الإعلام المصرى مُوجَّه.. خاضع لسيطرة رأس المال أراهن على المواطن المصرى البسيط.. والفقراء سندى سأعيد هيكلة الجيش وأتعهد بنشر ميزانيته للرأى العام اعتبر المرشح الرئاسى أبو العز الحريرى أن فوزه فى الانتخابات الرئاسية سيكون جزءاً من عودة اليسار على المستوى العالمى، واعداً بإنشاء وزارة للفقراء تتولى رعايتهم وحلِّ مشاكلهم. ورفض الحريرى فى حوار مع "المشهد" تكريم المجلس العسكرى على دوره فى حماية الثورة، معتبراً أن هذا الدور لم يتم بشكل صحيح، لأن المجلس تولى قيادة الثورة المضادة وتسبب فى كثير من الأزمات خلال الفترة الانتقالية. وأكد الحريرى أنه سيعيد هيكلة الجيش المصرى، وسيضع ميزانيته أمام الرأى العام، رافضاً المبررات التى سيقت خلال الفترة الماضية لوضع نص فى الدستور يضمن مكانة خاصة للقوات المسلحة.. وفيما يلى نص الحوار: أين حملة أبو العز الحريرى من حملات الدعاية؟ هناك طريقتان للدعاية تعتمد الأولى على الإنفاق الضخم المهول والذى يكون موجوداً فى صورة إعلانات وبوسترات ولافتات أو فى صورة شراء الأصوات والولاءات أو تجييش أعداد كبيرة من العاطلين والمحتاجين وإعطائهم ما يسمى باليومية. أما الطريقة الأخرى وهى الطريقة التى أتبعها فهى تعتمد فى الأساس على فكرة أن رأسمال المرشح هو برنامجه الممارس والمطروح والذى تمت معايشته منذ سنين طويلة، وتاريخه النضالى الذى يثبت أنه شخص جدير بالثقة وصاحب مواقف محددة، وفى هذه الطريقة يعتبر المرشح كزارع القطن الذى ذهب لجمعه بعد أن طرح. وقت الانتخابات بالنسبة لنا هو وقت حصاد ما قمنا به على مدى سنوات وليس وقت للبدء فى الزراعة. معنى ذلك أن الدعاية الانتخابية الخاصة بك لم تبدأ منذ إعلانك الترشح للرئاسة؟ بالتأكيد، وإلا لن أستطيع فعل شىء ولن أفعل شيئاً كذلك، مصر الآن 90 مليون شخص ولو كان اعتمادى فى الدعاية على الفترة الزمنية المحددة منذ ترشحى لما كان لى وجود وسط المرشحين على الرغم من عدم الإنفاق الشديد فى الدعاية الخاصة بي، فكيف لى أن أصل لكل المواطنين خلال فترة زمنية بسيطة دون أن أنفق الملايين؟ إذن أنت تراهن على تاريخك ومواقفك المحددة للفوز، ولذلك فإنك لست بحاجة إلى الدعاية؟ بالتأكيد لا، ولكنى أراهن على المواطن المصرى البسيط والفقير الذى اخترت أن أكون مرشحاً له، والذى يعرف جيداً من يكافح سنوات طويلة لأجله، وأثق فى أنه سيعطى صوته لمن يستحق سواء كنت أنا أم غيري، وآمل أن تتولى الفئة المستنيرة من الشعب الدعاية بنفسها وذلك بمناقشتها مع الآخرين لسؤال من الأفضل ولماذا؟ وبالتالى فإننى لست بحاجة إلى الإنفاق الضخم على هذا الكم الهائل من الدعاية مادمت أثق فى اختيار المواطن المصري. لماذا أنت مبتعد عن الدعاية عبر شاشات التليفزيون؟ الإعلام فى مصر إعلام مُوجَّه يسيطر عليه المال أيضاً على اعتبار أنه مملوك لرجال الأعمال، وهناك محاولات حثيثة من المجلس العسكرى وبنية الدولة المصرية التابعة لحسنى مبارك والتى لاتزال قائمة لصرف الناخبين وجمهور الشعب عن بعض المرشحين ذوى الموقف الجذرى من الوضع الحالى والذى لم يتغير سواء قبل الثورة أو أثنائها وحتى الآن. كما أن حجب الإعلام عن هؤلاء المرشحين جاء سعياً إلى تقديم بعض الأشخاص على حساب الآخرين، فنحن نرى على الساحة الانتخابية الحالية ثلاثة معسكرات مختلفة تتمثل فى المعسكر المدني، المعسكر الفلولى العسكري، والمعسكر الطائفي. والمحاولة التى تتم الآن هى تلميع أشخاص معينة، وفى نفس الوقت مساعدة بعض الأشخاص الذين يحسبون على التيار المدنى لوضعهم فى الصورة وتجاهل من ينتمون بالفعل للتيار المدنى عن عمد. ومن تقصد بالذين يحسبون على التيار المدنى؟ ما يحدث الآن بوضوح من خلال الإعلام هو محاولة لاستخدام كارت الطائفية بمعنى تخويف الليبراليين من التيارات الطائفية وفى المقابل مساعدة أحمد شفيق فى الظهور وخاصة أنه يعمل لصالحه جهاز الأمن الوطنى ورجال الأعمال وأعضاء الحزب الوطني، وبالتالى فهم يدفعون بالليبراليين تجاه أحمد شفيق ومن ثم استبعاد أصواتهم عن المرشحين المدنيين أمثالنا ليس رفضاً منهم لنا ولكن لشعورهم بأن خطراً ما يداهمهم وبالتالى عليهم أن يسرعوا بالتصويت لأحمد شفيق حتى لا يأتى رئيس منتمٍ للإخوان المسلمين أو للتيار السلفي. وفى هذه الحالة فهو يحرمنا من تلك الأصوات فى حين أننا الأصلح والأكفأ لمهمتنا. فى ظل ذلك الصراع ألم يكن من الأفضل الاتحاد بينك وبين من يتبنون الاتجاه الاشتراكى من المرشحين؟ الاتحاد بيننا كان ممكناً لو كنا بالفعل نعبر عن شىء واحد ولكننا مختلفون فى العديد من النقاط فمواقفنا النضالية مختلفة وتاريخنا مختلف وكذلك رؤيتنا وبرامجنا الانتخابية مختلفة. ما وقع سماعك لخبر فوز فرنسوا هولاند فى السباق الرئاسى الفرنسى خاصة وهو يتبنى الفكر الاشتراكي؟ كنت متوقعاً فوزه وذلك لأن البشرية الآن تتجه إلى اليسار، فالفكر اليسارى أو الاشتراكى مبنى على مثلث قاعدته الأساسية هى الديمقراطية وإحدى ضلعيه التنمية الشاملة المستدامة والضلع الآخر يتمثل فى أن يكون ناتج التنمية لصالح الفقراء والطبقة الوسطى، فهذا الفكر يعنى أنه كلما انحاز الشعب لفقرائه ومتوسطى الحال به كلما تحسنت حالته الاقتصادية وهذا لا يعنى الوقوف ضد الأغنياء، وقد ثبت ذلك عندما حدثت الأزمة العالمية عام 2008 حيث اتجهت الدول الرأسمالية الكبرى كانجلترا وأمريكا وفرنسا وألمانيا إلى تأميم البنوك ودخلت مساهمة بنسب كبيرة فى الشركات الخاصة الموشكة على الإفلاس، ومن هذا المنطلق فإن العالم يتجه الآن إلى اليسار أو الاشتراكية، فرنسا بدأت بذلك واليونان فى طريقها إليها. هل يعنى ذلك أنك ستعتمد سياسة القطاع العام وتأميم رؤوس الأموال فى الاقتصاد المصرى إذا ما أصبحت رئيساً؟ الاقتصاد المصرى يجب أن يكون اقتصاداً متكاملاً يدار بين القطاع العام والخاص والتعاوني، فليس هناك دولة لا تتدخل فى اقتصادها بشكل أو بآخر حتى الدول الرأسمالية الكبرى تعتمد اقتصاد القطاع العام بنسبة تتراوح بين 34% و44% من نسبة اقتصادها. وكيف ستتعامل مع المؤسسة العسكرية فى حالة توليك الرئاسة؟ للجيش وضع استثنائى فى مصر حيث وضع فى الحياة العامة منذ عام 1952 ثم تمت عسكرة الإدارة المحلية فى كل المجالات على مدى أربعين عاماً تقريباً بدأت منذ تولى السادات الرئاسة، وهذا الوضع الاستثنائى لن يكون بعد ذلك حيث يجب أن تعامل كل مؤسسات الدولة معاملة واحدة ومن ثم يجب إعادة هيكلة الجيش وإعادة النظر فى بعض الأمور الخاصة به. وكيف يمكن إعادة هيكلة الجيش؟ ستعاد هيكلته عندما نرفع عنه المنشآت أو المؤسسات المدنية التى استدرج لإنشائها والتى طرح أنها تساوى أكثر من 25% من الاقتصاد الوطنى وهذا فى حد ذاته كارثة، فالجيش ليس من واجبه الإنتاج ولا الخدمات وإنما هو يختص فقط بالدفاع وبالتالى فإن هذا الوضع مطلوب تصفيته، أيضاً لابد من عودته إلى سيناء ووجوده بها خاصة وأنها منطقة لا يمكن أن تبقى منزوعة السلاح، كذلك لابد من إعادة النظر فى فكرة وجود ثلث القوات المسلحة فيما يسمى بالمنطقة المركزية أو مقر الرئاسة لحمايتها من أى اعتداء فى حين أن مهمته حماية الحدود، وأخيراً لابد من إخراج الجيش من الهيمنة على الحياة السياسية فى مصر لأنه لو بقى الوضع كذلك فلن يكون هناك دستور ولا قانون ولا رقابة ولا شفافية خصوصا أن العسكر عندنا ليسوا عسكر كوريا الجنوبية الذين بنوا البلد سواء كان ذلك بالتحكم أو بالديكتاتورية المهم أنه كان يبنى بلده بالفعل وكان وطنى وكانت هناك شفافية بدليل محاسبة وسجن ثلاثة من رؤساء الجمهورية المنتمين إلى هؤلاء العسكر وكذلك محاسبة الوزراء المخطئين وإقالتهم. ما الوقت المحدد الذى قد تأخذه لتنفيذ ذلك؟ إعادة الجيش إلى وضعه الطبيعى وإحياء الدور المدنى فى حكم البلاد عملية ليست باليسيرة ومن هنا فإن القضية ليست قضية رئيس الجمهورية القادم وإنما هى قضية مجتمع وستأخذ وقتاً كافياً للتمهيد وفى رأيى أنها لن تقل عن عشرين عاماً حتى يصبح الجيش فى الوضع القريب من الوضع الأوروبى وهو أن تكون وظيفة الجيش هى الدفاع عن الحدود بينما تحمى الديمقراطية الشأن الداخلي. ماذا عن ميزانية الجيش هل سيتم إخفاؤها أم سيعلن عنها؟ لا يمكن أن تكون ميزانية الجيش مخفية عن الشعب ولابد أن تخضع للرقابة والتدقيق فيها وأنا أرى أن ميزانيته ليست سراً، خاصة مع التقدم التكنولوجى واختراق الأمريكان والإسرائيليين لكل الحياة المصرية، ومن ثم فإنه لا يوجد شىء داخل الجيش ولا خارجه مخفي عنهم، وبالتالى يكون التحفظ الشديد حول مسألة الميزانية ليس أمراً ضرورياً أو سراً من الأسرار العسكرية حتى يتم حجبه. إذا توليت الرئاسة هل ستكرم الجيش المصرى لحمايته للثورة؟ لابد أن نفرق بين الجيش المصرى وبين قيادة الجيش المصري، فقيادة الجيش المصرى ألا وهى المجلس الأعلى للقوات المسلحة من وجهة نظرى لم تحسن قيادة البلاد خلال فترة الحكم الانتقالى وتحولت من مجلس أعلى للقوات المسلحة إلى مجلس أعلى للثورة المضادة وتحالفت مع الفلول والطائفيين فكوَّنت مثلثاً مناقضاً لمصالح الأغلبية من الشعب المصري، وفى هذا السياق التقت موضوعياً بمثلث آخر خارجى وهو الخلايجة والأمريكان ومن ثم الصهاينة فأصبح المثلث الداخلى والخارجى فى موقف والشعب المصرى فى موقف آخر وهذا لا يعنى أن نأخذ موقفاً سلبياً من الجيش لأنه هيئة ملك للجميع. هل ستكرم الجيش المصرى متمثلاً فى المجلس العسكرى لحمايته للثورة؟ لا لن أكرم أحداً على الإطلاق "لا المجلس العسكرى ولا غيره" فكيف أكرمه والمشير طنطاوى أحد وزراء حسنى مبارك بل هو وزيره الذى استمر معه لمدة 21 عاماً وهو المسئول عن كل ما تم من سلبيات وجرائم فى حق الشعب المصرى من قتل وإصابات منذ بداية الثورة وحتى الآن، ثم كيف يتفق التكريم مع القول بالخروج الآمن وكيف نلتقى فى الخروج الآمن الذى يعنى اعترافهم بأن القانون يطولهم. بالنسبة للملف الأمنى ؛ هناك من المرشحين من وعد بإعادة الأمن إلى الشارع المصرى خلال 24 ساعة ماذا بالنسبة إلى أبو العز الحريري؟ هذا فهم خاطئ للأمن فالأمن ليس مجرد عصا وكرباج و"بوكس" شرطة، الأمن عملية مجتمعية شاملة اهتزت إنسانياً بعد بداية الثورة والتآمر عليها يوم 28 يناير ومن ثم انتقلت من حالة مواتية إلى حالة غير مواتية، ومع تغير ثقافة المجتمع من ثقافة الخضوع والخنوع والاستسلام إلى ثقافة عزة النفس والكرامة وعدم الخوف فإنه لابد وأن تتغير الثقافة الشرطية بما يتفق مع هذا السياق، والحقيقة أن التعاليم الشرطية لم يكن مكتوب فيها "اقهروا الشعب" وإنما كانت تلك التعاليم لمواصلة النهب والاستغلال والقهر للشعب. ونحن كأطباء اجتماعيين نطرح مبادرة للعفو الشامل عن كل من دخل السجون فى قضايا صغيرة بحيث يتم منحهم صحيفة جنائية بيضاء، حتى يمكنهم الاختلاط فى المجتمع والعمل ومن ثم يتم القضاء على ظاهرة البلطجة خاصة وأنهم كانوا ضحايا للمجتمع الذى يتسم بالفساد والظلم والفقر فهم ضحايا العصر الماضي. ما هى أولويات برنامجك الانتخابي؟ مصر الآن فى حالة انهيار تام وشامل ومن ثم فإن كل المجالات أو الملفات فى حالة أولوية بالنسبة لها ولن نستطيع تأخير مجال على حساب الآخر فلابد أن تكون هناك بداية شاملة. ما هى الوزارات التى قد يضيفها الحريرى إلى الحكومة؟ أحلم بإنشاء وزارة للفقراء على غرار ما يوجد بفرنسا على الرغم من كونها دولة غنية فما بالك باحتياجنا نحن لهذه الوزارة، كذلك لابد من وجود وزارة للمرأة ومتحدى الإعاقة فضمن كل 100 أسرة مصرية هناك 28 أسرة تعولها امرأة ومن ثم يصبح رعاية هذه الأسر سواء الفقيرة أو التى يعولها امرأة أو التى تحتوى على متحدى الإعاقة أمراً واجباً على الدولة لكونها تمثل أعداداً ونسباً لا يستهان بها. أيضاً ما المانع من إنشاء وزارة للتطبيقات التكنولوجية خاصة ونحن لدينا العديد من الأبحاث الهائلة التى درست وقيمت ولكنها وضعت على الأرفف وداخل الأدراج على الرغم من أن تطبيق تلك الدراسات على أرض الواقع سيؤدى إلى نقلة خطيرة فى حياة المصريين فى كافة المجالات. فى حال فوزك بالرئاسة من ستختار نائبا لك؟ لن يكون لى نائب واحد وإنما ثلاثة نواب أحدهم امرأة والآخر من الشباب يقل عمره عن 40 عاماً والثالث من المسيحيين. ومن هو المرشح الذى لا يمانع الحريرى أن يكون نائباً له؟ لا أمانع أن أكون نائباً لمن هو الأكفأ ومن هو الأكفأ من وجهة نظرك؟ ليس شخصاً بعينه وقلت الأكفأ؛ لأن معيار الكفاءة هو الفاصل والحكم فى المرحلة القادمة. ما هى الصفة التى لابد من توافرها فى رئيس الجمهورية القادم؟ فى رأيى أن رئيس الجمهورية فى وضعه الديمقراطى والذى سيأتى ليحكم لشعب يخوض تجربة جديدة من الديمقراطية بعد إنهائه لحكم فاسد ومسيطر على مدى سنوات طويلة ومن ثم أصبح بكل طبقاته وطوائفه مندمجاً فى الحياة السياسية، ذلك الرئيس يجب أن يكون رئيساً حوارياً يطرح رؤيته ويشارك الآخرين فيها فى الرأي، فلابد أن يكون كل شىء معروضاً على الشعب؛ لأنه لو لم يرضَ بقرارات رئيسه لخرج ينادى بسقوطه. من "المشهد الأسبوعى".. حاليًا بالأسواق