطلب مزيدًا من التعاون وبناء القدرات    رئيس الأركان الإسرائيلي يستدعي رئيس «الشاباك» الجديد    «الشيوخ» يناقش تعديلات قانونه ل«تقسيم الدوائر» غدا    انطلاق قافلة دعوية إلى مساجد الشيخ زويد ورفح بشمال سيناء    أسعار الدواجن البيضاء اليوم الجمعة 23-5-2025 الإسماعيلية    قراران جمهوريان مهمان وتكليفات رئاسية حاسمة للحكومة ورسائل خير للمصريين    وزير الاستثمار يلتقي رئيس "أبوظبي للطيران" لاستعراض مجالات التعاون    محافظ سوهاج يفتتح ميدان سيتي بعد تطويره ويتفقد مشروعات التجميل بالمدينة    لليوم الثاني.. «المالية» تواصل صرف مرتبات العاملين بالدولة لشهر مايو 2025    وزير الزراعة يعلن حصاد 3.1 مليون فدان قمح وتوريد أكثر من 3.2 مليون طن    نزيف الدم يتواصل، 50 شهيدا ومفقودا في غارة إسرائيلية عنيفة شمال غزة    وزير الخارجية والهجرة يتوجه إلى باريس لبحث القضية الفلسطينية    حادث أغضب زعيم كوريا الشمالية.. التحقيق فى فشل تدشين مدمرة بحرية تزن 5 آلاف طن    عبد الله السعيد يهدد مستقبل الرمادي في الزمالك، اعرف التفاصيل    بي بي سي تنصب محمد صلاح ملكا على الدوري الإنجليزي 2025    الهلال يفاوض أوسيمين    فينيسيوس مودعا مودريتش: كُرتك فن.. وقصتك بألف كتاب    سيدات الأهلي يواجهن بترو أتلتيكو بالنهائي بكأس الكؤوس الإفريقية لكرة اليد    النحاس يدرس استبعاد إمام عاشور من ودية الأهلى اليوم بسبب الوعكة الصحية    مصرع 4 عناصر إجرامية وضبط كميات من المخدرات والأسلحة بالإسكندرية وأسوان    ضبط 379 قضية مخدرات وتنفيذ 88 ألف حكم قضائى فى 24 ساعة    تفاصيل الحالة المرورية بشوارع وميادين القاهرة الكبرى الجمعة 23 مايو    وزير الثقافة يشهد حفل فرقة أوبرا الإسكندرية ويوجه بتوسيع تنظيم الحفلات لتشمل مختلف محافظات    بسمة وهبة ل مها الصغير: أفتكري أيامك الحلوة مع السقا عشان ولادك    رمضان يدفع الملايين.. تسوية قضائية بين الفنان وMBC    وزير الثقافة يشهد حفل فرقة أوبرا الإسكندرية ويشيد بالأداء الفنى    نبيلة مكرم تكشف لأول مرة عن أسرار خاصة بشأن أزمة نجلها "رامي"    يدخل دخول رحمة.. عضو ب«الأزهر للفتوى»: يُستحب للإنسان البدء بالبسملة في كل أمر    الإفتاء توضح سنن يوم الجمعة .. أبرزها الإغتسال    وزير الصحة يشارك في مائدة مستديرة حول البيانات والتمويل المستدام لتسريع التغطية الصحية الشاملة    الرعاية الصحية: التعاون مع منظمة الهجرة الدولية في تقديم الخدمات للاجئين    محافظ القاهرة: نسعى لتقديم خدمات صحية متكاملة    «ماذا يأكل طفل ADHD قبل الامتحان؟».. أطعمة قد تُحدث فرقًا في حركته وتركيزه    الثالث خلال 24 ساعة.. إسرائيل تعلن اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 23-5-2025 في محافظة قنا    طقس الأيام المقبلة.. تقلبات حادة في درجات الحرارة    خلافات مع الأشقاء السبب.. تفاصيل العثور على جثة شاب أنهى حياته بكرداسة    زلزال بقوة 6.3 درجة يهز جزيرة سومطرة الإندونيسية    منتجو الدواجن ينفون وجود فيروس: لو كانت نسبة النفوق 30% لارتفع السعر إلى 300 جنيه    القبض على عاطل وسيدة لقيامهما بسرقة شخص أجنبي بحلوان    مجدي البدوي: علاوة دورية وربط بالأجر التأميني| خاص    حقيقة انفصال مطرب المهرجانات مسلم ويارا تامر بعد 24 ساعة زواج    دينا فؤاد تبكي على الهواء.. ما السبب؟ (فيديو)    انتقادات لاذعة لنتنياهو واحتجاجات بعد إعلانه تعيين رئيس جديد للشاباك    قائمة أسعار تذاكر القطارات في عيد الأضحى 2025.. من القاهرة إلى الصعيد    بالأسماء 4 قتلى و9 مصابين في حادث ميكروباص المنيا    فلسطين.. شهداء ومصابون في قصف إسرائيلي استهدف منزلًا بخان يونس جنوب قطاع غزة    مدفوعة الأجر.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    نموذج امتحان مادة الmath للصف الثالث الإعدادي الترم الثاني بالقاهرة    خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    جانتس: نتنياهو تجاوز خطًا أحمر بتجاهله توجيهات المستشارة القضائية في تعيين رئيس الشاباك    ما حكم ترك طواف الوداع للحائض؟ شوقي علام يجيب    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    كأس مصر لكرة القدم سيدات.. بين قوة الأهلى وطموح وادى دجلة    بدون الأهلي «بطل آسيا».. تحديد رباعي السوبر السعودي 2025    4 أبراج «بيسيبوا بصمة».. مُلهمون لا يمكن نسيانهم وإذا ظهروا في حياتك تصبح أفضل    رسميًا بعد قرار المركزي.. ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 23 مايو 2025    «بربع كيلو فقط».. حضري «سينابون اللحمة» بطريقة الفنادق (المكونات والخطوات)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحملة على «التوك شو»

شهد العقد الراهن تطورات إعلامية مهمةً فى مصر، خصوصاً على صعيد اتساع تأثير الفضائيات، وتكرس أهمية برامج «التوك شو»، التى باتت تحصد النجاح باطراد، وترفد الصناعة بالعائدات الضخمة على الإعلان، وتصنع نجوماً، وتعكس الحالة العامة للبلد، وتضع أجندة الأولويات، وتحدد إطار القضايا، وتبلور الرأى العام، وتصوغ قدراً مهماً من توجهاته.
فليس هناك شك فى أن المكانة التى باتت تحتلها برامج «التوك شو» فى الفضائيات المصرية، سواء كانت خاصة أو حكومية، تتسع يوماً بعد يوم، ليس على صعيد الإنتاج الإعلامى وأوساط الصناعة فقط، ولكن أيضاً على صعيد مقاربة الشأن العام، وتأطير توجهات الجمهور، وبناء الصور، وصياغة المواقف، واتخاذ القرارات.
 وبسبب خواء الحياة الحزبية، وتسلط الحكومة، وهشاشة المؤسسات العامة، والخلفية الثقافية والتاريخية التى تحكم الممارسة السياسية للمواطنين المصريين، وتكرس نجومية بعض مقدمى برامج «التوك شو»، تحولت تلك البرامج إلى منتديات سياسية أكثر نشاطاً وتأثيراً من الأحزاب نفسها، قبل أن تحاول أن تحل مكان تلك الأحزاب، وتفتئت على أدوار بعض المؤسسات، وتسعى إلى أن تكون سلطة عابرة للسلطات، بدلاً من كونها سلطة رابعة اعتبارية ذات دلالة رمزية.
وفى غضون ذلك، راحت الإيجابيات الناجمة عن اتساع دور برامج «التوك شو» وتأثيرها تتزايد، سواء فيما يتعلق بتحقيق الازدهار للصناعة والمستثمرين والعاملين فيها، أو فى توفير منابر فضائية لبعض الأطراف التى سُدت أمامها الطرق على الأرض، أو فى خلق ضغوط مباشرة على المخطئين والمقصرين والفاسدين، الذين قد يسوء حظهم فيقعوا فى إطار التناول الإعلامى، ولا يهتم النظام، لسبب أو لآخر، بحمايتهم من الاستهداف.
وفى الوقت نفسه، كانت السلبيات تبرز وتتكاثر، وعلى رأسها بالطبع أمراض النجومية التى أصابت بعض المقدمين، أو انحرافات بعض فرق الإعداد جراء نقص الكفاءة أو استجابة للإغراءات، أو تردى كفاءة الصناعة بسبب قلة التمويل أو بخله، وعدم وجود ماكينات خاصة لجمع الأخبار، ونقص الاهتمام بالتدريب والمتابعة والتقويم، وشيوع ثقافة الاستسهال التى تضرب معظم مناحى الأداء الصناعى فى مصر.
