أكدت مصادر سياسية أن وثيقة المبادئ الدستورية قد انتهى معدوها من صياغتها في أروقة وزارة الدفاع بحدائق القبة وخاصة في أروقة قسم الدراسات السياسية بعد أكثر من خمسة أشهر من البحث وجمع المعلومات، وذلك قبل عودة "السلمي" من رحلته العلاجية في العاصمة البريطانية لندن، حيث أراد المجلس أن يجمع فريقًا آخر من جميع التيارات لإعداد هذه الوثيقة أو بمعنى أدق يقربهم منه في مناصب كبرى كتلك التي شغلها الدكتور معتز بالله عبد الفتاح في مجلس الوزراء كمستشار سياسي ل "شرف" المحسوب على التيار الديني ضمانًا لحصول أكبر قدر من التوافق عند إعداد هذه الوثيقة، وهو نفس النهج الذي اتبعه المجلس في إعداد الإعلان الدستوري الذي تم الاستفتاء عليه في مارس الماضي، حيث أتى بأحد المستشارين المحسوبين على جماعة الإخوان وأحدهم من المحسوبين على تيار ليبرالي.. وهكذا أصبح المعدون للوثيقة من المجلس العسكري، وممن هم مِن مأموني الجانب في مناصب حكومية يترأسهم جميعًا نائب رئيس المجلس العسكري بنفسه، وكان قد بقى فقط أن يمارس "السلمي" دوره في تنفيذ المهمة الأخيرة وهى طرح الوثيقة للنقاش العام باعتباره نائبًا لرئيس الوزراء للتنمية السياسية، رغم أنه حضر بعض مناقشاتها في شهر أغسطس الماضي قبل إصابته بجلطة، بل قد لا يكون الأمر مفاجأة إذا قلنا أن اختيار "السلمي" نفسه في منصبه كنائب لرئيس الوزراء للشؤون السياسية تحديدًا كان من أجل هذه الوثيقة بلا مبالغة، لأن المجلس العسكري من منطلق استيعابه الجيد للتيارات السياسية والفكرية (الليبرالية والإسلامية والعلمانية) استطاع أن يتوصل إلى أن التحالف الذي كان قد أقامه حزب الوفد مع جماعة الإخوان المسلمين يمكن أن يستفيد منه في تمرير هذه الوثيقة بكل ما فيها من اعتراضات على الصلاحيات و"الوضع الاستثنائي" الذي يريده المجلس للقوات المسلحة في الدستور الجديد، فحزب الوفد حزب ليبرالي وجماعة الإخوان يعرف عنها أنها الجبهة الإسلامية الأكثر تنظيمًا وتأثيرًا في الشارع وهو بذلك يكون قد جمع الحُسنيين، حتى أن "السلمي" بات يعرف ب "مهندس التحالف بين الإخوان والوفد" قبل توليه المنصب، لولا الانشقاق الذي وقع بين الجبهتين والذى أدى إلى هذا الطوفان من الاتهامات من جانب الإخوان ومن بعده جميع التيارات الإسلامية والسلفية بتخوين المجلس العسكري ورغبته في الاحتفاظ بالسلطة وبإعطاء صلاحيات واسعة للمجلس في المادتين 9 و10 من الوثيقة ، كما أن تلك المادتين ربما تكونا أهم سبب في ترك المستشار السياسي لرئيس الوزراء لمكانه في أروقة الحكومة بعدما علم بنية المجلس العسكري، ولم يجد حرجًا في أن يعلن عبر برنامجه التليفزيوني استقالته من منصبه كمستشار لشرف وانتقل إلى الجانب الآخر من الشاطئ، وراح يبسط قلمه في مقالاته اليومية للهجوم على المجلس العسكري وأدائه. الخطأ الذي ربما يكون هو سبب هذا الهجوم المباغت لوثيقة "السلمي" أو وثيقة المجلس العسكري هو إصرار المجلس العسكري على تمرير الوثيقة رغم عدم اتفاق جماعة الإخوان على المادتين 9 و10، وهذا ما أدى لهذا الفراق بعكس الإعلان الدستوري الذي تم التوافق عليه من جانب الجماعة وفي أروقة المجلس العسكري. والحاصل الآن أن "السلمي" يجري اتصالات مكثفة مع الجماعة لإقناعهم بتغيير موقفهم من هاتين المادتين لينضموا إلى صف المؤيدين وهم أحزاب "الكتلة المصرية" و125 حزبًا ومنظمة من منظمات المجتمع المدني، حتى أنه ظل بمقر مجلس الوزراء ساعات طويلة أمس عقد فيها بعض الساعات اجتماعًا مع "شرف" وليس العكس لهذا الغرض، حتى أنه عندما غادر "شرف" مقر المجلس عاد "السلمي" ليجلس في مكتبه ساعات أخرى لإنهاء المهمة المطلوبة منه، أو سيكون أمام المجلس العسكري والسلمي أن يغيرا من هاتين المادتين لينالا التوافق الذي أرادوه دومًا لكل قراراتهما وإجراءاتهما التي اتخذوها، أو يحدث توافق بين الطرفين على صيغة جديدة تقلل من تدخل "العسكري" في عمل السلطة التشريعية (البرلمان)، وتحد من هيمنته على رئيس الجمهورية المنتخب. خمسة أحزاب بالإسكندرية ترفض وثيقة السلمي وتدعو لمليونية