" عادى و فيها إيه يعنى ؟!"...بهذا الرد الحاد و الجريء ، بررت طالبة ثانوي وقفتها مع شاب يكبرها بقليل أمام مدرستها الواقعة بحي مصر الجديدة ، لكنها عادت بعد انصراف الشاب لتقول إنه شقيق زميلتها ، وقد جاء لاصطحابها إلي المنزل ، فلما تأخرت عليه أرادت تسليته ، وهذا يحدث بشكل تلقائي و لا يخجل. لكنك ، عندما تنظر إلي محيط المدرسة نفسها، تجد أن الحالة متكررة، الأولاد المنتظرون كثيرون لدرجة تشعرك أنهم قادمون للدراسة، وليس لترقب خروج البنات، وحين تطيل النظر، ستأخذك الذاكرة،ستأخذك ظاهرة وقوف الشباب أمام مدارس البنات إلى الصور القديمة للماضي ، حيث كانت مدارس البنات منطقة محرمة ممنوع الاقتراب منها. أمام مدرسة البنات اليوم،يقف الشباب في الساعة السابعة صباحًا، لا هم لهم سوى مطالعة البنات اللاتي يحملن الكتب على أكتافهن، في طريقهن للفصول،مع بعض الإشارات المتفرقة التي لا يفهم معناها إلا بعد انتهاء اليوم الدراسي ، حيث تتجه البنت إلي كشك تليفونات قريب، وهناك يبدأ فاصل الغرام . و بوصف طالبات التقتهن " المشهد" يمثل كشك التليفونات مرسال الغرام بين طالبات و طلاب الثانوي، كما أنه يشكل هدفا للأولاد الواقفين على البعد على أمل صيد فريسة واحدة . و تلقى سما عادل - طالبة بالصف الأول الثانوي - بعينيها الى الأرض في خجل، وهي تقول " بطلع من المدرسة مكسوفة ، بحس إن كل الولاد اللي واقفين بيبصوا عليً نظرات مش محترمة ". و أضافت :"ساعات بيبقى علينا مجموعة بعد انتهاء اليوم الدراسي فننتظر المدرس حوالى نصف ساعة نقعد محبوسين في المدرسة منطلعش نجيب أكل أو حاجة نتصبر بيها بسبب الولاد اللى واقفين قدام المدرسة ". و توافقها في الرأي آلاء محمد -طالبة بنفس المدرسة- فتقول:" غالباً ما يكون هؤلاء الأولاد طلاب بمدرسة قريبة ، يهربون منها ويأتون لانتظار البنات اللى متفقين معاهم على مقابلتهم أمام المدرسة ، لكن الأمر يتعدى ذلك لأنهم كمان بيتعرضوا لكل بنات المدرسة "،و تستطرد:" كل يوم لازم تسمعى جملة " ممكن رقمك يا أنسة؟" ! و تحكي منار محمد عن معاناتها ، قائلة " الكشك الوحيد اللي جنب المدرسة مينفعش نروح نشتري منه حاجة عشان سمعته أى كلام، و صاحبه بيحب يسترزق من الأولاد اللي بيعزمو البنات،أو البنات اللي بيكلموا فى التليفون أصحابهم اذا تأخروا،أي بنت داخلة الكشك تبقى رايحة تكلم ولد ". و يسترجع عاصم السعيد -مدرس- الماضي قائلا:"زمان كان اليوم الدراسي ينتهى بمدارس البنات قبل البنين بربع ساعة على الأقل،حتى تتمكن البنات من الخروج إلى الشارع على حريتهن و الوصول الى المحطة قبل أن يزدحم الشارع بالبنين." أما م. ر. التي وجدتها " المشهد" تتحدث مع شاب أمام المدرسة، فتحدثت بجرأة لا تتناسب مع سنها، قائلة " عادى و فيها إيه يعنى؟! أنا ساعات يجي أخويا ينتظرنى أمام المدرسة عشان يوصلنى البيت دون أن يتعرض لأى أحد من البنات ".