من يتجوّل بميدان التحرير عصرا يجد الجميع في حالة سكون بسبب قيظ الشمس ولهيب أشعتها .. المعتصمون في خيامهم التي يتمركز أغلبها في الكعكة الحجرية وسط الميدان ؛ والباعة هنا ، كما يقولون ، ليسوا ضيوفا علي الثورة إنما جزء منها " قلقون عليها " و" متضامنون معها " ! حمادة الأسيوطي واحد من هؤلاء الباعة ، شاب في العقد الثالث من عمره .. متزوج لكنه لا يعول ، يقف أمام مدخل ميدان التحرير من ناحية شارع طلعت حرب خلف عربة " تين شوكي " ولا يبذل مجهودا كبيرا ليجتذب زبائنه ، فالحر كفيل بذلك .. يرفض الفتي الصعيدي اتهامه باللامبالاة فيما يخص موقفه من الثورة ، فهو متفاءل بما حدث لكنه متوجس مما هو قادم . .هل تعتقد أنك حينما تنجب سيجد طفلك تعليما وعلاجا جيدا بسبب الثورة ؟ يبتسم بائع التين ولا يمنحنا إجابة قاطعة ، فقط يقول " أتمني " . هل تبيع الآن أفضل من ذي قبل ؟ يجيب : الأرزاق بيد الله ، والوضع ليس أفضل كثيرا ، أعتقد أننا سنعيش بحرية أكثر الأعوام المقبلة . يقاطع أحد الزبائن حديث " الأسيوطي " ويطلب منه واحدة من التين الشوكي " فيبتسم البائع الشاب معتذرا لجهاز التسجيل الصغير لدي ّ ، مشددا علي أن مصر ستكون أفضل .