تلوح فى أفق إيران سحب زيادات جديدة فى أسعار الوقود، ستمثل أول اختبار رئيسى لقدرة الرئيس حسن روحانى على الاحتفاظ بالتأييد الشعبى، فى مواجهة هجمات منافسيه من المتشددين. فمنذ انتخاب روحانى فى أغسطس الماضى أدخل البهجة على قلوب كثير من الإيرانيين بالتوصل إلى اتفاق مؤقت مع الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى بشأن البرنامج النووى الإيرانى، ومواصلة العمل للتوصل إلى اتفاق يضع حداً للعقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران. ووعد روحانى بمزيد من الحريات الاجتماعية، وأصلح بعضا مما لحق بالاقتصاد الإيرانى من ضرر جراء العقوبات، فاستقر سعر صرف الريال واتجه التضخم المنفلت للتراجع. إلا أن كل هذه الإنجازات قد تتعرض للخطر إذا أساءت حكومته التصرف فى التخفيضات المزمعة فى الدعم الهائل الذى تقدمه الدولة لإبقاء أسعار الوقود المحلية أقل بكثير من مستوياتها العالمية. وهذه التخفيضات جزء أساسى من جهود روحانى لإصلاح الاقتصاد بعد سنوات من التذبذب فى إدارته فى عهد الرئيس السابق محمود أحمدى نجاد، لكنها ستكون صعبة على كثير من الإيرانيين، وقد تؤثر على مكانة روحانى السياسية فى وقت يحتاج فيه للتأييد للتغلب على المقاومة الداخلية لإبرام اتفاق نووى. وقال كريم سجدبور، خبير الشئون الإيرانية فى معهد كارنيجى للسلام الدولى فى الولاياتالمتحدة، "أدلى الناس بأصواتهم لروحانى على أمل أن يخفض كلفة المعيشة لا زيادتها." وقال دبلوماسى غربى كبير فى طهران، إن إعلان روحانى عن خطته لخفض الدعم أثارت بعض القلق فى المجتمع الإيرانى من موظفى الحكومة لرجال الأعمال، بل وبين رجال الدين، وبدأ البعض يعمل على تخزين المواد الغذائية. وأضاف الدبلوماسى، "خفض الدعم سيفرض المزيد من الضغوط على من أعطوا روحانى أصواتهم، وسيكون له أثر سلبى على التضخم المرتفع بالفعل وأسعار السلع." وتابع، "سيكون اختبارا فاصلا لقوة روحانى السياسية وشعبيته منذ انتخابه." ويبلغ ثمن البنزين الآن نحو 7000 ريال أى ما يعادل 0.28 دولار للتر بسعر الصرف الرسمى. وتريد حكومة روحانى التى تعانى من شح السيولة المالية خفض الدعم لتخصيص المزيد من الاستثمارات فى البنية التحتية المهلهلة وخفض الاقتراض الحكومى من البنوك، بما يمكنها من إقراض القطاع الخاص، وكذلك التشجيع على ترشيد استهلاك الطاقة. وكان أحمدى نجاد خفض دعم أسعار الوقود أول مرة عام ،2010 لكن هذا تسبب فى ارتفاع كبير فى التضخم، وعرقل البرلمان المرحلة الثانية من الإصلاحات فى 2012، بدعوى أن المرحلة الأولى رفعت أسعار الكهرباء وغاز الطهى لثلاثة أمثالها. ويتمتع روحانى بتأييد أكبر كثيرا فى البرلمان، إذ أقنع أعضاءه فى فبراير الماضى بمبدأ إصلاح الدعم. لكن استجابة الشعب الذى واجه صعوبات كبيرة فى الركود الناجم عن العقوبات قد لا تكون بنفس الهدوء الذى كانت عليه استجابة البرلمان، لأن ما قد يجلبه إصلاح الدعم من نفع سيستغرق شهورا وربما سنوات قبل أن يظهر، بينما سيشعر المواطنون بوطأته على الفور. وقال أحمد هاشمى، الذى يعمل مدرسا فى مدينة سارى الشمالية، ويعول ثلاثة أطفال "عندى مشاكل اقتصادية بالفعل، فأنا أحاول العودة للبيت متأخرا لأتجنب رؤية أطفالى لأننى لا أستطيع كأب أن ألبى كل مطالبهم الأساسية". وارتفع معدل التضخم عن 40% فى ظل أحمدى نجاد، وقال روحانى، إن خفضه يمثل أولوية، وانخفض المعدل دون 35 % مع تطبيق الحكومة سياسات نقدية ومالية أكثر تحفظا. ومن الممكن أن يقضى إصلاح الدعم على ما تحقق من تقدم على الأقل بصفة مؤقتة.