تعرف على موعد طرح كراسات شروط حجز 15 ألف وحدة سكنية بمشروع "سكن لكل المصريين"    تحرير سعر الدقيق.. هل سيكون بداية رفع الدعم عن الخبز؟    فرنسا تطالب إسرائيل بالسماح بدخول المساعدات لقطاع غزة بشكل فوري وواسع دون أي عوائق    انتخابات رومانيا.. مرشح المعارضة يعترف بهزيمته ويهنئ منافسه بالفوز    السفارة الأمريكية فى ليبيا ترحّب بتشكيل لجنة الهدنة فى طرابلس    فلسطين.. شهيد و13 مصابًا في غارة إسرائيلية على منزل في خان يونس    تأجيل محاكمة المتهمين بإنهاء حياة نجل سفير سابق بالشيخ زايد    نادية الجندى لعادل إمام: ربنا يديك الصحة بقدر ما أسعدت الملايين    على فخر: لا مانع شرعًا من أن تؤدي المرأة فريضة الحج دون محرم    تشخيص بايدن بنوع عدواني من السرطان    ملف يلا كورة.. أزمة عبد الله السعيد.. قرارات رابطة الأندية.. وهزيمة منتخب الشباب    مبابي في الصدارة.. تعرف على جدول ترتيب هدافي الدوري الإسباني    مجدي عبدالغني يصدم بيراميدز بشأن رد المحكمة الرياضية الدولية    ترامب يعرب عن حزنه بعد الإعلان عن إصابة بايدن بسرطان البروستاتا    الانَ.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 بمحافظة المنيا ل الصف الثالث الابتدائي    البرتغال تتجه مرة أخرى نحو تشكيل حكومة أقلية بعد الانتخابات العامة    محمد رمضان يعلق على زيارة فريق «big time fund» لفيلم «أسد».. ماذا قال؟    سعر الريال السعودي اليوم الإثنين 19 مايو 2025 في البنوك    سرطان عدواني يصيب بايدن وينتشر إلى العظام.. معركة صحية في لحظة سياسية فارقة    بعد إصابة بايدن.. ماذا تعرف عن سرطان البروستاتا؟    الكنائس الأرثوذكسية تحتفل بمرور 1700 سنة على مجمع نيقية- صور    إصابة شخصين في حادث تصادم على طريق مصر إسكندرية الزراعي بطوخ    تعرف على موعد صلاة عيد الأضحى 2025 فى مدن ومحافظات الجمهورية    موعد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    شيكابالا يتقدم ببلاغ رسمي ضد مرتضى منصور: اتهامات بالسب والقذف عبر الإنترنت (تفاصيل)    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    أسطورة مانشستر يونايتد: صلاح يمتلك شخصية كبيرة..وكنت خائفا من رحيله عن ليفربول    هل توجد زكاة على المال المدخر للحج؟.. عضوة الأزهر للفتوى تجيب    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    مصرع شابين غرقا أثناء الاستحمام داخل ترعة بقنا صور    لجنة الحج تعلن عن تيسيرات لحجاج بيت الله الحرام    الملك مينا.. البطل الذي وحد مصر وغير مجرى التاريخ| فيديو    رسميًا.. الحد الأقصى للسحب اليومي من البنوك وATM وإنستاباي بعد قرار المركزي الأخير    24 ساعة حذرة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: «اتخذوا استعدادتكم»    القومى للاتصالات يعلن شراكة جديدة لتأهيل كوادر مصرفية رقمية على أحدث التقنيات    قرار تعيين أكاديمية «منتقبة» يثير جدلا.. من هي الدكتورة نصرة أيوب؟    البابا لاوون الرابع عشر: العقيدة ليست عائقًا أمام الحوار بل أساس له    في أول زيارة رسمية لمصر.. كبير مستشاري الرئيس الأمريكي يزور المتحف المصري الكبير    مجمع السويس الطبي.. أول منشأة صحية معتمدة دوليًا بالمحافظة    حزب "مستقبل وطن" بسوهاج ينظم قافلة طبية مجانية بالبلابيش شملت الكشف والعلاج ل1630 مواطناً    بتول عرفة تدعم كارول سماحة بعد وفاة زوجها: «علمتيني يعنى ايه إنسان مسؤول»    أحمد العوضي يثير الجدل بصورة «شبيهه»: «اتخطفت سيكا.. شبيه جامد ده!»    ننشر مواصفات امتحان مادة الرياضيات للصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2025    دراما في بارما.. نابولي يصطدم بالقائم والفار ويؤجل الحسم للجولة الأخيرة    وزير الرياضة يشهد تتويج جنوب أفريقيا بكأس الأمم الإفريقية للشباب    المستشار القانوني للمستأجرين: هناك 3.5 ملايين أسرة معرضة للخروج من منازلهم    تعيين 269 معيدًا في احتفال جامعة سوهاج بتخريج الدفعة 29 بكلية الطب    بحضور رئيس الجامعة، الباحث «أحمد بركات أحمد موسى» يحصل على رسالة الدكتوراه من إعلام الأزهر    إطلالات ساحرة.. لنجوم الفن على السجادة الحمراء لفيلم "المشروع X"    أسعار الذهب اليوم الإثنين 19 مايو محليا وعالميا بعد الارتفاع.. بكام عيار 21 الآن؟    