لا أتمنى يوما أن يجبرنى طريقى إلى أماكن عملى على أن أمر بميدان التحرير ..ذلك الشعور ينتابنى منذ أن بدأت الثورة فى التعطل بمليونياتها التى لا أعرف حتى الآن ماذا كان الهدف منها. لست من الفلول.. بل إننى أشعر بأن الثورة ردت إلىّ روحى وأملى الذى يجب أن أتمسك به فى السير فى شوارع مصر كأننى أتحرك فى أروقة منزلى.. ولكن هذا الشعور سيطر على عندما أيقنت فى المليونيات التى قمت بتغطيتها- إلا قليلا منها- أن البلطجية ركبوا الثورة. نعم .. البلطجية ركبوا الثورة، فلا يستطيع الثوار منذ مليونية التطهير حتى اليوم استرداد الميدان الذى حوى ثورتنا المجيدة من أيدى البلطجية. لقد عرف البلطجية من أين تؤكل الثورة.. فمنذ البداية وبعد تنحى المخلوع فى 11 فبراير 2011، بل إنهم من قبل هذا الموعد بكثير تحركوا ليكونوا ضمن المستفيدين منها والمنتفعين بدماء شهدائها. كثيرا ما كنت أتمنى أن يترك لقلمى المجال حتى يرسم صورة ميدان التحرير فى كثير من مليونياته المصطنعة والتى كنت أطلق عليها حينا "مليونيات بائعى التين الشوكى" وحينا آخر" مليونيات بائعى الشاى".. نعم الأمر فى معظم تلك المليونيات لم يكن يرقى لثورتنا بل كان مجرد جو مصطنع لترويج ما يبيعه بلطجية سيطروا على الميدان فى سهو من الثوار. دعونى أسترجع معكم مواقف من الميدان فى المليونيات التى تبعت ثورة شباب مصر المجيد النابض الذى هزم بجلده وإصراره وقوته الظلم الجاثى فوق صدور المصريين منذ ما يزيد على 30 عاما. اعتصامات الثوار.. خيامهم.. تجمعاتهم.. وفى مقدمة ذلك كله الباعة الجائلين الذين مثل "البلطجية" نسبة كبيرة منهم.. أعرف إننى قد اتهم بالجور على الباعة ولكن هذه هى الحقيقة.. فمنذ أيام كتب زميلى محمد غنيم "زوار التحرير" وها أنا اليوم أكتب أن ميدان ثورتنا سيطر عليه البلطجية. شهادة حق.. أنا لا أريد إلا أن أوضح لمن أراد النزول معى فى 25 يناير ليستكمل ثورتنا ألا يقع فى فخ البلطجية مرة أخرى، فرغم أن المسئولين عن قيادة الدفة أخطأوا فى عدم تقدير حجم الثورة إلا أننى متأكد من أن هناك من كان يقف وراء تفاقم الأحداث فى كل من محمد محمود ومجلس الوزراء.." طرف ثالث." نعم أؤكد أن هناك طرفا ثالثا مثلما أكد الكثير من الخبراء المتابعين للموقف.. ولكنى بعين شاهد عيان وليس خبيرا أضم الباعة الجائلين للمتهمين فى كونهم طرفا ثالثا.. فالقنابل التى كانت تسقط بين الثوار من قوات الأمن المركزى كانت تملأ جيوب الباعة والبلطجية الذين اختلطوا بالثوار بالأموال من بيع الكمامات التى لم يعرف حتى الآن كيف توافرت بهذا الكم لتروج تجارتها بشكل كبير من اشتعال الأزمة بين الشعب وشرطته وجيشه. فى 25 يناير الماضى كان المعترض على ظلم الحاكم لا يريد أن يسرق حقه بل إنه كان يريد أن يصل إليه حقه بطريقة سلمية وبدون تخريب منه .. وهذه شيم الفرسان.. أما من رأيتهم وسط المتظاهرين الثوار، ليسوا ثوارا بل بلطجية اتخذوا شرعية الثورة ستارا للانتقام من مصر على ما فعله مبارك بهم. أطفال الشوارع كلمة السر التى كانت وراء كل الفوضى التى شهدتها مصر خلال الفترة الأخيرة.. تريد أن تراهم اذهب إلى التحرير يوما وحاول أن تناقش أحد الباعة أو تفاصله فى السعر الذى يبيع به.. حاول.. ستجد العشرات منهم يحيطونك لا تزيد أعمارهم على 15 سنة ولكن التشرد يظهر فى أعينهم.. ستجد نساءً يلفظن بألفاظ لا يستطيع رجل تحمل سماعها.. باعة الشاى والذرة المشوية والسجائر والمناديل والمياه الغازية. أحذرك أن تحاول استفزازهم فلقد رأيت كيف يتعاملون مع بعضم حال حدوث خلاف بينهم.. رأيت أحد باعة الشاى يشتبك مع آخر فقذفه بالماء المغلى الذى أعده لعمل الشاى الذى يبيعه.. ورأيت آخر منعه المتظاهرون من استفزاز قوات الأمن القابعة خلف الجدار الأمنى فى شارع الشيخ ريحان فأخرج سلاحا أكبر من السكين وأصغر من الساطور عرفت أنه يطلق عليه "سنجة".. نعم .. ستجد من هذه الأسلحة الكثير فى الميدان.. ميدان ثورتنا" السلمية " التى يجب أن نحافظ على سلميتها. افهموا .. التظاهر السلمى حق مشروع لنا جميعا .. ولكن أحذركم من أهداف البلطجية وعاشقى الفوضى الذين يعيشون على أنقاض الشعوب ويستغلون فى تحقيق أهدافهم من تعودوا على العيش فى الأنقاض بدعوى أنهم مصريون ولهم حق التظاهر أيضا.. أحذروا أطفال الشوارع .. احذروا البلطجية.. احذروا .. احذروا أيها الثوار فلقد أصبح فى ميداننا بلطجي. تظاهروا يوم 25 يناير القادم .. جددوا دماء ثورتكم .. استكملوها.. ولكن احذروا تصعيد منتفعى الفوضة .. فإنها ستكلفنا كثيرا من الأرامل، كثيرا من الشهداء، عددا لا حصر له من المصابين ..اللهم قد بلغت اللهم فاشهد. -------- بقلم - محمد جمعة: