يرى بعض الناس أن بلادنا ليست في حاجة إلى حكومة رشيدة أو إلى قائد ملهم وإنما هي في أمس الحاجة إلى شعب عنده ضمير مستيقظ طوال الوقت يرشده إلى الصراط المستقيم و يمنعه من إرتكاب الأخطاء, و عندما نسمع هذا الكلام يجب أن نسأل أنفسنا عن بلاد أخرى هي أغنى و أقوى و أنظف و أكثر إلتزاماً, هل شعوب هذه الدول عندهم ضمائر لها أعين واسعة تراقب طوال الوقت و لا تنام؟ وهل ضميرهم المستيقظ هو الذي يمنعهم من إلقاء مخلفات البناء على الطرق "الطريق الدائري عند نزلة المنصورية مثلاً"؟, أم يمنعهم ضميرهم من إلقاء القمامة في الشوارع؟ هل تزيد نسبة الفساد في بلادنا لأن ضمائرنا نائمة؟ هل تقل نسبة الرشوة عندهم بسبب الضمير؟ لعل الضمير هو حل مشاكلنا! من يدري؟ أما البعض الآخر فيرى أن الحل الوحيد هو العنف, وتتمثل وجهة النظر هذه في أننا "شعب ما يجيش إلا بالكرباج", و على الرغم من هذا تجد أن أصحاب هذه النظرية هم أول الرافضين لها و يظهر هذا الرفض جلياً بمجرد أن تسألهم " هو انت ما بتجيش إلا بالكرباج؟" ولكن إذا فكرنا بهدوء في نظرية الكرباج قد نجد لها ما يبررها, فالعدالة هي أن يكون هناك توازناً بين الحقوق, وهذا التوازن لن يحدث إلا إذا كان هناك قانوناً واضحاً, ويقف وراء هذا القانون كياناً قوياً لينفذه ويحميه, ويقف أمام هذا الكيان القوي الذي ينفذ القانون كياناً آخر يراقبه, لكي لا يستغل القانون لمصلحته الشخصية. ولكن هل يكفي القانون لبناء دولة قوية سياسياً و إقتصادياً و إجتماعياً, بها شعب سوي وآمن, أم أننا في حاجة إلى إيقاظ ضمير جماعي, لعل المبادئ الأخلاقية هي التي تقودنا إلى العدالة؟ أم أن الضمير لا يموت إلا إذا إختفى القانون؟ فلا ينصلح حالنا إلا إذا إمتلكنا مزيجاً من الإثنين؟ نعم, أعتقد هذا...نحن في حاجة إلى قانون يمنعنا من إرتكاب الخطأ, وفي حاجة إلى ضمير يدفعنا إلى فعل الصواب.