أكد الرئيس حسنى مبارك أنه يتابع «الحوار الهادئ مع الأشقاء فى دول حوض النيل، بما يحفظ مصالح مصر، ويحقق التنمية لجميع دول الحوض». وقال، فى كلمته التى وجهها، أمس، إلى الشعب المصرى عشية الاحتفال بالذكرى الثامنة والخمسين لثورة يوليو عام 1952، إن التحرك المصرى الخارجى محكوم بمصلحة البلاد، مؤكداً أن مصر تعمل من أجل سلام واستقرار الشرق الأوسط «دون أجندات خفية وبعيداً عن المهاترات والمزايدة»، وأن أحداً لم يقدم ما قدمته مصر للقضية الفلسطينية، ولا يخلو بيت فى مصر من شهيد ضحى بحياته من أجل تلك القضية. وشدد «مبارك» على أن مصر ستبقى وطناً عزيزاً مرفوع الرأس والكرامة، تسعى بخطوات واثقة نحو المستقبل لتعلى بنيان نهضتها عاماً بعد عام، وترفع رايتها سواعد أبنائها جيلاً بعد جيل، وأن الشعب المصرى قادر بقوة إيمانه وصلابة معدنه وتماسك أبنائه على المضى إلى الأمام، متخطيا التحديات والصعاب. وأكد «مبارك» تمسكه بسيادة القانون وإعلاء كلمته، قائلاً: «لا نتدخل فى سير العدالة أو أحكام القضاء، ونعمل من أجل مجتمع يصل فيه المواطن لأقصى ما يؤهله له تعليمه وإمكاناته وقدراته بعيدا عن المحسوبية، وتتصدى أجهزتنا الرقابية للفساد ولا مكان بيننا لمرتكبيه أو لمن يتستر عليه»، مشدداً على إعلاء قيم حقوق الإنسان المكفولة بأحكام الدستور والقانون، وعدم قبول انتهاك حقوق الإنسان المصرى وكرامته أو المساس بها. وأشار الرئيس إلى أن الأولوية الأولى للدولة هى رفع معدلات التشغيل وإتاحة فرص العمل ومحاصرة البطالة، مؤكداً أن الطريق لذلك هو تشجيع المزيد من الاستثمارات والمشروعات وإعطاء دفعة جديدة لصادراتنا، إلى جانب مواصلة خطوات الإصلاح الاقتصادى والتوسع فى البنية الأساسية الجاذبة للاستثمار، لافتاً إلى أن مصر استطاعت احتواء تداعيات الأزمة المالية العالمية، وتمضى الآن نحو انطلاقة جديدة تعاود بها تحقيق معدلات نمو مرتفعة. وأضاف الرئيس أن الأولوية الثانية هى توسيع قاعدة العدل الاجتماعى، من خلال الوقوف بجانب الأسر الفقيرة ليس لحمايتها وتمكينها من مواجهة أعباء الحياة فحسب، وإنما للأخذ بيدها للخروج من دائرة الفقر، مؤكداً المضى فى تحقيق هذا الهدف عن طريق أطر تشريعية متجددة ومتطورة كالقوانين، التى اعتمدها البرلمان فى دورته الماضية لتوسيع قاعدة الضمان الاجتماعى وتطوير نظام التأمين والمعاشات. ودعا «مبارك» جميع الأحزاب إلى طرح الأفكار والرؤى للتعامل مع النمو الاقتصادى والعدل الاجتماعى باعتبارهما أولويتين لا خلاف عليهما، ويتطلع إليهما الوطن والمواطنون ويبقى باب الاجتهاد مفتوحا أمام الجميع حول أفضل السبل المؤدية إليهما عبر تطوير التشريعات المتعلقة بهما خلال الفصل التشريعى المقبل عندما تأتى الانتخابات المقبلة للبرلمان بتشكيله الجديد، مؤكداً تطلعه لأن تدفع هذه الانتخابات بالتجربة الديمقراطية إلى الأمام. وقال الرئيس إننا «نسعى لوطن ديمقراطى مستقر آمن يتيح المناخ الضرورى للتنمية ويحمى أبناءه من مخاطر التطرف والإرهاب ويقيهم مما نراه حولنا من أمثلة للفوضى والخراب والدمار فى منطقتنا وخارجها»، مؤكداً بذل أقصى الجهد لنشر ثقافة جديدة تشتد حاجة المجتمع إليها إزاء قضايا عديدة كقضية الديمقراطية والرأى والرأى الآخر والعمل الحر، وقضايا الفكر والعقيدة، وقضايا المرأة، وقضية التوسع العمرانى والخروج من الوادى الضيق، وقضية الزيادة السكانية باعتبارها أخطر مايواجهنا من التحديات فى الحاضر والمستقبل، وباعتبارها قضية وطن وشعب ومصير. ووجّه مبارك التحية فى ختام كلمته لرموز وقادة ثورة يوليو، مترحماً على أرواح الرؤساء محمد نجيب، وجمال عبدالناصر، وأنور السادات، ومن فارق عالمنا من رجال الثورة، قائلاً إن «التاريخ سيذكر دائماً ما قاموا به منذ ثمانية وخمسين عاما، وشعب مصر شعب أصيل يعى أقدار الرجال ويحفظ ما قدموه من عطاء للوطن».