لم تكن حماس أكثر من فصيل من بين فصائل أخرى ، بعضها وطني وبعضها ديني ، ولكن التطور النوعي الذي حدث كان في الانتخابات النشريعية في 2005 التي فازت فيها حماس وتشكلت أول حكومة منتخبة . فلم تمض سنة حتى حدث الانقلاب الدموي لحماس التي نشرت قواتها باعتبارها قوات أمن بطول القطاع وعرضه ، بينما أوت السلطة إلى الضفة لتنحصر فيها وتقتصر مهماتها عليها . وبسيطرة حماس على القطاع بدأت أضخم مشروع هندسي في العالم تمثل في حفر مئات الأنفاق بين غزة ومصر ، ويبدأ أول اقتصاد تديره حماس يقوم فقط على التهريب .. تهريب كل شيء من الأغذية إلى السلاح إلى . وباقتصاد التهريب هذا سادت حماس على كافة الفصائل التي دانت لها بالسمع والطاعة وإن اختلفت معها تنظيما وأيديولوجيا . في البيان الأول للحركة أعلنت أنها جناح من أجنحة الإخوان المسلمون بفلسطين وجاء في المادة2 من ميثاق حركة حماس: "حركة المقاومة الإسلامية جناح من أجنحة الإخوان المسلمون بفلسطين". وتعترف حماس في البيان نفسه أن "حركة الإخوان المسلمين تنظيم عالمي". وهذا نص لا يجب القفز عليه دون تأمل يستحقه ، فماذا يلجئ حماس إلى النص على ما هو معروف من تنظيم الإخوان بالضرورة في بيان تأسيسها !! إنها لم تكن تعلمنا ما لم نكن نعلم ، لا نحن ولا أعضاءها ، وإنما كانت تنص لأعضائها على مصدر أوامرها ومنبع تعليماتها ، مؤكدة تبعيتها تبعية مطلقة للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين ، فأولوياته أولوياتها حتى وإن لم تكن فلسطين من بينها هذه المرة أو تلك أو مرات عديدة . وكان قرار الأنفاق قرارا للتنظيم الدولي للإخوان ، فهو من مصر إلى غزة يمثل الأساس الاقتصادي الأهم بالنسبة لحماس ، وهو من عزة إلى مصر يمثل مؤامرة التنظيم الدولي على مصر بمشاركة أطراف عالمية . وقد بدأ التورط الفعلي لحماس بالشأن المصري مع انقلابها على السلطة في 2006 وصولا إلى تدخلها العسكري في اقتحام السجون لتحرير قيادات الإخوان المسلمين في 2011 ، وما تلا هذا من انتقال عناصر من تنظيمات فلسطينية إسلامية إلى سيناء ، وما أجرمته بحق الجيش المصري ، وكل هذا حسب تعليمات التنظيم الدولي . وكانت آخر هذه التعليمات هي استدعاء العدوان على غزة بأي ثمن ، والبيعة توجب الطاعة ، وقد كان ما يحدث الآن .. وليس لأحد في حماس أو غيرها من الفصائل أو لنا بالطبع أن يسأل لماذا ؟ وماذا تكسب القضية ؟ ، فأثناء المعركة تأخذ الأسئلة شكل الخيانة ، بينما الخيانات في موضع آخر . والمطلوب هذه المرة من وراء استدعاء حماس لآلة القتل الصهيونية إلى قطاع غزة مختلف تماما .. المطلوب ابتزاز العالم كل العالم ، لايس مطلقا ليقف بوجه إسرائيل ، ولكن مصر .. نعم مصر . لقد استنف التنظيم الدولي وسائله لتركيع الشعب المصري ليعدل عن ثورته الني أخرجتهم من موقع الحكم لتدخلهم إلى السجون متهمين بالقتل والتحريض عليه فضلا عن التخابر وإفشاء أسرار الدولة المصرية لجهات أجنبية . وتم التحفظ على شركاتهم قضائيا ، واصبحوا أفلس من حماس بعد تدمير معظم الأنفاق . ولم يبق لهم من أمل في الاستمرار في هز استقرار مصر سياسيا واجتماعيا غير ورقة معبر رفح . وكل الاحتمالات واردة بشأنه ، فإما وضعه تحت إشراف دولي حسب شرط حماس ، أو اقتحامه بآلاف الهاربين من العدوان الصهيوني في حالة استمراره . إن رفض حماس إيقاف إطلاق صواريخ الفزع والعودة إلى التهدئة السابقة ، يمثل رهانا على إحدى الحسنيين من وجهة نظر التنظيم الدولي ، فإما تدويل المعبر أو اقتحامه تحت غطاء القصف . أما التدويل ، فلحماس شرطها على الشرط السادس ، وهو أن تشارك دول عربية قطر على الأرجح ودول صديقة تركيا الأردوغانية وربما إيران كذلك ليمر من فوق الأرض بين الجهتين ما كان يمر من تحت الأرض وبين الجهتين أيضا . فيصل السلاح والمتفجرات والأموال إلى إخوان مصر ليواصلوا ما كاد أن يتوقف . وأما الاقتحام فهو آخر الدواء ، إذ ترفض حماس أية تهدئة لا تخضع لشروطها ، وبالتالي تطور الدولة الصهيونية عدوانها على غزة لتتدخل بريا ، ويبدأ الهروب الكبير من غزة باتجاه مصر ، وربما كانت حماس تعد ناسه من الآن . كأن إبليس ليس له اسم آخر غير التنظيم الدولي للإخوان ، فسيشكل اقتحام المعبر ، وربما تدميره تماما بصاروخ يتهم فيه الصهاينة وهذا التدمير هو الأرجح إرباكا أمنيا لمصر ولابد ، وبدلا من تدويل المعبر يختفي المعبر تماما في ظل استمرار تدفق اللاجيئن عليه ، واستمرار تدفق القوى العالمية المشبوهة على سيناء بزعم إيواء اللاجئين وإيصال المساعدات الإنسانية إليهم وتوزيعها عليهم ، ويتم تدويل الأرض المصرية بدلا من تدويل المعبر فقط ، ويحدث ما كان سيحدث لو تم تدويل المعبر .