ربما كان العنوان الأدق هو "الجرد السنوى للثورة" وليس "حصاد الثورة"، ففى الجرد استعراض وتسجيل لكل الأحداث من إيجابيات صنعتها الثورة إلى سلبيات دُست عليها. الحصاد مصطلح مرتبط بجنى الثمار، والثورة هى ثمرة الفعل الثورى الذى يؤدى إلى تغيير جذرى فى النظام السياسى والاقتصادى والاجتماعى. وحيث إن الفعل الثورى مازال متعثرا ولم يصل إلى منتهاه ولم يحقق التغيير المنشود، والحالة الثورية هى السائدة والمسيطرة على الثوار، تصير الثورة -باعتبارها بارقة أمل فى بحر اليأس الدامس- هى التعبير الأفضل عن الفعل الثورى، والمحفز على تحقيق مطالب الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية. الثورة مازالت مستمرة بالرغم من الضربات القاتلة التى تواجهها من رفاق تخلوا عنها وتربص الأعداء بها إلى غرماء يعملون على تحويل مسارها، فجماعات تريدها حركة إصلاحية بتغيير يناسب طبائعها، والمجلس العسكرى يريدها انقلابا يستبدل فيه رأس الحاكم المخلوع بآخر مصنوع حسب المقاس. ولأن الثورة أمل وللحصاد ثمار فالتمسك بالعنوان أعلاه تشبث بتحقيق الثورة، وجرد الأحداث عمل موضوعى لمعرفة مواطن الضعف والقوة: 1- لأول مرة فى مصر يثور شعب بالأصالة عن نفسه على سلطته الحاكمه ويخلعها من الحكم بفعل ثورى سلمى. 2- التغيير فى تفكير الشعب وعدم التغيير فى عقلية السلطة العسكرية الحاكمة، واصبح الشعب فاعلا وليس مفعولا به. 3- الثورة كانت كاشفة للانهيار الاقتصادى وليست صانعة له. 4- لأول مرة لا يحضر اليهود مولد "أبو حصيرة" بمحافظة البحيرة. 5- لأول مرة يتم إنزال العلم الصهيونى من فوق سفارة العدو الصهيونى بالدقى، وفرار السفير الصهيونى إلى الأرض المحتلة "فلسطين". 6- تفجير خط الأنابيب مرات عديدة فى "الشيخ زويد" بسيناء لمنع حصول العدو الصهيونى على الغاز المصرى. 7- فرعنة المجلس العسكرى وسوء إدارته للدولة بعد خداعه الشعب والاستيلاء على الثورة. 8- تواصل المجلس العسكرى الحاكم مع الماضى باستراجعه قيادات عفى عليها الزمن وانحسرت عنها الأضواء لإدارة البلاد واستشارتهم، وقطع الطريق على المستقبل وإقصاء شباب الثورة عن إدارة الدولة. 9- المجلس العسكرى خان الثورة، ويحمى "مبارك المخلوع" وأسرته ويقدمهم لمحاكمات وهمية، ويقوم بقتل الثوار وهتك عرض الفتيات المصريات بالكشف عن عذريتهن وسحلهن وتعريتهن فى عرض الطرقات وأمام ناظرى العالم عبر الفضائيات. 10- الفرز بدا واضحا فى كتل انصرفت عن الثورة إلى جمع الغنائم قبل تحقيق مطالب الثورة. 11- سلطة عسكرية حاكمة تعمل على الوقيعة بين الشعب وقواته المسلحة. 12- انفلات أمنى (يسأل عنه المجلس العسكرى) مصحوب بسلب ونهب واغتصاب. 13- لأول مرة تتنحى الدولة بقضائها وشرطتها وتحل المجالس العرفية بقيادة شيوخ الجماعات عوضا عنها فى حل منازعات القانون أولى بها. أيام ويمر عام على بداية الثورة التى انبثق فجرها يوم الخامس والعشرين من يناير 2011، والثورة تتلقى الضربات من رفاق وغرماء، ودماء الشهداء ترسم على أرض الميادين علامة النصر، والأحياء الذين عند ربهم يرزقون ينظرون من عل على أرضنا آملين فى عدل البشر، وأن يأتى يوم الخامس والعشرين بعد عام من بداية الثورة المستمرة يروا القاتل السفاح "مبارك المخلوع" بجوار رفاقه وابنائه القتلة والسفاحين فى سجن طرة مع عصابته بعيدا عن منتجعه الطبى ذى الخمسة نجوم، فهل أهون من هذا رجاء؟ وهل أبسط منها أمنية؟ أن يجد الشعب قاتل أبنائه فى المكان الطبيعى وهو السجن. كيف ينعم من يخون الوطن بالرفاهية والحماية، ويقتل الشباب وتخرم أجسادهم وتصفى عيونهم ويقادون إلى المحاكمات العسكرية جراء اعتراضهم على ظلم ماض وظلم مازال ساريا؟ هل تتوحد القوى الوطنية على هذا المطلب البسيط ليلتقط المصابون وأهالى الشهداء أنفاسهم، وتسكن أرواح الشهداء وتشعر أن رفاق الدرب الأحياء لم يفرطوا فى الثورة ولم يخونوا دماءهم، وأنهم مازالوا للعهد حافظين وللثورة حامين؟ وجود مبارك المخلوع فى المنتجع الطبى بعيدا عن السجن أكبر تحد جارح لمشاعر المصابين وأهالى الشهداء، وقد يدلل على أن ما حدث يوم 25 يناير ليس ثورة بل هو فعل بلطجى أزاح حاكما عجوزا وأبقى نظاما فاسدا. استمرار الثورة وليس مناشدة العسكرى بتسليم السلطة هو أقصر الطرق لتسلم المدنيين السلطة. حسن الظن والصبر طويلا على المجلس العسكرى فى حكم البلاد يوقع الشعب فى مغبة الفتن ودوامة العنف. يا أيها الثوار، بعد عام من بداية الثورة، أزيحوا المجلس العسكرى وحاكموه قبل ان يلفق لكم اتهامات تقودكم إلى حبال المشانق فى ميادين التحرير.