مع تنصيب رئيس جديد لمصر يأمل المصريون في أن تستقر الاحوال ويعود قطار التنمية الى السير في الاتجاه الصحيح على قضبان عمادها تنمية مستدامة من اجل غد افضل، تنمية توفر لملايين الشباب فرص العمل التي يحلمون بها، وسط هذا اليأس الذي يحيط بهم من كل جانب، بعد أن تخرجوا من مدارسهم وجامعاتهم وجلس أغلبهم بجوار ابائهم وامهاتهم دون عمل، بينما الاباء والامهات يجلسون متاملين ابنائهم شاردين الذهن والدموع تكاد تغرق وجوههم من شد الالم والحسرة على ما آل اليه ابنائهم بعد تعب وشقى السنين في المدارس والجامعات التي اصبحت تخرج ملايين العاطلين سنويا. إننا نحتاج إلى خطط عاجلة جدا تستوعب هؤلاء الشباب الذين هم عماد هذا المجتمع وثروته التي اهدرناها خلال عشرات السنين الماضية، خطط لاعادة صياغة التعليم في المدارس والجامعات وفق متطلبات سوق العمل، لا تخريج تخصصات لا تجد عمل لها، ومن ثم تصلتحق بقطار العاطلين الذي أصبح يمتد لاكثر من عشر سنوات، فخريجي جامعات لهم أكثر من عشر سنوات لم يجدوا العمل المناسب حتى الان وبالتالي توقفت حياتهم فهم لا يستطيعون الزواج ولا فتح بيت والانفاق على الزوجة والاولاد، لماذا لم تسال اية حكومة نفسها ماذا فعلت بخيرة شبابها، لماذا ترتكتهم نهبا للمقاهي والشوارع دون ان توفر لهم فرص عمل ليستفيدوا منها وتستفيد البلد من طاقاتهم المعطلة، حقا ما اتعس هذه الاجيال التي ولدت في ظل حكومات لا تعرف عن شبابها شيئا. إنني لا أحمل الحكومات وحدها المسئولية عن حالة البطالة وتعطل الطاقات الانتاجية وان كانت تتحمل الجزء الاكبر منها، ولكني احمل الشباب أنفسهم جزءا من هذه المسئولية، فاغلب الشباب لا يقبل على العمل في القطاع الخاص، ويسعى دائما الى الوظيفة الحكومية المضمونة، حتى إنني قابلت الكثيرين لا يعتبرون العمل في القطاع الخاص عملا من الاساس او يعتبرونه عمل مؤقت لبعض الوقت وعندما يجدون الوظيفة الحكومية فانهم سيتركونه فورا حتى وإن كانوا يحصلون منه على راتب أضعاف الوظائف الحكومية، لذلك علينا أن نسعى لتغيير مفاهيم الشباب عن العمل في القطاع الخاص، لأنه يشكل اكثر من 90 % من الوظائف المتاحة الآن أمام الشباب، ومن المستحيل ان يعمل جميع الناس في القطاع الحكومي، ففي اغلب الدول يكون القطاع الحكومي بين 3 و5 % فقط من القوى العاملة في الدولة بينما في مصر تجد النسبة اكبر بكثير والانتاج اقل بكثير من الدول الاخرى، وقد ذكر الرئيس الاسبق ميارك انه عندما زاره رئيس تركيا وتحدث معه حول انه يشكوا من كثرة الموظفين التابعين للحكومة التركية حيث يصل عدد الى 5 % وسال الرئيس مبارك كم يبلغ عدد موظفي حكومتكم فاجابه مبارك انه قريبا من ذلك وقال بعدها انه خشي ان يخبره الحقيقة فلا يصدقها الرجل. على الرئيس الجديد والحكومة الجديدة أن يسعوا بكل قوة لتغيير منظومة التعليم في مدارسنا وكلياتنا لجعلها تتناسب مع سوق العمل، فعلى سبيل المثال كليات مثل الخدمة الاجتماعية والتجارة والحقوق والدرسات العربية والاسلامية والاداب ودار العلوم وغيرها تخرج سنويا مئات الالاف ليس لهم وظائف ولم يتدربوا على أي عمل يفيدون به المجتمع، فكيف يواجه هؤلاء الخريجين العاطلين حياتهم؟ عليهم الاختيار بين العمل في اعمال لم يتدربوا عليها او الانخراط في قطار البطالة، كما ان منظومة التعليم الحالية تفرغ نظام الدبلومات الفنية من الهدف الذي انشيء من اجله فالخريج لا يعرف شيئا عن الحرفة التي تعلمها في المدرسة لمدة ثلاث سنوات، لذلك علينا ان نبدأ من الان دون تاخير في تغيير منظومة التعليم وتدريب من تخرجوا خلال السنوات الماضية على الاعمال التي يحتاجها سوق العمل والا سنندم كثيرا على ضياع كل هذه السنوات والاجيال دون تعلم شيئا مفيدا.