مستشفى 15 مايو التخصصي ينظم ورشة تدريبية فى جراحة الأوعية الدموية    الفراخ البيضاء اليوم "ببلاش".. خزّن واملى الفريزر    اليوم، رئيس كوريا الجنوبية يلتقي السيسي ويلقي كلمة بجامعة القاهرة    اليوم.. محاكمة المتهمة بتشويه وجه عروس طليقها فى مصر القديمة    تحذير عاجل من الأرصاد| شبورة كثيفة.. تعليمات القيادة الآمنة    اليوم.. عرض فيلم "ليس للموت وجود" ضمن مهرجان القاهرة السينمائي    شاهد، أعمال تركيب القضبان والفلنكات بمشروع الخط الأول من شبكة القطار الكهربائي السريع    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    ترامب يرغب في تعيين وزير الخزانة سكوت بيسنت رئيسا للاحتياطي الاتحادي رغم رفضه للمنصب    أخبار فاتتك وأنت نائم| حادث انقلاب أتوبيس.. حريق مصنع إطارات.. المرحلة الثانية لانتخابات النواب    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 20 نوفمبر 2025    تحريات لكشف ملابسات سقوط سيدة من عقار فى الهرم    انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    سفير فلسطين: الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    كيفية تدريب الطفل على الاستيقاظ لصلاة الفجر بسهولة ودون معاناة    مكايدة في صلاح أم محبة لزميله، تعليق مثير من مبابي عن "ملك إفريقيا" بعد فوز أشرف حكيمي    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    فلسطين.. تعزيزات إسرائيلية إلى قباطية جنوب جنين بعد تسلل وحدة خاصة    طريقة عمل البصل البودر في المنزل بخطوات بسيطة    إصابة 15 شخصًا.. قرارات جديدة في حادث انقلاب أتوبيس بأكتوبر    محمد أبو الغار: عرض «آخر المعجزات» في مهرجان القاهرة معجزة بعد منعه العام الماضي    يحيى أبو الفتوح: منافسة بين المؤسسات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي    طريقة عمل الكشك المصري في المنزل    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    خبيرة اقتصاد: تركيب «وعاء الضغط» يُترجم الحلم النووي على أرض الواقع    أسعار الدواجن في الأسواق المصرية.. اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    مأساة في عزبة المصاص.. وفاة طفلة نتيجة دخان حريق داخل شقة    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    بنات الباشا.. مرثية سينمائية لنساء لا ينقذهن أحد    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    موسكو تبدي استعدادًا لاستئناف مفاوضات خفض الأسلحة النووي    بوتين: يجب أن نعتمد على التقنيات التكنولوجية الخاصة بنا في مجالات حوكمة الدولة    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    تأجيل محاكمة المطربة بوسي في اتهامها بالتهرب الضريبي ل3 ديسمبر    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء ببولاق الدكرور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدورى أبطال أفريقيا    أرسنال يكبد ريال مدريد أول خسارة في دوري أبطال أوروبا للسيدات    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    تصل إلى 100 ألف جنيه، عقوبة خرق الصمت الانتخابي في انتخابات مجلس النواب    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الله ليس منحازاً لأحد
نشر في المصري اليوم يوم 08 - 09 - 2010

لا يمكن أن يتضايق الإنسان سليم النية من غيرة الناس على دينهم، لكن أيضا لا يمكن للإنسان سليم النية أن يتسامح مع جهل الناس بدينهم وهم يدّعون الغيرة عليه.
أقولها من قلبى والله لكل الذين عاتبونى أو هاجمونى أو شتمونى أو كفرونى أو وافقونى أو اختلفوا معى بسبب كثير من المقالات التى نشرتها خلال شهر رمضان الكريم. كنت أتمنى أن يتسع المقام لمناقشة واستعراض كل الآراء التى جاءتنى، لكن المساحة وإن اتسعت مؤخرا لا تزال تضيق عن ذلك، ومع أن بعض القراء يعتبرون أن مناقشة أناس خطائين وغير متخصصين فى الدين من أمثالى لموضوعات دينية أمر يدخل فى بند المحرمات، ومع أنهم بذلك يسقطون خصوصية الإسلام فى أنه لم يجعل هناك قدسية لمن يطلق عليهم رجال الدين،
ولم يسقط أبدا حق أى مسلم فى التفكير والتأمل والنقاش والشك والنقد وإعمال العقل حتى وإن كان خطاء من الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا كحالاتى، لكننى على أية حال وبعد تفكير عميق قررت أن أهدى لكل القراء، على اختلاف آرائهم ومشاربهم وتوجهاتهم، هذه السطور الرائعة التى أحبها وأعود لقراءتها دائما، وهى من كتاب مهم وجميل ومهضوم الحق اسمه «القرآن والسلطان» للمفكر الكبير فهمى هويدى، وهى السطور التى يتضمنها فصل مهم اختار له عنوانا بديعا هو «الله ليس منحازاً لأحد». وأتمنى أن تستفيد من قراءتها والتفكير فيها سواء اتفقت معها أو اختلفت، وسواء كنت تحبنى أو تكرهنى، و«كل سنة وإنت طيب».
