أنحاز للصعيد لأسباب شخصية تتعلق بجذورى وأخرى موضوعية نتيجة لإهمال الحكومات المختلفة لهذا الجزء من مصر، لذا كانت سعادتى كبيرة حينما شاهدت، أمس الأول، بدعوة من الوزير النشط د. محمود محيى الدين، احتفال وزارة الاستثمار بتكريم العاملين الذين شاركوا فى طريق الصعيد- البحر الأحمر، الذى من المؤكد أنه سيغير الخريطة الصناعية والتجارية والاستثمارية بل والثقافية فى محافظات الصعيد. الطريق يعتبر إنجازاً حكومياً فى منطقة صعبة نالها النسيان فترات طويلة فصدرت الإرهاب والأفكار المتطرفة، وحان الوقت أن تصدر التنمية، فعلى سبيل المثال حتى فترة قريبة كنت أحزن أن محافظتى سوهاج هى الأبعد عن القاهرة لأن الوصول إليها لا يتم إلا عبر مطار أسيوط أو الأقصر، حتى تم إنشاء مطار سوهاج مؤخراً ليضع هذه المحافظة الفقيرة على خريطة الاستثمار. لقد كان الحفل رائعاً وتكاملت فيه العناصر ما بين التاريخ والثقافة فى مكانه بمعبد «دندرة» بقنا والشعر الذى قام بإلقائه الفنان أحمد ماهر بالزى الصعيدى من أشعار الصعيدى عبدالرحمن الأبنودى، بالإضافة إلى بعض الأغانى لشباب المطربين وأخيراً ختام الحفل بالمطرب مدحت صالح.. أما الجانب الإنسانى فتمثل فى تكريم العاملين الذين حققوا هذا الإنجاز. يستحق د. محمود محيى الدين لقب «الرجل الجنوبى»، فهذا الوزير دائم السفر إلى محافظات الصعيد فى عز الصيف، وارتبط خلال فترة وجيزة بالصعايدة وتقاليدهم وعنادهم وإصرارهم، لدرجة أنه لم يعد إلى القاهرة بعد انتهاء الحفل بل لبى دعوة بعض العائلات فى قنا للحوار معهم.. محيى الدين لم يعشق الجنوب فى الداخل فقط بل إن معظم زياراته الخارجية إما لدول أفريقية أو لدول جنوب شرق آسيا التى حققت طفرة فى التنمية، بينما وزراء كثيرون فى مصر لا يسافرون إلا إلى باريس ولندن وأمريكا. لقد أثبت محمود محيى الدين نجاح تجربة الشباب فى الحكومة المصرية، طالما صح الاختيار، فوزير الاستثمار أقحم نفسه فى أمور ليست من صميم عمله. مثل ذلك الطريق الذى ليس من اختصاص وزارة الاستثمار مباشرة، لكنه بالتأكيد سيساعد الوزارة فى ضخ استثمارات كثيرة بمنطقة الصعيد. أخيراً، عاش أهلى فى الصعيد دائماً محصورين بين قسوة الجبال وهدوء النيل، أما، الآن، وبعد أن أصبحت المسافة بينهم وبين البحر الأحمر تستغرق ساعتين من قنا وثلاثاً من أسيوطوسوهاج، فالمؤكد أن الخريطة فى الصعيد ستتغير، وبدلاً من أن ينحصر أهله بين الجبل والنهر سيصبح الصعيد على البحر!!