 لكن ما يدعو إلى الاستغراب حقاً أن برامج «التوك شو» تزدهر، وتحقق الأرباح، وتخلق النجوم، وتصنع الفارق، وتقود المحطات، وتحمى بعضها من الإفلاس، وتحيط الرأى العام علماً بأغلب القضايا المحلية التى تقع فى إطار اهتمامه، وتؤطر توجهاته حيالها إلى حد كبير، لكن أحداً لا يمدحها على النحو اللازم، ولا يعدد تلك المزايا التى باتت تتمتع بها بين غيرها من البرامج والمواد الإعلامية.
 أما ما يدعو إلى القلق، فهو بروز توجه عام سلبى نحو برامج «التوك شو»، ليس فقط فى أوساط الحكومة، التى تعانى تفشى الفساد وتردى الكفاءة، ولكن فى أوساط أخرى عديدة، بعضها ضمن العاملين فى صناعة الإعلام نفسها أو غيرهم من السياسيين والخبراء والمفكرين، وهو توجه بات ملحاً بحيث يمكن تصور أنه يتخذ شكل حملة، تضع عنواناً عريضاً مزيفاً، مفاده أن «الفضائيات تروج للسواد وتحرم المواطنين من الأمل».
والواقع أن قطاعاً فى الحكم أهدر القيم والمسؤوليات والفرص كلها للنهوض بدوره على نحو سليم، فأصبح يجد فى كشف العوار، الذى بات يهيمن على جوانب شتى فى حياتنا، استهدافاً مباشراً له وتحجيماً لفرصه فى الاستمرار وجنى المزيد من عوائد الفساد، ولذلك فهو يسعى إلى إحباط «التوك شو» بشكله الراهن، والإساءة إليه، بدعوى أنه «سوداوى لا يبحث سوى عن الخراب والسلبيات الفاقعة»، وانتقاده لأنه «يتجاهل الإنجازات»، وخداعه وإغرائه بمحاولة إقناعه بالقيام بدور «صانع البهجة ومصدر الأمل». ولقد نجح هذا القطاع، للأسف، فى تعبئة آخرين للغناء على اللحن ذاته من دون أن تكون لديهم الأهداف أو الاعتبارات ذاتها.
 ثمة عشرات الأخطاء التى ترتكبها برامج «التوك شو» يوماً بعد يوم، بعضها يتعلق بالانحيازات المبدئية، وسوء اختيار القصص، والفشل فى انتخاب المصادر، وتدنى مهارات إدارة الحوار، وبعضها الآخر يتصل بضعف الإنفاق على الإنتاج، وغياب بعض المفاهيم الأساسية فى العمل الإعلامى، وتردى حال «الكادر»، لكن «التوك شو» لم يخفق فى إنجاز مهمة «صناعة البهجة الوطنية»، أو «إعطاء المواطنين الأمل»، لأنها ببساطة ليست مهمته.
لقد افتأت «التوك شو» على أدوار مؤسسات الدولة، فراح يلعب دور مؤسسة الضمان الاجتماعى، ويعالج غير القادرين، ويشن الحروب على المنافسين والخصوم، ويهاجم مسؤولين، ويشيد بآخرين، وينصب المحاكمات الفضائية، ويصدر أحكام البراءة والإدانة.. وحينما أرادت الدولة أن ترد له الصاع صاعين، راحت تطالبه بمواصلة الافتئات على مؤسساتها، ليصبح مسؤولاً عن أهم أدوارها على الإطلاق: «إسعاد الناس ومنحهم الأمل».
على «التوك شو» أن يسعى إلى الحد من أخطائه، وتطوير آليات عمله لتتناسب مع النجاح الذى حققه، وأن يستمر فى أداء دوره، باختيار القصص التى تقع فى حيز اهتمام الجمهور، ومعالجتها بمهنية وموضوعية، مهما كانت سلبية أو سوداء. وعلى الحكومة - إن كانت راغبة وقادرة - أن تكف عن صناعة التردى والعجز والسواد، وأن تصنع قصص نجاح وإنجاز مهمة، لتتلقفها برامج «التوك شو»، فتخلق البهجة وتمنح الجمهور الأمل. وإلى أن تنجح الحكومة فى ذلك.. ارفعوا أيديكم عن «التوك شو».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.