لا شك أن عملية تنظيم التخلص الآمن من المخلفات وكذا إعادة تدويرها تعتبر من المظاهر الحضارية للدول المتقدمة والتى لها توجه مجتمعى وثقافى نحو الإحساس بالبيئة وضرورة الحفاظ عليها لصالح الإنسان حتى لا تهدد صحته وحياته. وتبدأ تلك المنظومة بأن يقوم المواطن بفرز المخلفات التى يرغب فى التخلص منها فى أربعة مجموعات تسهيلاً ودعماً لعملية التدوير السليم والنظيف والآمن لهذه المخلفات وذلك بوضعها فى أربع أكياس مختلفة اللون قبل تسليمها فى الصناديق الكبيرة الموجودة بالميادين، يختص الكيس الأول بالمخلفات المنزلية من مخلفات المطبخ من بقايا مأكولات وخضروات.. إلخ، أما الكيس الثانى فيختص بالزجاج بجميع منتجاته وان كان فى بعض الدول يفصل الزجاج الملون عن الزجاج الشفاف، أما الكيس الثالث فيختص بالورق والعبوات الورقية بجميع أنواعها، أما الكيس الرابع فيختص بالمخلفات المعدنية مثل الألومنيوم والمعادن وهناك كيس إضافى توضع فيه المواد ذات الخطورة مثل البطاريات الجافة والسائلة وعبوات الاسبراى التى تحتوى ضغطاً غازياً أو غازات قابلة للاشتعال. وتعتبر عملية تصنيف المخلفات بمعرفة المواطن حجر الزاوية فى إقامة منظومة تدوير المخلفات والتخلص الآمن من الخطير منها والتى بدونها يصعب فرز المخلفات التى يمكن الاستفادة منها بعد أن تكون قد تلوثت بمخلفات أخرى. كما أن توريد المخلفات نظيفة إلى المصانع يرفع من سعرها لصالح العملية الاقتصادية للمنظومة والعكس صحيح. ويمكننا القول أن القاعدة العامة لتحديد المخلفات القابلة للتدوير تقول إن جميع المخلفات العضوية مثل مخلفات المطابخ والمجازر يمكن تحويلها إلى أسمدة زراعية أما باقى المواد فيمكن تحويلها إلى زجاج معاد تدويره عن طريق مصانع الزجاج – خامات الومنيوم ومعادن عن طريق مصانع الألومنيوم. أما مخلفات الورق فيمكن إعادة تدويرها والاستفادة منها. كما أن كثير من مخلفات السيراميك ومواد البناء يمكن استخدامها كمواد تكميلية تدخل فى صناعة البلاط والطوب الأسمنتى. ولا شك أن هناك جدوى اقتصادية محققة من وراء توريد تلك المخلفات إذا كانت مفروزة فرزاً جيداً خالياً من التلوث عن طريق كل مواطن، إذ يمكن توريدها للمصانع بأسعار جيدة، وعكس هذا إذا تم توريدها لتلك المصانع وهى ملوثة بزيوت ومخلفات أخرى فان السعر يكون متدنياً. لذا فإن المنظومة تعتمد فى نجاحها على وعى المواطن كما أنه على شركات جمع ونقل المخلفات أن تضع صناديق مختلفة اللون والكتابة تميز نوعية تلك المخلفات التى توضع فى كل صندوق تبعاً لتقسيمات الفرز النوعي. ويكفى أن نعلم أن القاهرة الكبرى تنتج مخلفات من البلاستيك تتعدى 10 آلاف طن يومياً تستخدم بالكامل فى إنتاج خامات لمنتجات كثيرة أهمها أكياس الزبالة السوداء التى نعرفها. أما عن أهمية الرقابة على مصانع التدوير فهى لا تحتاج رقابة خارجية إذ إنها معروفة التوجه، أما ما يحتاج إلى رقابة فهو عملية تسرب العبوات إلى مصانع الغش التى تعمل على إعادة استخدام العبوات بعد تنظيفها بالمواد الكيماوية وتعبئتها بمواد مغشوشة وإعادة طرحها بالأسواق مما يشكل فى حجمه الحالى خطراً حقيقياً لصناعات كاملة مثل الشامبو والمنظفات والعطور والمبيدات الحشرية وأجهزة الإطفاء والبطاريات الجافة.. إلخ؟ بقى أن نشير إلى أمر له ضرورته فيما يتعلق بتحقيق الهدف من تدوير المخلفات بشكل منهجى ودقيق، حيث يمكن استخلاص أهم التجارب الناجحة من ألمانيا أو الاتحاد الأوروبى واليابان واستراليا شرقاً والولايات المتحدة غربا،ً بينما مازالت أفريقيا والدول العربية بما فى ذلك مصر متأخرة عن الدخول فى هذه المنظومة بصورتها المتكاملة رغم وجود بعض الاجتهادات التى تحتاج إلى تشجيع. www.naderriad.com