منذ أيام قليلة.. قادنى الحرص على تتبع أخبار المونديال الأفريقى وقضاياه وحكاياته إلى كتاب رائعين جدد اكتشفتهم وأصبحت أحرص على قراءتهم يوميا بكل التقدير والامتنان لما يقومون به من جهد وسعى وراء الحقيقة.. واحد من هؤلاء هو الكاتب كولمان موراى الذى كان يكتب فى الماضى لوكالة الأنباء الفرنسية ولكنه بات أحد الذين تنشر كتاباتهم مختلف الصحف فى إنجلترا وفرنسا والولايات المتحدةوجنوب أفريقيا أيضا.. ومنذ ثلاثة أيام بدأ موراى يكتب سلسلة من المقالات والتحقيقات عن فساد قديم وجديد فى الفيفا.. كتب عن العقد بين الفيفا وأديداس الذى وقعه بلاتر بنفسه.. عن شركة «ماتش» التى تولت كل أعمال الضيافة فى جنوب أفريقيا أثناء المونديال ويديرها فيليب ابن شقيقة بلاتر.. كتب عن العلاقة الخاصة والغامضة بين بلاتر وبين سكرتير الفيفا.. جيروم فالك.. رجل الأعمال الفرنسى المتخصص فى الرياضة الذى استعان به بلاتر أولا لترتيب وتجديد كل تعاقدات الفيفا التسويقية والتجارية رغم تاريخه المهنى غير المشرف مطلقا، خاصة وقد ثبت تورطه فى خداع ماستر كارد لمصلحة فيزا لتصبح شريكا إعلانيا للفيفا بمائتى مليون دولار.. عن فضائح تذاكر المونديال الأفريقى التى لم يتحدث عنها أحد بعد.. عن رشاوى سرية دفعها الرعاة وشركات أخرى لا ترتبط بعقود رسمية مع الفيفا.. وعن التصويت الذى جرى لإسناد هذا المونديال إلى جنوب أفريقيا والأصوات التى تم شراؤها.. أما أهم ما كتبه موراى فكان محاولته الإجابة عن سؤال محدد وضرورى وشائك جدا.. من الذى سيخرج من هذا المونديال رابحا.. هل جنوب أفريقيا التى سكبت المونديال على الأرض وفى الملاعب وجيوب بعضهم أم الفيفا.. وستبقى وحدها تحسب خسائرها وجروحها وما خرجت به من مزايا إعلامية ودعائية.. أم بلاتر وشركاه فى زيوريخ حين يعودون يشربون نخب مكاسب جديدة فى جيوبهم؟!.. والتقى موراى بكثير من كبار المسؤولين سياسيا ورياضيا فى جنوب أفريقيا رفضوا جميعهم ذكر أسمائهم.. لكنهم أجمعوا على أن بلادهم كانت كليمونة بين أصابع بلاتر.. ولم يتوان بلاتر عن عصر الليمونة حتى آخر قطرة لأنه يحب احتساء شرابه بطعم الليمون.. أما الكاتب الإنجليزى.. ستيوارت نويل.. فبدأ يكتب سلسلة من التحقيقات عن الفيفا، بداية من إسناد مونديال 2006 إلى ألمانيا ثم مونديال 2010 إلى جنوب أفريقيا.. واختار ستيوارت عنوانا دائما لحلقاته وحكاياته.. ضربات الجزاء الدموية.. وكلها حكايات موثقة بالأسماء والتواريخ التى تشير إلى فساد «الفيفا» ورجاله.. وكتابات أخرى كثيرة توقفت أمامها بعدة مشاعر وخواطر.. فنحن هنا فى الشرق أبدا لا نقرأ ولا نهتم بمعرفة كل ما يقال.. ولهذا لا نجيد مطلقا اللعب مع الفيفا.. بينما هم فى أوروبا أو أمريكا اللاتينية أو حتى آسيا.. ينجحون دائما فى وضع قواعد اللعبة ومن الذى يريد المال والذى يريد الحوار والإقناع والذى يريد الاستعراض والذى يريد المتعة.. ومن المؤكد أن أفريقيا كلها ببلدانها السمراء فى الجنوب أو العربية فى الشمال لا تزال بعيدة عن كواليس مؤسسة السيد بلاتر.. وكل من تتخيلوهم أفارقة كبارا فى مؤسسة الفيفا.. ليسوا إلا تلاميذ صغاراً ليست لهم أدوار حقيقية تماما مثل شعوبهم.. تلاميذ إما يبقون جاهلين بما يجرى وإما يرتضون أدوار حاملى الحقائب ويرضون بما يتساقط من موائد الكبار. [email protected]