رئيس الأركان الإسرائيلي: لن نعود إلى ما قبل 7 أكتوبر    مشروب طبيعي دافئ سهل التحضير يساعد أبناءك على المذاكرة    البابا لاون الثالث عشر يصدر قرارًا بإعادة تأسيس الكرسي البطريركي المرقسي للأقباط الكاثوليك    ما لا يجوز في الأضحية: 18 عيبًا احذر منها قبل الشراء في عيد الأضحى    9 وزارات تدعم الدورة الرابعة لمؤتمر CAISEC'25 للأمن السيبراني    تعليم الشيوخ تستكمل مناقشة مقترح تطوير التعليم الإلكتروني في مصر    رئيس «تعليم الشيوخ» يقترح خصم 200 جنيه من كل طالب سنويًا لإنشاء مدارس جديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المستشار محمود الخضيرى يكتب: محنة مصر التى صنعتها الصفوة

لم أكن أحب أن أتحدث هذه الأيام خارج نطاق محنة الإخوة الفلسطينيين فى غزة، وما يتعرضون له من حصار ظالم تحركت لفكه وكسره كل القلوب الرحيمة فى العالم، وآخرها قافلة الحرية التى حدثت بها المأساة المعروفة، ولكن يبدو أن أحداث مصر كثيرة ومتعددة لا يستطيع الإنسان تجاهلها أو البعد عنها.
وكيف لمثلى مثلا أن يبتعد بنفسه عن محنة القضاء والمحامين وهو من قضى عمره قاضيا ويختم حياته محاميا، وكيف لمثلى أن يتجاهل ما حدث فى انتخابات الشورى من تزوير وتجاوز وجرائم فاقت كل التوقعات، وكيف لمثلى أن يتجاهل تجاوزات الشرطة فى تعديها على حريات المواطنين وحياتهم وآخرها شاب الإسكندرية الذى يؤكد شهود عيان أنه لقى مصرعه على يد رجالها دون ذنب جناه.
كل هذه أمور مرت فى الأسبوعين الماضيين، كل واحد منها يحتاج حين تكتب فيه إلى صفحات لا تحتملها جريدة أو مقال تعد كلماته على كاتبها ولا يسمح له بتجاوزها، ولذلك رأيت أن أبدأ بأكثرها حدة وإلحاحا وهى أزمة القضاة والمحامين التى تفجرت أخيرا بسبب تعدى اثنين من المحامين على أحد وكلاء النائب العام كان قد سبق له التعدى على أحدهما، وقيام سيادة النائب العام بالتحقيق وأمره بحبس المحاميين وتقديمهما لأقرب جلسة انتهت بالحكم عليهما بخمس سنوات حبساً لكل منهما، وتمت المحاكمة فى ظرف يومين من الواقعة.
والحقائق التى يجب أن تكون ظاهرة للعيان أمام الناس وهم يتابعون ما يحدث فى هذه الواقعة، هى أن الخلاف بين القضاة والمحامين كثير الحدوث، بل إنهما من أكثر الفئات فى المجتمع التى يحدث بينها خلاف، لأنهما من أكثر الفئات احتكاكا بعضها ببعض، لأن طبيعة عملهما تقتضى ذلك، إلا أن هذا الخلاف مهما احتد فإنه دائما يعتبر خلافا بين الإخوة الأشقاء يتم احتواؤه عن طريق الكبار فى الطرفين، لأن القضاة والمحامين هم من صفوة المجتمع الذين يقدرون الأمور ويضعون كل شىء فى مكانه الصحيح، وأنهما جناحا العدالة التى لا يمكن أن تحلق إلا بهما،
ولذلك فإن هذه الأزمات كثيرا وغالبا ما كانت تنتهى بسرعة وتعود المياه إلى مسارها الطبيعى، إلا أن هذه الفتنة الأخيرة أخذت بعدا لم يكن متوقعا، وحدة غير عادية، وكان ذلك بسبب استغلال عناصر فى كل فئة هذا الجو المشحون لإثبات أنه هو القادر على حماية الفئة التى ينتمى إليها، وهو الحريص أكثر من غيره على مصلحتها فكان التصعيد المتعمد بدلا من التهدئة، وأخذ كل طرف ينفخ فى النار ويركب الموجة حتى كادت الفتنة تقضى على كرامة الفئتين، لأنه إذا كانت فئة القضاة تحتمى خلف مكانتها وسلطتها وتحاول عن طريقها كسب الجولة والخروج بأكبر مكسب شخصى لأشخاص لا همّ لهم إلا مصلحتهم الشخصية، غير ناظرين لمصلحة القضاة والدولة بصفة عامة، فإن المحامين قد اعتمدوا على كثرة عددهم وإمكان حشد مئات الآلاف فى مظهر تعمل له حتى الحكومة ألف حساب، وهى أمور إن دلت على شىء فإنما تدل
أولا: على عدم حرص القائمين على أمر الفئتين على مصلحة كل فئة والمصلحة العامة.
