من المعروف أن التعليم «الجيد» فى مصر يرتبط ارتباطا وثيقا بالقادرين ماديا الذين يلحقون ابناءهم بالمدارس الخاصة أو مدارس اللغات من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة الثانوية، وحتى اذا لم يلتحق بجامعات خاصة أو أجنبية ثم التحق بجامعة حكومية مثل القاهرة أو عين شمس مثلا فهو على الرغم من ذلك أوفر حظا من غيره ممن كانوا بمدارس حكومية حيث تم تأسيسه جيدا واصبح مستواه فى اللغات الاجنبية ممتازا مما يسهل عليه الحصول على فرص عمل بعد التخرج يصعب على الآخرين الحصول عليها بمستواهم الضعيف، وعدم نطقهم اللغات الاجنبية، والدليل على ذلك انهم لايستطيعون التحدث بالانجليزية على سبيل المثال على الرغم من دراستهم لها من الابتدائية حتى المرحلة الجامعية، ويرجع ذلك إلى تدنى أسلوب التعليم بها وافتقادهم الوسائل السمعية والبصرية التى يحظى بها ابناء القادرين بالمدارس الخاصة ومدارس اللغات فضلا عن عدم وجود المدرس المؤهل لتدريس هذه المادة، ان الكثيرين من مدرسى اللغة الانجليزية فى المدارس الحكومية ليسوا متخصصين فيها حيث أنهم من مدرسى مادة التاريخ فنظرا للعجز فى أعداد المدرسين لهذه المادة تضطر الحكومة إلى سد العجز بهم، وهنا يكمن الخطر حيث ان الحكومة تنظر إلى الكم وليس الكيف فالمهم عندها هو «سد الخانة» ولو على حساب المستوى التعليمى، والمحصلة النهائية هى تخريج الالاف ممن يحملون شهادات الليسانس والبكالوريوس الذين ينضمون إلى اخوانهم السابقين من خريجى الاعوام الماضية فى طابور العاطلين الذى يزداد عاما بعد عام دون توقف ولا تستوعبهم سوق العمل وفى أغلب الاحيان لا تحتاج إليهم اصلا وتفضل عليهم خريجى المدارس الاجنبية والخاصة. والسؤال: لماذا لا يكون مستوى التعليم متساويا بين أبناء الوطن الواحد، الفقير مثل الغنى بلا تفرقة؟ ثم ما المانع ان تكون منظومة التعليم فى المدارس الحكومية مثل منظومة التعليم بالمدارس الخاصة واللغات؟ وما ذنب ابناء الفقراء فى الا يحظوا بفرص تعليم جيد مثل ابناء القادرين؟ وهل هناك ماهو اهم من التعليم لكى ترعاه الدولة وتتضافر جهود رجال الأعمال والقادرين لتوفير المال اللازم له؟ ان التعليم مثل أى صناعة تقدم منتجا ان لم يكن جيدا فلن يستطيع الصمود أمام المنتجات الاخرى وسيكون مصيره الركود والتكدس بالمخازن حتى يصاب بالتلف، والتعليم إن لم ينتج مواطنا جيدا فى تعليمه سيكون مصيره الوقوف فى طابور العاطلين كما نرى الآن وسيكون مآله إما إلى الانحراف السلوكى أو اصابته بعقد نفسية تفقده بمرور الوقت الانتماء للوطن وفى الحالتين سيقع ضررهما على الدولة نفسها. وأتمنى ان يأتى يوم لانرى فيه مدارس خاصة أو مدارس لغات او ما إلى ذلك مما يوغر صدور غير القادرين على القادرين وحتى يكون التعليم «الجيد» فى مصر لكل ابناء الوطن بلا استثناء فمنظومة التعليم الواعدة هى التى تساوى بين الجميع. محاسب صلاح ترجم حلوان