يبدأ الأستاذ فهمى هويدى فصله البديع قائلاً: غاية ما فى الأمر أن المسلمين يسمون أمة الإجابة، وغيرهم يسمون أمة الدعوة، فالجميع أمته. بهذه العبارة يتحدث شيخ علماء المغرب، عبدالله كنون، عن ميزان العدل فى الإسلام «بين جميع الطوائف والعناصر، من غير اعتبار لون أو نزعة أيا كانت». وفى هذا الاتجاه تصب أفكار واجتهادات العديد من فقهاء المسلمين، الذين يبنون مواقفهم على حقيقة أن بنى آدم خرجوا «من نفس واحدة» وإن «الخلق كلهم عيال الله». وهو اتجاه تحدد معالمه أبعاد قيمة العدل الإلهى، بكل تجرده وسموه. إذ لا انحياز ولا محاباة لأحد، لا فى الدنيا ولا فى الآخرة، بل إنه أمام «الموازين القسط ليوم القيامة»- بالتعبير القرآنى- تسقط الهويات والأنساب والألقاب، ويبقى شىء واحد يُحتكم إليه فى الثواب والعقاب، هو العمل الصالح أولا، والعمل الصالح أخيرا! وعندما وقف النبى عليه السلام فوق الصفا، ليقول لقريش كلها، ولأهله وابنته فاطمة على وجه الخصوص: «لا أغنى عنكم من الله شيئا»، فقد كان على وعى تام بتلك الحقيقة، منذ تلقى التوجيه الإلهى «وأنذر عشيرتك الأقربين» وعندما سجل القرآن الكريم فى قصة سيدنا نوح كيف أنه أراد أن يشفع لابنه عند الله، جاءه الرد بالرفض القاطع، والسبب: «إنه عمل غير صالح». لا النسب ولا مكانة الأب الرفيعة عند الله حالا دون أن ينفذ عدل الله، لأن الأهم طبقا ل«الموازين القسط» ماذا قدمت يداه هو؟ ماذا كان موقفه هو؟.. أين موقعه هو بين الخير والشر؟!
إن الله ليس منحازا لأحد. هذه واحدة من الحقائق الأساسية فى التفكير الإسلامى، التى ينبغى التنبيه والتذكير بها. من التبسيط الشديد للأمور، ومن الفهم المسطح والقاصر للإسلام أن يروج البعض لفكرة أن الطريق إلى السماء حكر على نفر من الناس، بل إنه من الإساءة إلى عدل الله أن يظن كائن من كان أنه صادر لحسابه مفاتيح الجنة وهو قاعد فى مكانه؟! لقد حسمت نصوص القرآن الأمر منذ نزل كتاب الله قبل 14 قرنا.
عندما تخاصم أهل الأديان- والرواية يسجلها ابن كثير عن ابن عباس- فقال أهل التوراة: كتابنا خير الكتب، ونبينا خير الأنبياء، وقال أهل الإنجيل مثل ذلك. وقال أهل الإسلام: لا دين إلا الإسلام وكتابنا نسخ كل كتاب، ونبينا خاتم النبيين، وأمركم وأمرنا أن نؤمن بكتابكم، ونعمل بكتابنا. فقضى الله بينهم ونزلت الآية «ليس بأمانيّكم ولا أمانىّ أهل الكتاب من يعمل سوءا يُجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا» ( النساء-123). وخُيِّر بين الأديان فقال: «ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفاً» (النساء-125).
يضيف ابن كثير: إن الدين ليس بالتحلى ولا بالتمنى، ولكن ما وقر بالقلوب وصدقته الأعمال. وليس كل من أدى شيئا حصل له بمجرد دعواه، ولا كل من قال إنه على حق سمع قوله، بمجرد ذلك، حتى يكون له من الله برهان.