وثانيا: على ضعف الحكومة التى لم تعد قادرة على السيطرة حتى على عمال المصانع وصغار الموظفين وحل مشاكلهم وأصبح كل فرد فى الدولة يحاول حل مشاكله بطريقته الخاصة.
ولو فكر كل فريق فى مصلحة مصر وشعبها لعلم أنه ليس فى تعدى شقيقه عليه بالضرب خدش لكبريائه أو إهانة لكرامته لأن أشقاء الدم كثيرا ما يتم الشجار بينهم والتعدى بل القتل أحيانا، ولا يجب أن ننسى أن أول جريمة قتل فى تاريخ البشرية كانت بين شقيقين، ومحاكم العالم مليئة بالقضايا التى بين أشقاء الدم فما بالك بأشقاء المهنة، الأمر إذن ليس - كما صوره البعض - خدشا للكرامة والكبرياء، بل مشاجرة يمكن أن تحدث فى كل وقت بين محام وقاض ومحام ومحام آخر، كان يمكن احتواؤها فى سهولة ويسر بدلا من سكب الزيت على النار وإيقاظ فتنة نائمة لعن الله من يوقظها.
على مدار ستة وأربعين عاما جالسا على منصة القضاء شهدت فيها الكثير من الاحتكاك بين القضاة والمحامين وكانت كلها تنتهى فى ساعات أو أيام قليلة ويعود كل طرف إلى صوابه ويبدأ التعاون بين أخوين لا يمكن أن تسير الحياة بغير تعاونهما، بذلت مساعى بين الفريقين لمحاولة وضع حد لهذه الأزمة إلا أنها حتى الآن لم تحقق الأمل فيها رغم ما أشيع عن انتهائها بعد اتفاق تم بين كبار الفريقين قبل جلسة نظر الاستئناف فى 20/6/2010، إلا أن نتائج هذه الجلسة كانت مخيبة للآمال إذ تم تأجيلها إلى 4/7/2010 مع استمرار حبس المحاميين، بدلا من إطلاق سراحهما كما كان متوقعا دون أن ندرى سببا لذلك، وهذا ما يزيد النار اشتعالا ويزيد الأزمة تعقيدا. هناك أسباب للأزمة لابد من علاجها ومحاولة القضاء عليها وإلا فإننا معرضون لتكرار ما حدث مرات كثيرة وهو أمر لا يمكن تحمله.
منذ شببنا عن الطوق كنا نعرف أن المحامين هم ظهير القضاة فى كل أزمة يتعرضون لها، ونعرف أن أول من يثور لكرامة القضاة هم المحامون وأول من يكافح فى سبيل استقلالهم، وكثيرا ما تكون للقضاة أزمات مع الحكومة أو مع الشرطة التى تحاول كثيرا التغول على سلطات القضاة والنيابة العامة، فلا يجد القضاة من يقف معهم ويساعدهم ويشد من أزرهم إلا إخوانهم المحامين المستفيدين من هذا الاستقلال المتضررين من كل عدوان أو نيل من القضاة، لأن القاضى القوى المحصن هو درع المحامى والشعب بصفة عامة ضد أى عدوان يمكن أن يقع عليه،
فعندما يحدث تعد من محام على قاض أو من قاض على محام يكون ذلك أمرا مستغربا ويثير العجب ويدعو إلى تلافى الأمر بكل سرعة. يا قضاة مصر ويا محاميها، مصر أمكم تناديكم أن تضعوا أيديكم فى يد بعض وأن يشد كل منكم من أزر أخيه، وتقول لكم: أما كانت حالة الطوارئ التى تعيشون فيها منذ عقود أولى بالغضب من تعدى بعضكم على بعض؟.. أما كان تزوير الانتخابات وسرقة إرادتكم أولى بهذه الغضبة القوية.
أقول لكم لو أن مصر شهدت هذا التجمع وهذه المظاهرات احتجاجا على تزوير الانتخابات ومد حالة الطوارئ لما جرؤت الحكومة على أن تقوم بذلك ولوجدت نفسها مرغمة عن العدول عن هذه التصرفات المشينة التى يمكن أن تقوم بها، ألم يكن إخوانكم المعتقلون فى السجون دون ذنب جنوه أولى بهذا الحراك حتى يتم الإفراج عنهم، ألم يكن شهداء الشرطة فى الأقسام وضحايا التعذيب الوحشى فى السجون أولى بالغضب، لو أن مثل هذه التجمعات شاهدتها الحكومة حين تقدم على تصرف من التصرفات التى تقوم بها وتخالف فيها القانون متعمدة لما أقدمت على أى منها ولكان حال مصر قد تغير، وأصبح الناس حتى القضاة والمحامين، لا يغضبون للأمر العام ولا يثورون إلا من أجل المصالح الشخصية، وعلى أى حال فإن ما حدث فى أزمة المحامين مبشر بأن التغيير قادم ودليل على أن شعب مصر لم يمت وأنه قادر على الحركة عندما تأتيه الفرصة ويجد القضية التى يؤمن بها.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.