قال الأسير المقدسي المحرر سامر العيساوي صاحب أطول إضراب عن الطعام في تاريخ البشرية إن الأسرى الفلسطينيين ضحوا بسنوات من حياتهم فداء لأرضهم وشعبهم، وبالتالي يجب على القيادة الفلسطينية أن تتولى مسؤولياتها تجاههم وتحررهم من الأسر، مؤكدا أن الوحدة الوطنية هي السبيل لقوة وانتصار الشعب الفلسطيني. وأعرب العيساوي، في مقابلة مع مراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط في رام الله من بلدته العيساوية بالقدسالمحتلة، عن سعادته البالغة بانتصار "إرادة الأمعاء الخاوية" على قوة السجان الإسرائيلي، معتبرا أن الإفراج عنه بعد 9 أشهر من الإضراب وعودته إلى القدس يشكل انتصارا للحركة الفلسطينية الأسيرة بشكل عام. وأضاف العيساوي، صاحب لقب "بطل معركة الأمعاء الخاوية"، أنه اعتقل من قبل 5 مرات وقضى سنوات عديدة من عمره في السجن لكن تحرره من قيد السجان الإسرائيلي هذه المرة جاء بانتصار مختلف، حيث نجح بصموده في رفض مساومات إبعاده عن القدس مقابل الإفراج عنه وشعر بالقيام بواجبه تجاه أرضه وشعبه والشهداء والجرحى والحفاظ على جميع التضحيات التي قدمت من أجل القضية الفلسطينية. وأشار إلى أنه خرج من سجن "شطة" الإسرائيلي وهو يشعر بنشوة الانتصار لأنه تمكن من الحصول على حريته، مما يزرع الأمل في قلوب باقي الأسرى بأنه لا شيء مستحيل أمام الإرادة والتحدي. وأوضح العيساوي أن عمليات التهويد لمدينة القدس واقتحامات الأقصى ومخططات تقسيمه تصاعدت في الآونة الأخيرة بشكل خاص، وبالتالي أصبحت هناك حاجة أكثر من أي وقت مضى للتأكيد على هوية القدس العربية الإسلامية الخالصة، وهو السبب الرئيسي لرفضه عروض الجانب الإسرائيلي بإنهاء الإضراب ونيل حريته مقابل الابتعاد عن القدس. ولفت إلى أنه بعد 4 أشهر من بدء الإضراب ظهرت تلميحات من إدارة السجن بوقف الإضراب مقابل الإفراج عنه وتوجهه إلى غزة أو أي مكان آخر غير القدس، وأثناء الأشهر الثلاثة الأخيرة من الإضراب عرض عليه بشكل رسمي الذهاب لغزة أو أية دولة أخرى خارج فلسطين لمدة 10 سنوات. وأكد أنه رفض المساومات بشكل قاطع لأنه دخل في الإضراب عن قناعة تامة وبهدفين لا ثالث لهما: الشهادة أو الحرية، وأيضا الحفاظ على مضمون صفقة "وفاء الأحرار" التي تمت مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، موضحا أن قبوله لتلك المساومات كان سيعني ضياع كل تضحيات سكان قطاع غزة الذين لا يزالون محاصرين حتى اليوم نتيجة اختطاف شاليط . وحول كيفية تعايشه مع الإضراب الأطول على الإطلاق في تاريخ البشرية، قال العيساوي إنه كان يحقن بالجلوكوز والفيتامينات في بعض الأحيان لإطالة أمد الإضراب، وأنه كان يصعد الإضراب أحيانا للضغط أكثر على الجانب الإسرائيلي بسبب الظلم الواقع عليه بإعادة اعتقاله دون وجه حق من خلال الامتناع حتى عن شرب الماء 6 مرات. وأشار إلى أنه مر بأوقات صعبة لكن الهدف كان أكبر منه، وفي الفترة الأخيرة قبل الإفراج عنه لم يكن يشعر بصعوبة الإضراب لأنه كان مقتنعا بأن قلبه طالما لا يزال ينبض، رغم ضعف حالته، فثمة إمكانية لخروجه من السجن، مؤكدا أن كل