وفى تفسير الآيتين يقول الإمام محمد عبده (الأعمال الكاملة- الجزء الخامس): «إن الأديان ما شُرعت للتفاخر والتباهى، ولا تحصل فائدتها بمجرد الانتماء والمدح بها، بلوك الألسنة والتشدق فى الكلام. بل شرعت للعمل... وإنما سرى الغرور إلى أهل الأديان من اتكالهم على الشفاعات وزعمهم أن فضلهم على غيرهم بمن بعث فيهم من الأنبياء لذاتهم، فهم بكرامتهم يدخلون الجنة وينجون من العذاب، لا بأعمالهم».
ثم يضيف الأستاذ الإمام: إن كثيرا من الناس يقولون تبعا لمن قبلهم فى أزمنة مضت، إن الإسلام أفضل الأديان، أى دين أصلح إصلاحه؟.. أى دين أرشد إرشاده؟... أى شرع كشرعه فى كماله؟ ولو سئل الواحد منهم، ماذا فعل للإسلام، وبماذا يمتاز على غيره من الأديان، لا يجد جوابا.
وفى هذا السياق نزلت الآية: «ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا» (النساء-124)، التى يعقب عليها الشيخ محمد رشيد رضا فى تفسير المنار بقوله: أى أن كل من يعمل ما يستطيع عمله من الصالحات، وهو متلبس بالإيمان مطمئن به، فأولئك العاملون المؤمنون بالله واليوم الآخر يدخلون الجنة بزكاء أنفسهم وطهارة أرواحهم. ثم يضيف معقبا على الآيتين (123-124) أن فيهما من «العبرة والموعظة ما يدك صروح الأمانى ومعاقل الغرور التى يأوى إليها الكسالى.
الجهال والفساق (كذا!) من المسلمين، الذين جعلوا الدين كالجنسية السياسية، وظنوا أن الله العزيز الحكيم يحابى من يسمى نفسه مسلما، ويفضله على من يسميها يهوديا أو نصرانيا بمجرد اللقب، وأن العبرة بالأسماء والألقاب لا بالعلم والعمل».
وثمة آيات قرآنية أخرى، من رب الناس، تطل على كل الناس من منظور أكثر اتساعا وشمولا، وتعطى قيمة العدل عند الله سبحانه وتعالى أبعادا وآفاقا بغير حدود. والآيات ثلاث هى: «إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم» (البقرة 62). «إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون» (المائدة- 69). «إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس، والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة» (الحج- 17).
والآيتان الأوليان تسويان بين الجميع أمام الله سبحانه، وتشترطان فقط الإيمان بالله والعمل الصالح، ليثاب الخيّرون عما فعلوا، وليطمئن الجميع إلى عدالة الله و«الموازين القسط ليوم القيامة». ولابد أن نلاحظ أن «الصابئين» ذكروا فى هاتين الآيتين، وهم ليسوا من أصحاب الديانات السماوية على أى حال، وإن قيل إنهم يؤمنون بالله، وببعض الأنبياء. وحتى هؤلاء، من عمل منهم صالحا فله أجره عند ربه. وفى الآية الثالثة أضاف المجوس والمشركين، مع تذكير بأن حسابهم على الله يوم القيامة، وليس على أحد من الناس فى هذه الدنيا.
وفى تفسيره للآية الأولى من سورة البقرة يقول الإمام محمد عبده (الجزء الرابع من الأعمال الكاملة) إن أنساب الشعوب وما تدين به من دين وما تتخذه من كل ذلك لا أثر له فى رضاء الله ولا غضبه، ولا يتعلق به رفعة قوم ولا منعتهم. بل عماد الفلاح ووسيلة الفوز بخيرى الدنيا والآخرة، إنما هو صدق الإيمان بالله تعالى.
ويؤيد هذا التفسير ويرده محمد رشيد رضا صاحب المنار ويضيف عليه قوله: إن حكم الله العادل سواء وهو يعاملهم- الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين- بسنة واحد، لا يحابى فريقا ويظلم فريقا. وحكم هذه السنة أن لهم أجرهم المعلوم بوعد الله على لسان رسلهم، ولا خوف عليهم من عذاب الله.
ونكمل مع الأستاذ فهمى هويدى غداً بإذن الله إذا عشنا وكان لنا إعادة نشر.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.