فى 1849 ولد الإمام محمد عبده، ونشأ فى قرية محلة نصر بمحافظة البحيرة، وألحقه أبوه بالكُتّاب بجامع السيد البدوى بطنطا ليجوّد القرآن ويدرس شيئًا من علوم الفقه واللغة العربية، وبقى هناك عاماً ونصف العام لكنه ضاق بالمقررات الجامدة، فقرر أن يترك الدراسة ويتجه إلى الزراعة.. ولكن أباه أصر على تعليمه، فهرب إلى خال أبيه، الشيخ درويش خضر الذى استطاع أن يعيد إليه الثقة، وعاد الإمام إلى الجامع الأحمدى، ثم انتقل إلى الجامع الأزهر 1865، واستمر فيه 12 عاما ونال العالمية سنة 1877، واتصل بالشيخ حسن الطويل الذى حرّك نزعة البحث لديه، إلى أن التقى الأفغانى، وتلازم الشيخان، درس محمد عبده أيضا فى دار العلوم وفى مدرسة الألسن وكتب المقالات فى «الأهرام»، ولما تولّى الخديو توفيق وجاء رياض باشا رئيسا للنظار اتجه إلى إصلاح «الوقائع المصرية»، واختار محمد عبده ليقوم بهذه المهمة، وبقى فيها عاما ونصف العام، وعندما اشتعلت الثورة العرابية سنة 1882 التفّ حولها كثير من الوطنيين، وانضم إلى المؤيدين للثورة، وتم القبض عليه وحُكم عليه بالنفى لثلاث سنوات. فانتقل إلى بيروت سنة 1883، وأقام بها عاماً، ثم دعاه أستاذه الأفغانى إلى باريس، حيث منفاه، وأصدرا مجلة «العروة الوثقى» التى أزعجت الإنجليز والفرنسيين، فأخمدوها وعاد الشيخ إلى بيروت سنة 1885، ثم دُعى للتدريس فى «المدرسة السلطانية» ببيروت، وبعد وساطات من سعد زغلول والأميرة نازلى صدر العفو عنه سنة 1889، وعاد لمصر، وعمل على إصلاح العقيدة، والمؤسسات الإسلامية كالأزهر والأوقاف والمحاكم الشرعية، ووضع تقريرًا حول الإصلاحات التى يريدها ورفعه إلى اللورد كرومر. وتم تعيينه قاضيًا أهليًا فى محكمة بنها، ثم الزقازيق، ثم عابدين، ثم عُين مستشاراً فى محكمة الاستئناف سنة 1895، وتُوفى الخديو توفيق سنة 1892، وتولى الخديو عباس، ووثق صلته به وأتيحت الفرصة للشيخ محمد عبده لتحقيق حلمه بإصلاح الأزهر، وفى عام 1899 تم تعيينه مفتيًا للبلاد، ثم ساءت علاقته بالخديو عباس بعدما اعترض على ما أراده الخديو من استبدال أرض من الأوقاف بأخرى له، إلا إذا دفع الخديو للوقف عشرين ألفاً فرقًا بين الصفقتين، وتحول الموقف إلى عداء سافر من الخديو، حتى اضطر إلى الاستقالة من الأزهر فى سنة 1905، وأحس الشيخ بالمرض، واشتدت عليه وطأة المرض وتُوفى فى مثل هذا اليوم 11 من يوليو 1905