يوم مر عليه بالسجن كان بمثابة إنجاز لأنه لا يزال على قيد الحياة فكان تفكيره في هدف الإضراب أكثر من اهتمامه بنفسه. وأوضح العيساوي أن إدارة السجن سعت طوال التسعة أشهر فترة الإضراب إلى إحباط عزيمته من خلال إبلاغه بعدم وجود التفاف شعبي حول إضرابه وأنه سيفشل وسيقضي 20 سنة داخل السجن وهو مريض، لكنه تمكن من توصيل إصراره بعدم إنهاء الإضراب إلى الإدارة، فزاره المستشار القانوني الإسرائيلي وعرض عليه الخروج والبقاء في أوروبا 5 سنوات وليس 10 ، إلا أنه رفض تماما أيضا. وقال إأن الأسرى رسالتهم واضحة، فهم جنود أرسلتهم القيادة الفلسطينية للقيام بواجبهم فداء لأرضهم وشعبهم والآن هم وراء القضبان، لذا يجب على القيادة الفلسطينية القيام الآن بواجبها تجاههم وإطلاق سراحهم، لأنه من غير معقول أن يظلوا داخل السجون ويتم التحدث عن أسير قديم وآخر جديد. وأكد أن مطلب الأسرى الأول هو إنهاء الانقسام وإعادة الوحدة الوطنية، فبدونها ازداد الضعف في الجبهة الفلسطينية، وبالتالي تزايد الاستيطان والاعتداءات على الفلسطينيين واقتحامات الضفة الغربية والهجمة الشرسة على القدس، موضحا أن إسرائيل تتحدث اليوم عن تقسيم للقدس ولا يوجد تحرك لأن الانقسام سبب إحباطا للشعب الفلسطيني وعدم ثقة في القيادة الموجودة. وشدد العيساوي على ضرورة الإفراج عن الأسرى لأن قرارات إعدام تمارس بحقهم مع ملاحظة تزايد حالات الأمراض الخطيرة خاصة السرطان، ووجود ما لا يقل عن 40 حالة في المراحل الأخيرة من المرض وأبلغهم الأطباء بأن أمامهم أشهر معدودة. وعن خططه المستقبلية، أكد العيساوي أنه سيواصل النضال مع التركيز على جيل الأطفال والشباب لتعليمهم الثبات فوق أرضهم للحفاظ على القدس وهويتها حتى تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني، وأنه لا يخشى اعتقاله مرة أخرى. وفيما يخص القضية الفلسطينية، نقل العيساوي رسالة إلى الأممالمتحدة ومجلس الأمن مفادها أن عليهم معرفة أن الأمن والاستقرار العالمي يبدأ من فلسطين وينتهي فيها لأنها تخص 2 مليار مسلم، متوقعا أن أي مساس بالمقدسات يؤدي إلى تفجر الوضع بأية لحظة بالشارع الفلسطيني سينعكس على العالم، وستصبح ظاهرة سلبية لن يستطيع أحد السيطرة عليها. وقال إن الدول الغربية تتحدث عن إرهاب إسلامي، لكننا ننقل لهم أيضا وجود إرهاب صهيوني يرتبط بإسرائيل، ونطالب العالم بدعم فلسطين لمواجهة الإرهاب وعدم الاكتفاء باتخاذ قرارات داخل المؤسسات الدولية، فالمطلوب هي قرارات تطبق على أرض الواقع. وفي نهاية حديثه، أكد العيساوي أنه يقف مع حق الشعوب في اختيار الأنظمة التي تريدها، وأن أي إضعاف للدول العربية يشكل إضعافا للقضية الفلسطينية، لأن فلسطين جزء من العالم العربي وتخص المسلمين والمسيحيين على حد سواء، وأعرب عن أمله في استقرار الوضع في مصر بشكل خاص بصفتها الدولة المحورية في الوطن العربي ونظرا لأنها كانت دائما طرفا أساسيا وأصيلا في القضية الفلسطينية، موضحا أن وفدا من جهاز المخابرات المصري تدخل أيضا خلال فترة إضرابه من أجل الإفراج عنه، وأكد على ضرورة احترام إرادة الشعب المصري.