اتهمت صحيفة "الجارديان" البريطانية اليوم، الاثنين، الجيش الإسرائيلى وقضاءه العسكرى بإساءة معاملة وانتهاك حقوق الأطفال الفلسطينيين المعتقلين فى السجون الإسرائيلية بتهم إلقاء الحجارة.. ونشرت الصحيفة - فى تقرير خاص من الأراضى المحتلة أوردته على موقعها الإلكترونى - تفاصيل زيارة مراسلها سجن "الجلمة" الإسرائيلى، حيث يتم اعتقال العديد من الأطفال الفلسطينيين فى حجز انفرادى بزنزانة بلا أى منفذ. ووفقاً للتقرير، فإنه يسلط دائماً ضوءاً قوياً على الأطفال يمنعهم من النوم، كما أنهم ينامون على أسِرة متسخة ولا يوجد سوى فتحة صغيرة فى الباب يتم إدخال الطعام من خلالها، وذلك لأيام عديدة وأسابيع دون رؤية أحد أو حتى اللقاء مع محاميهم.. مشيراً إلى أن المهرب الوحيد من هذا السجن الانفرادى هو غرفة التحقيقات التى يساقون إليها مكبلين الأيدى والأرجل، حيث يتم استجوابهم بقسوة لساعات. وقالت الصحيفة: إن معظم الأطفال المحتجزين متهمون بإلقاء الحجارة على المستوطنين اليهود أو التواصل مع منظمات إرهابية ويتم استجوابهم للبوح عن ميولهم والنشاطات السياسية لزملائهم فى الفصل أو عائلاتهم وجيرانهم.. وبالرغم من رفض الأطفال جميع التهم فى البداية فإنهم بعد التعرض للإساءة الجسدية واللفظية والحرمان من النوم والحجز الانفرادى والتقييد فى الكراسى يوقِعون اعترافات مكتوبة تحت الإكراه. وذكرت الجارديان أنه يتم القبض كل عام على ما يتراوح بين 500 و700 طفل فلسطينى من قبل جنود الجيش الإسرائيلى وتوجه لمعظمهم اتهامات بإلقاء الحجارة، وأنه منذ عام 2008 جمعت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال شهادات من حوالى 426 من المحتجزين فى السجون الإسرائيلية. وأوضحت الإفادات وجود انتهاكات وإساءة معاملة ممنهجة لهؤلاء الأطفال، حيث يتم القبض عليهم فى أوقات متأخرة من الليل، ويتم تقييد أياديهم وعصب أعينهم، هذا بالإضافة للإساءة الجسدية واللفظية. وقالت الصحيفة: إنه لم يتم السماح لأهالى هؤلاء الأطفال بالوجود معهم ووجودهم فى سجون داخل إسرائيل مما يصعب من وصول أهاليهم إليهم، بالإضافة لعدم وجود محامين أثناء أو قبل الاستجوابات مما يشكل انتهاكًا لاتفاقية "جنيف" والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل. واطلعت الجارديان على تسجيلات صوتية ومرئية تم تسجيلها أثناء استجواب طفلين يبلغ عمرهما 14 و15 عاما حث ظهر عليهما الإعياء الشديد وتم استجوابهما لمدة خمس ساعات ولم يتم إطلاعهما على حقهما القانونى فى التزام الصمت.. كما لم يوجدد محام للدفاع عنهما.. ووفقا للتقرير، حاول طفل من شدة الإعياء إسناد رأسه على الطاولة إلا أن المحقق نهره بشدة. كما ظهر فى الفيديو أيضًا محقق يقوم بإشارات مهددة للطفلين مما دفع أحدهما للبكاء بشدة قائلا: "إن لديّ امتحان فى صباح اليوم التالى وأخشى أن يفوتنى وأرسب". ونقلت الصحيفة أيضًا شهادات أطفال آخرين تم احتجازهم فى السجون الإسرائيلية أفادوا بتعذيبهم وتعرضهم للإساءة الجسدية واللفظية، حيث أشار أحدهم إلى تعذيبه بواسطة الصاعق الكهربائى أثناء استجوابه.. وأفاد طفل آخر أن جنديا إسرائيليا حمله مقلوبا من قدميه وهدده بإلقائه من النافذة إذا لم يعترف بإلقاء الحجارة على مستوطنين يهود.. بالإضافة لتهديدهم باعتقال أفراد من عائلتهم إذا لم يعترفوا بالتهم الموجهة لهم. وقالت الصحيفة: إن العديد من الوفود البرلمانية البريطانية حضرت جلسات استماع لأطفال فلسطينيين متهمين بإلقاء الحجارة خلال العام الماضى، وقال أحد أعضاء هذه الوفود معلقا على هذه المحاكمات إنهم شاهدوا أطفالا صغارا خائفين فى عملية مذلة لا يمكن أبدًا أن تسميها عدالة ويتم الحكم عليهم فى خلال خمس دقائق، وإن الطريقة التى يتم التعامل بها مع هؤلاء الأطفال تضع عوائق أمام محاولات إسرائيل لإقامة علاقات سلام مع الفلسطينيين. وقال أحد المسئولين فى الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال: إن أسرع وسيلة لخروجهم من السجون الإسرائيلية هو اعترافهم حتى ولو كان تحت الإكراه، وهو ما حدث فى معظم الحالات الموجودة الآن أمام القضاء العسكرى، بالرغم من أن هذه يضر بموقفهم القانونى فى المستقبل. وزعم الجيش الإسرائيلى المسئول عن معظم هذه الاعتقالات فى الضفة الغربيةالمحتلة، أن النظام القضائى العسكرى ملتزم بتوفير جميع الحقائق للمتهمين ويتمسك بممارسة حقوقه فى المواقف الخطيرة والمعقدة.. ونقلت صحيفة (الجارديان) فى تقريرها قلق منظمات حقوق الإنسان من تأثير هذه الاعتقالات -على المدى الطويل- فى نفسية هؤلاء الأطفال الفلسطينيين، حيث إنه بالرغم من إظهار بعض الأطفال تقبلهم وتحديهم لهذا الوضع، فإنه بعد الجلوس معهم بضع دقائق يتضح مدى تأثرهم بمثل هذه التجربة، حيث قال بعضهم إنه لا يريد أن يرى جنديا مرة أخرى أو يمر عبر أى نقطة تفتيش مجددا خوفا من أي تجربة مماثلة. وقال مدير إحدى المؤسسات المسئولة عن إعادة تأهيل هؤلاء الأطفال: إن البعض يعتقد أن الأمر انتهي بخروج الأطفال من السجن، إلا أن هذا ليس صحيحًا، فبعد خروجهم تبدأ الآثار النفسية لهذه التجربة والصدمة، وقد يظهر على بعض الأطفال اضطرابات النوم والكوابيس. واختتمت الصحيفة تقريرها مطالبة السلطات الإسرائيلية بضرورة مراعاة هذه الآثار النفسية فى الأطفال المحتجزين وأنه بعد خروجهم قد يشعرون بالغضب من الظلم الذي وقع عليهم وقد يرغبون في الانتقام، وأنه من المحزن رؤية الألم الذي يمر به أطفال فلسطين بعد تعرضهم له من قِبل النظام الإسرائيلى.