قالت منظمة العفو الدولية إن معظم الأحزاب السياسية المصرية الكبرى تعهدت بإجراء إصلاحات طموحة في مجال حقوق الإنسان خلال الفترة الانتقالية في البلاد، ولكن بعضها أبدى رفضًا صريحًا فيما يتعلق بالتعهد بإنهاء التمييز، وحماية حقوق المرأة، وإلغاء عقوبة الإعدام. ذكرت المنظمة، في تقرير أصدرته اليوم، الثلاثاء، أنها توجهت، عشية انتخابات مجلس الشعب، بنداء إلى الأحزاب السياسية التي خاضت الانتخابات من أجل التوقيع على إعلان حقوق الإنسان، الذي يتضمن 10 إجراءات أساسية تدلل على الالتزام الجدي بإجراء إصلاحات أساسية في مجال حقوق الإنسان، وبعثت برسائل إلى 54 حزبًا سياسيًا. وأضافت أن تسعة أحزاب وقّعت على البرنامج، إما بأكمله أو على بعض التعهدات الواردة فيه، بينما أبدت ثلاثة أحزاب تعليقات شفهية، وكان حزب الحرية والعدالة، الذي فاز بمعظم المقاعد في مجلس الشعب الجديد، من بين الأحزاب الثلاثة التي لم تقدم ردودًا محددة، بالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها المنظمة من أجل التعرف على آراء الحزب. وقال فيليب لوثر، القائم بأعمال مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: "من الأمور المشجعة، مع انعقاد الجلسة الأولى لمجلس الشعب الجديد هذا الأسبوع، أن كثيرًا من الأحزاب شاركت معنا وأبدت استعدادًا للالتزام بتعهدات طموحة من أجل إجراء تغييرات فيما يتعلق بالتصدي للتعذيب، وحماية حقوق سكان العشوائيات، وضمان إجراء محاكمات عادلة، لكن عددًا منها رفض الالتزام بضمان مساواة المرأة في الحقوق. وبالنظر إلى حصول حفنة قليلة فحسب من النساء على مقاعد في مجلس الشعب الجديد، فمن الواضح أنه لا تزال هناك عقبات كبيرة أمام قيام المرأة بدور كامل في الحياة السياسية المصرية". وأضاف لوثر أن منظمة العفو الدولية "تهيب بمجلس الشعب الجديد أن ينتهز فرصة صياغة دستور جديد من أجل ضمان جميع الحقوق لجميع المواطنين في مصر، وأن يكون حجر الأساس هو ضمان عدم التمييز، وضمان المساواة بين الرجل والمرأة". وأشارت المنظمة إلى أن الحزبين المصريين الوحيدين اللذين وقَّعا على جميع التعهدات الواردة في البرنامج هما الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، بينما وافقت جميع الأحزاب التي ردَّت، وعددها 12 حزبًا، على النقاط السبع الأولى الواردة في الإعلان، كما تلقت تعهدات من جميع الأحزاب تقريبًا بمراعاة حقوق سكان العشوائيات، وبضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لجميع المصريين. وقالت العفو الدولية إن التعهدات العشر في إعلانها لحقوق الإنسان في مصر هي: إنهاء حالة الطوارئ، وإصلاح أجهزة الأمن، وإنهاء الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، ومكافحة التعذيب، وضمان عدالة المحاكمات، وتعزيز الحق في حرية التجمع وتكوين الجمعيات والانضمام إليها، وحرية التعبير، والتحقيق في الانتهاكات التي وقعت في الماضي، وإعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتعزيز حقوق الذين يعيشون في أحياء فقيرة، وإنهاء التمييز، وحماية حقوق المرأة، وإلغاء عقوبة الإعدام. وأضافت أن معظم الأحزاب المصرية وقّعت على التعهد الثامن، المتعلق بإنهاء التمييز، لكن عدة أحزاب أبدت تحفظات على التعهد التاسع، الذي يدعو إلى حماية حقوق المرأة، بما في ذلك ضمان مساواة المرأة في الحقوق المتعلقة بالزواج والطلاق وحضانة الأطفال والميراث، واستندت بعض الأحزاب إلى أحكام الشريعة الإسلامية لتبرير عدم قدرتها على الالتزام بهذا التعهد. وقال لوثر:"إن الاختبار الحقيقي للأحزاب السياسية هو تحويل تلك التعهدات إلى مبادرات في مجلس الشعب؛ من أجل إلغاء القوانين القمعية التي صدرت في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، وإجراء إصلاحات في جهازي الشرطة والأمن، وإقرار قوانين لحماية حقوق الإنسان والتخلص من تركة الانتهاكات، ومن بين أول الإجراءات التي ينبغي اتخاذها رفع حالة الطوارئ، التي كانت موضع انتقادات كثيرة". وأضاف لوثر:"لقد وقف الرجال والنساء جنبًا إلى جنب في التظاهرات التي لعبت دورًا فعالاً في الإطاحة بالرئيس مبارك، وهو ما أدى إلى إجراء هذه الانتخابات"، محذرًا من أن"إنكار المساواة بين الرجل والمرأة سيبدد الأمل في أن مصر ستدخل عهدًا جديدًا من احترام حقوق الجميع وكرامتهم".